الاحتلال هدم منزل العروس.. وزاد العريس تهجيراً

أول حفل زفاف في مراكز الإيواء لمشردي حرب غزة

صورة

تحدياً لسياسة القتل والدمار التي تنشرها إسرائيل في كل مكان، ترسم غزة ملامح حياتها من بين الركام، لتدهش نفسها والآخرين، فقد شهدت مراكز إيواء مشردي الحرب الإسرائيلية أول حفل زفاف لشاب وفتاة هدم الاحتلال منزليهما، وتركهما بلا مأوى، فيما أقيم العرس رغم الخراب بمشاركة أعداد كبيرة من أهالي الشهداء والجرحى، وأصحاب البيوت المدمرة.

العريس هو عمر صالح أبونمر 30 عاماً، شاب يتيم، وزادته الحرب يتماً وتشريداً، فقد كان الموعد المفترض لفرحه هو بعد العيد مباشرة، لكنه تأجل بسبب هدم منزل زوجته، وظروف الحرب القاسية، أما عروسته هبة فياض فتشردت مع والديها وإخوانها من شمال القطاع، بعد أن هدم القصف منزلهم، وحطم كل ما كانت قد تجهزت به لحفل زفافها، ولكن رغم ذلك كانت الفرحة تبدو على محياها خلال حفل الزفاف، وهي تتوج كأول عروس في غزة بعد أسابيع طويلة من أعراس الدم والشهادة.

فرحة عمر بزفافه شهدها مركزا إيواء على مدار يومين متتاليين، الأول كان في مدرسة بيت لاهيا التي نزحت إليها عائلة العروس، حيث أقيمت بداخلها حفلة الحناء للعروس، وهي عادة فلسطينية شهيرة، يشارك فيها صديقات وأقارب العروس من النساء.

أما في مدرسة بنات الشاطئ التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، فكانت هي قاعة الفرح، التي يوجد فيها آلاف المشردين الذين اتخذوا من المدرسة مركز إيواء لهم بعد تشردهم من منازلهم المدمرة، ولكن على الرغم من المأساة التي تسبب فيها الاحتلال، إلا أنهم كانوا القائمين على تجهيز مكان حفل الزفاف وتزيينه، فعندما علموا بأن أحدهم أراد أن يقيم حفل زفافه، أسرعوا لمشاركته فرحته، وأعدوا له كل ما يحتاجه.

وأصر الشاب عمر أبونمر، على إتمام مراسم زواجه على الرغم من عدم انتهاء الحرب، وأن يقيم حفلاً يجمع فيه كل من تشرد من منزله، وذلك لإدخال الفرحة إلى قلوبهم، وتأكيداً على حقه في الحياة.

ويقول العريس أبونمر لـ«الإمارات اليوم»: «أنا شاب يتيم ليس لي أهل، وأعيش لوحدي، ولكن عندما قدر لي الله الخطوبة، واقتربت من الزواج شتتني الاحتلال، لأعيش وحيداً مرة أخرى، فعندما قصف الاحتلال منزل أهلها في شمال القطاع، لم يكن لهم مأوى سوى اللجوء إلى مدارس (الأونروا)، أما أنا فكنت بعيداً عنها في مدرسة أخرى، وكان من الصعب علينا التنقل والالتقاء بسبب شدة القصف».

ويضيف «كنت أقضي فترة النزوح لوحدي داخل مركز الإيواء، وعند علم أحد المسؤولين في (الأونروا) بظروفي، قرر أن يساعدني على إقامة حفل الزفاف، وقد تم الفرح رغم الألم وأعداد الشهداء الكبيرة، فنحن رغم كل الجراح التي تصيبنا، سنكمل مسيرة الحياة، وننجب أطفالاً يواجهون المحتل، ويحررون فلسطين».

وإلى جانبه كانت عروسه هبة فياض تجلس والفرحة تبدو على محياها.

وتقول العروس لـ«الإمارات اليوم»: «إن هذا الحفل يعني لي كل شيء أتمناه، فالفرحة التي حاولت إسرائيل أن تقتلها عندما هدمت منزلنا وحاولت قتلنا، اليوم أحييها أنا وزوجي من جديد، وبمشاركة كل الذين أمعن الاحتلال في قتل أبنائهم وهدم بيوتهم».

وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، هي من احتضنت حفل زفاف عمر أبونمر، حيث سهلت له هو وعروسه كل الإمكانات اللازمة، ووفرت لهما كل ما يحتاجان إليه.

ويقول المتحدث الرسمي باسم الأونروا في غزة عدنان أبوحسنة، إن «ما شاهدناه في حفل الزفاف هو مشهد حضاري، يحمل رسالة سامية لها أبعاد إنسانية».

تويتر