يقطنون تجمعاً يفتقر إلى الخدمات الأساسية

45 عائلة بدوية في الخان الأحمر..مسلسل تهجير قسري منذ 65 عاماً

صورة

تعيش 45 عائلة بدوية في تجمع الخان الأحمر البدوي شرق مدينة القدس المحتلة حياة قاسية ممتدة منذ 65 عاماً، بفعل مسلسل التهجير القسري الممتد منذ ذلك التاريخ، والممارسات الإسرائيلية القاضية بتضييق الخناق على أهالي التجمع، وحرمانهم من أدنى مقومات الحياة الأساسية.

ولم تكتف إسرائيل بكل ذلك، لتصدر قراراً كان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، إذ أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا بتاريخ 24 مايو الماضي قراراً قضائياً بهدم الخان وترحيل جميع من فيه إلى منطقة النويعمة بمدينة أريحا، في محاولة لتنفيذ المخطط الاستيطاني الكبير المعروف باسم «E1» لربط مستوطنة معاليه أودوميم بمدينة القدس المحتلة، وتوسيع حدود المدينة على حساب الفلسطينيين.

وعقب القرار زارت الإدارة المدنية الإسرائيلية الخان الأحمر وأبلغت الأهالي بعروض الترحيل إلى مناطق تجمع البدو في النويعمة، تمهيداً لقرار المحكمة الإسرائيلية، واقتحم ممثلو مؤسسات إسرائيل الأمنية التجمع في أكثر من مناسبة، وأجروا قياسات مختلفة للمنطقة والبيوت، وفحصوا إمكانية إدخال مركبات وجرافات الهدم والتجريف، وهدد أحد عناصر شرطة إسرائيل الأهالي بتهجيرهم، قائلاً لهم إنه «سيتم إخلاؤهم بالقوة، ومن الأفضل لهم أن يقوموا بذلك طواعية»، لتشرع بعدها الجرافات الإسرائيلية في شق طريق يوصل ما بين الشارع الرئيس ومنطقة تجمع الخان الأحمر، وأزالت الحواجز الحديدية الملاصقة للشارع، لتمهد الطريق لوصول الآليات الثقيلة ومعدات الاحتلال للمنطقة وهدمها.

ورغم تأجيل المحكمة العليا الإسرائيلية قرار الهدم في 4 يوليو الجاري، وإرجاء النظر فيه إلى 15 أغسطس المقبل، فإن قوات الجيش الإسرائيلية أغلقت يوم الأربعاء 11 يوليو من الشهر ذاته مداخل تجمع الخان الأحمر المهدد بالإزالة شرق القدس، حيث استخدمت القوات في حصار التجمع الفلسطيني المكعبات الأسمنتية، فيما أعلنته منطقة عسكرية مغلقة.

خطر التهجير

بفعل قرار المحكمة الإسرائيلية القاضية بهدم تجمع الخان الأحمر يتهدد العائلات البدوية التي تنحدر من صحراء النقب خطر الإخلاء والتهجير القسري من منازلهم التي يقطنون فيها منذ عشرات السنين، لتلاحقهم نكبة جديدة، على الرغم من أن أرض التجمع مملوكة بالكامل ومسجلة في «الطابو» لأهل بلدة عناتا المجاورة.

وتحيط منطقة تجمع الخان الأحمر البدوي شرق القدس عدد من المستوطنات، فيما تعتبرها إسرائيل ضمن الأراضي التي تستهدفها لتنفيذ مشروعها الاستيطاني «E1» الذي يهدف إلى الاستيلاء على 12 ألف دونم ممتدة من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، بهدف تفريغ المنطقة من أي وجود فلسطيني كجزء من مشروع فصل جنوب الضفة عن وسطها.

ويقول حسين أبوداهوك، الممثل عن تجمع العائلات البدوية في الخان الأحمر لـ«الإمارات اليوم»: «منذ ساعات الصباح الباكر نهاية شهر مايو الماضي وحتى الرابع من شهر يوليو الجاري، كثفت قوات الجيش الإسرائيلي استعداداتها لهدم التجمع وتهجير سكانه، واقتحمته وشرعت بمحاصرته بعشرات الجيبات العسكرية، وأغلقت الطرق والمداخل الفرعية المؤدية إليه».

ويضيف: «جرافات الاحتلال أزالت الحواجز والأسلاك الحديدية الملاصقة للشارع الرئيس، وبدأت بتمهيد الطريق لإدخال الآليات الثقيلة والمعدات إلى المنطقة استعداداً لتنفيذ عملية الهدم».

ويصف أبوداهوك قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بالإرهابي، لافتاً إلى أن إسرائيل تمارس كل الطرق من أجل تهجير السكان الفلسطينيين من أراضيهم، وتوطين المستوطنين واليهود مكانهم.

ويحذر عضو تجمع الخان الأحمر البدوي من خطورة قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، قائلاً: «إن عملية الهدم لو تمت فإنها ستطول عشرات المنشآت الزراعية التابعة للتجمع، والتي تملكها العائلات الأربعون التي تعيش في هذا التجمع، وهو ما يعتبر جريمة بكل معنى الكلمة».

ويضيف: «أن إسرائيل تعتبر ترحيل العائلات البدوية مكسباً كبيراً بالنسبة لها، وذلك لقرب تجمع الخان الأحمر من الشارع الاستيطاني رقم 1 ومن المستوطنات التي تستطيع ربطها بالقدس، وتوسيع حدود المدينة المحتلة وضمها إليها، خصوصاً مستوطنة معاليه أودوميم أكبر التجمعات الاستيطانية الجاثمة على أراضي القدس».

ويشير أبوداهوك إلى أن العائلات البدوية البالغ عدد أفرادها 250 شخصاً تخشى من إقدام قوات الجيش الإسرائيلي على تشريدهم وطردهم من منازلهم المبنية من الصفيح والخشب في أي لحظة، بالإضافة إلى هدم المدرسة الوحيدة بالتجمع، التي يدرس فيها نحو 180 طالباً.

ويضم تجمع الخان الأحمر البدوي مدرسة واحدة فقط اشتهرت كثيراً باسم مدرسة الإطارات التي بناها الإيطاليون، ثم توسعت بدعم من الاتحاد الأوروبي، وتخدم خمسة تجمعات بدوية قريبة من الخان الأحمر.

وتقع المدرسة إلى الشرق من مستوطنة «معاليه أودوميم» شرق القدس، إحدى أكبر مستوطنات الضفة الغربية، وعلى أراضي المشروع الاستيطاني الكبير البالغة مساحته 12 كيلومتراً مربعاً، والمعروف باسم «E1»، الذي يهدف إلى ربط المستوطنة بالقدس الغربية.

نضال سلمي

منذ إعلان المحكمة العليا الإسرائيلية قرار هدم الخان الأحمر يعتصم يومياً في الخان عشرات النشطاء من هيئة مقاومة الجدار والاستيطان والمقاومة الشعبية والأهالي من محافظات عدة، تضامناً مع أهالي التجمع، وتصدياً لقرار هدمه، ولتأمين الدعم والمساعدة وحماية المواطنين وبيوتهم وحقهم في الحياة في أرضهم. واعتدت قوات الاحتلال بالضرب على عدد من النشطاء والأهالي أثناء تصديهم بأجسادهم لمحاولة هدم الاحتلال للتجمع، وتشريد سكانه، واعتقلت اثنين منهم.

من جانبه، يؤكد رئيس تجمع الخان الأحمر عيد أبوداهوك أن العائلات البدوية وهيئات المقاومة السلمية ومواجهة الاستيطان لم يتركوا خطوة احتجاجية إلا ونظموها، لوقف قرار الهدم.

ويقول أبوداهوك: «نظمنا تظاهرات خلال شهر يونيو الماضي على الشارع الرئيس الاستيطاني أكثر من مرة، وخضنا احتجاجات كثيرة، ودعونا قناصل الاتحاد الأوروبي، وأطلعناهم على خطورة قرار الهدم، وكانت هذه الخطوات للضغط على المحكمة الإسرائيلية التي أجلت النظر في القرار إلى 15 أغسطس المقبل». ويضيف: «سنعمل على إحباط عملية الهدم في التجمع بكل الوسائل، وما تواجد عشرات النشطاء الفلسطينيين ولجان المقاومة الشعبية وعدد من المتضامنين الأجانب إلا دليل على رفض الفلسطينيين لعمليات الهدم».

مسلسل تهجير

سكان التجمع البدوي الخان الأحمر المكون من 45 عائلة بدوية واجهوا مسلسل التهجير القسري قبل 65 عاماً، عندما هجرتهم القوات الإسرائيلية عام 1953 من صحراء النقب التي تعد موطنهم الأصلي، وفرضت عليهم الإقامة في بادية القدس، التي تفتقر حتى الآن إلى كل الخدمات الأساسية من كهرباء وماء وشبكات اتصال، وانعدام الطرقات العامة، بفعل سياسات المنع التي يفرضها الاحتلال على المواطنين هناك بهدف تهجيرهم.

ويشير عضو لجنة الدفاع عن التجمعات البدوية، عطا الجهالين، إلى أن هذه هي النكبة الثالثة التي يتعرضون لها، فالأولى كانت تهجيرهم عام 1953، والثانية كانت عام 1967.

وكانت إسرائيل، بحسب الجهالين، قد طلبت من نحو 200 من سكان خان الأحمر الانتقال إلى المنطقة التي خصصتها لهم الإدارة المدنية الإسرائيلية على أراضي قرية العيزرية، لكنهم رفضوا ذلك.

ويقول الجهالين لـ«الإمارات اليوم»: «إن إسرائيل طرحت ترحيلنا في عام 2014 إلى بوابة الشمس بالعيزرية في القدس، وفاوضتنا مقابل مبالغ مالية لكننا رفضنا كل الإغراءات».

ويؤكد عضو لجنة الدفاع عن التجمعات البدوية، أن تنفيذ إسرائيل هدم التجمع وتهجير عائلاته سيكون بداية لترحيل بقية التجمعات البدوية، لتنفيذ المخطط الاستيطاني «E1» الذي يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها.

رغم تأجيل المحكمة العليا الإسرائيلية قرار الهدم

في 4 يوليو الجاري، وإرجاء النظر فيه بتاريخ 15

أغسطس المقبل، فإن قوات الجيش الإسرائيلية

أغلقت يوم الأربعاء 11 يوليو من الشهر ذاته مداخل

تجمع الخان الأحمر المهدد بالإزالة شرق القدس.

 

تويتر