يقبعن داخل سجون الكبار.. ويتعرضن للمعاناة ذاتها

الأسيرات القاصرات.. براءة أنهكتها إسرائيل

صورة

بنظرات يملؤها الخوف ارتمت الطفلة الأسيرة ديما الواوي (12 عاماً)، في أحضان والديها عند حاجز جبارة غربي مدينة طولكرم في الضفة الغربية، بعدما أفرجت عنها السلطات الإسرائيلية بعد شهرين ونصف الشهر من الاعتقال، تعرضت خلالها لأقصى أنواع التعذيب النفسي.

340 طفلاً

وفقاً لمعطيات صدرت عن جمعية نادي الأسير الفلسطيني الحقوقية، ومركز أسرى فلسطين للدراسات، فإن إسرائيل تعتقل في سجونها 340 طفلاً فلسطينياً، بينهم 10 فتيات ونحو 100 قيد الاعتقال المنزلي، وثمانية في مراكز إسرائيلية خاصة بـ«الأحداث».

فيما اعتقلت القوات الإسرائيلية، منذ بداية العام الجاري 1150 طفلاً من القدس والضفة الغربية.


منذ اعتقال الطفلة نورهان عواد (16 عاماً)، حتى الآن، مازالت الرصاصات التي أصيبت بها موجودة في أحشائها، وتحتاج لرحلة علاج طويلة ترفض سلطات الاحتلال إجراءها، أو تقديم أي علاج لها سوى المسكنات التي لا تجدي نفعاً مع اشتداد أوجاعها.

مر عام ونصف العام على الإفراج عن ديما، لكنها مازالت خائفة من تكرار تجربة الاعتقال المريرة، التي تعرضت لها كونها أصغر أسيرة، ليس في سجون الاحتلال بل في العالم بأسره، فهي على الرغم من تحررها، إلا أنها تركت خلفها مئات الأطفال القاصرين يعانون ويلات السجون.

واعتقلت إسرائيل الطفلة ديما الواوي في فبراير عام 2016، بتهمة محاولتها طعن إسرائيليين بالقرب من مستوطنة «كرم تسور» المقامة على أراضي مدينة الخليل، رغم صغر سنها وبنيتها الضعيفة، فيما مثلت أمام محكمة عسكرية إسرائيلية، وحكم عليها بالسجن أربعة أشهر ونصف الشهر، إضافة إلى دفع غرامة مالية قدرها 8000 شيقل، الأمر الذي كشف عن تخبط إسرائيل في قوانينها تجاه الأطفال الفلسطينيين، وما يتعرضون له من ويلات التعذيب النفسي والجسدي.

أسوأ تعذيب

تقول الطفلة ديما الواوي، التي التقت معها «الإمارات اليوم» في منزلها بمدينة حلحول شمال الخليل، إن «أوضاع الأسيرات داخل السجون الإسرائيلية سيئة للغاية، فقد اعتقلت دون ذنب أو سبب، وتعرضت لويلات قاسية داخل سجن هشارون الذي قضت محكوميتها خلف قضبانه، وكان أسوأ تعذيب تعرضت له، هو أثناء تنقلها بين السجن والمحكمة العسكرية في سجن عوفر، إذ تعرضت لأقسى أنواع الإذلال والتقييد والاعتداء والتنكيل، فخلال التنقل تم تقييد أطرافها كافة بمقابض حديدية ضيقة، لأكثر من سبع ساعات متواصلة، فيما عصبت عيناها، ولم تشاهد شيئاً حتى حان وقت محاكمتها».

وتشير الواوي إلى أن المعتقلات لم تراعِ طفولتها، إذ عاملتها إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية بوحشية، سواء أثناء التحقيق والاستجواب، أو طوال فترة الاعتقال.

وتكشف الطفلة ديما عن عدم توفير إدارة السجون أي خصوصية لطفولتها، وتعاملت معها كأنها شابة قوية البنية، مضيفة بعد أن اغرورقت عيناها بالدموع: «من أسوأ أنواع التنكيل التي تعرضت لها، التعديات الكبيرة التي يمارسها السجانون ضد الأسيرات الصغيرات، عندما يخوضون ضدنا معركة الاقتحام والتفتيش للغرف».

وتلفت إلى أن الاحتلال لم يقدم لهم طعاماً ملائماً، وكانت تعتمد على ما تشتريه من «الكانتين» على حسابها الخاص.

يوم الاعتقال

في يوم اعتقال ديما (الثامن من فبراير 2016)، لم تكمل الطفلة البريئة طريقها إلى مدرستها كما اعتادت يومياً، وعن ذلك تخبرنا قائلة: «إسرائيل ادعت أنني كنت أحمل سكيناً، وأحاول تنفيذ عملية طعن ضد المستوطنين، كنت أتمنى ذلك لكنني طفلة، وبنيتي ضعيفة، ولا أقدر على المستوطنين، لكنني كنت أمر بجانب المستوطنة في طريقي للمدرسة».

وتضيف أن «مرورها بجانب المستوطنة، في وقت كانت تصعد فيه إسرائيل ممارساتها بحق الشباب والأطفال أرعب المستوطنين، ودفعهم هم والجنود للانقضاض علي كأنني مقاتلة، إذ طرحوني أرضاً وقيدوا يديَّ، لتحيط بي قوة كبيرة من الجنود المدججين بالسلاح، وبعد ذلك نقلوني إلى معتقل الكبار، وهو سجن هشارون في أجواء أشبه بالأجواء الحربية، وحاولوا نزع الاعتراف مني، واتهامي بالقوة والتعذيب».

وهنا تشاركنا والدة الطفلة ديما الواوي الحديث، مشيرة إلى أن ابنتها كانت تريد فقط أن توصل رسالة إلى العالم، في الوقت الذي كانت تنكل فيه إسرائيل بالشباب والأطفال، مؤكدة أن ابنتها لم تفعل أي شيء، سوى مرورها بجانب المستوطنة، وتم اعتقالها هناك.

وتقول والدة ديما: «في يوم اعتقالها، كانت ديما ذاهبة في الصباح كالعادة إلى مدرستها، ووقت الظهيرة كنت أتحدث مع جارتي، فجاء إلى البيت أخي وبعض المعلمات من مدرسة ديما، وأخبروني بأنها اعتقلت».

وتضيف الوالدة أم رشيد الواوي: «ابنتي لم تتجاوز مرحلة الطفولة بعد، فهي تحب اللعب، خصوصاً اللعب الذي له علاقة بالجري والقفز، وغيرهما من الألعاب الرياضية، وكان جميع الأطفال يحبون اللعب معها حيث كانت تمتلك شخصية قيادية بين إخوتها وأصدقائها، سواء في المدرسة أو في البيت».

الأسيرة الجريحة

في 23 نوفمبر عام 2015، اعتقلت القوات الإسرائيلية الطفلة نورهان عواد، من مخيم قلنديا شمال القدس، بعد إطلاق النار عليها بدعوى محاولتها تنفيذ عملية طعن مع رفيقتها وابنة عمتها الشهيدة هديل عواد في مدينة القدس، حيث استشهدت هديل حينها، وأصيبت نورهان بأكثر من 10 رصاصات، وحكمت في ما بعد بالسجن 13 عاماً ونصف العام.

ومنذ اعتقال الطفلة نورهان عواد (16 عاماً) حتى الآن، مازالت الرصاصات التي أصيبت بها موجودة في أحشائها، وتحتاج لرحلة علاج طويلة ترفض سلطات الاحتلال إجراءها، أو تقديم أي علاج لها سوى المسكنات التي لا تجدي نفعاً مع اشتداد أوجاعها، إلى جانب تعرضها للتعذيب والإهمال الطبي.

وإلى جانب الحكم الجائر بالسجن الفعلي ولسنوات طويلة، رغم كونها طفلة، إلا أن إسرائيل حكمت عليها بدفع غرامة طائلة تبلغ 30 ألف شيقل لمصابين مستوطنين، لم تطعنهما أصلاً، بل أصيب أحدهما برصاص حراس المستوطنين العشوائي خلال الحادثة، وآخر بالهلع.

معايير منتهكة

الأسيرة المحررة الطفلة جورين قدح من قرية شقبا قضاء رام الله، التي أفرج عنها بتاريخ 27/‏‏1/‏‏2016 من سجن هشارون، تقول لـ«الإمارات اليوم»، «إن هشارون سيئ للغاية، والأسيرات فيه يعانين أوضاعاً معيشية صعبة، فهناك نقص في الملابس والأغطية الخاصة بالأسيرات».

وتضيف: «كان في بداية الاعتقال هناك مجموعة من الملابس والأغطية، يتم توزيعها على أي أسيرة جديدة تدخل إلى السجن، لكن في الفترة الحالية مع ازدياد عدد الأسيرات داخل السجون، لم يتبق أي شيء من تلك الملابس».

تويتر