الشرطة تقتل مسلحين من «أنصار الشريعة» في مواجهة شمال العاصمة

طرد الرؤساء الثلاثة من موكب تأبـين عنصرَي حرس في تونس

الرئيس التونسي يغادر موكب التأبين بعد صيحات المحتجين على حضوره مع المسؤولين. أ.ف.ب

أجبرت تظاهرة لقوات الأمن، أمس، الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء علي العريض ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، على مغادرة موكب رسمي تكريماً لعنصرين من قوات الحرس الوطني قتلا برصاص مجموعة مسلحة، فيما قال مسؤول أمني إن الشرطة قتلت اثنين من المسلحين ينتميان إلى جماعة أنصار الشريعة المحظورة في قبلاط شمال العاصمة تونس.

«أنصار الشريعة»

جماعة أنصار الشريعة هي الأكثر تشدداً بين الجماعات الإسلامية التي ظهرت في تونس منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، وتمثل هجمات الجماعة تحدياً لسلطة الحكومة التي يقودها إسلاميون.

وتفصيلاً، هتف المتظاهرون من ممثلي النقابات، بعضهم كان بالزي النظامي، والآخر باللباس المدني، «ارحل» و«جبان» في وجوه المسؤولين الثلاثة، ما أجبرهم على مغادرة الموكب الذي نظم بثكنة الحرس الوطني بالعوينة بالعاصمة التونسية. وغادر الرؤساء الثلاثة المكان بعد تعرضهم لنحو 20 دقيقة لصيحات الاستهجان، دون ان ينبسوا ببنت شفة. وقال أحد المحتجين «لم نعد نقبل حضور السياسيين». وحمل المتظاهرون يافطات تطالب بقوانين «لحماية الشرطيين». ولم يتمكن سوى وزير الداخلية لطفي بن جدو من حضور الموكب الذي أقيم لتأبين رئيس مركز الحرس الوطني بقبلاط واحد مساعديه اللذين قتلا برصاص مسلحين «إرهابيين»، أول من أمس، في قبلاط بولاية باجة التي يبعد مركزها 100 كلم غرب العاصمة التونسية.

وقال الوزير في كلمة قصيرة «نحن جميعاً ضد الإرهاب، إنها حرب ولن نتوقف عن الكفاح». ونظمت نقابات قوات الأمن في الأشهر الأخيرة العديد من التظاهرات وعمليات الاحتجاج للتنديد بنقص الوسائل المتوافرة للتصدي للمجموعات المسلحة الدينية المتشددة التي تشهد تنامياً في تونس منذ ثورة 2011، لكنها المرة الأولى التي يحتج فيها ممثلون عن الشرطة والحرس الوطني على أعلى ممثلي الدولة الذين يحضرون باستمرار مواكب تشييع أو تأبين الأمنيين والعسكريين الذين يسقطون في ساحة القتال.

في الأثناء، قال مسؤول أمني، أمس، إن الشرطة قتلت اثنين من المسلحين الإسلاميين، واعتقلت آخرين ينتمون إلى جماعة أنصار الشريعة المحظورة في قبلاط بعد يوم واحد من مقتل شرطيين اثنين في ما يبدو أنها أعنف مواجهة بعد إعلان الجماعة تنظيماً إرهابياً قبل نحو شهرين. وأكدت وزارة الداخلية مقتل عناصر من هذه المجموعة واعتقال آخرين وحجز أسلحة، من دون أن تعطي تفاصيل إضافية عن عدد القتلى. وشن الطيران الحربي التونسي غارات مُكثفة على مواقع في جبل التلة بمنطقة قبلاط، يُعتقد أن «إرهابيين» يتحصنون بداخلها، وذلك عقب هجمات شنها هؤلاء ضد عدد من المراكز الأمنية.

وقال مصدر أمني تونسي إن الجيش استخدم طائرات من نوع «إف 5» ومروحيات في قصف هذه المواقع، ضمن إطار عملية عسكرية واسعة، أسفرت عن مقتل مسلحين اثنين، واعتقال ثالث. وكانت وكالة الأنباء التونسية الرسمية نقلت عن مصادر أمنية قولها إنه تم العثور على أسلحة وكميات من مادة «الامونيتر» التي يمكن استعمالها في صنع العبوات الناسفة، وذلك أثناء تفتيش منزل كانت «مجموعة إرهابية» تتحصن بداخله، بعد أن اشتبكت في وقت سابق مع وحدة من الحرس التونسي في بلدة «قبلاط».

وكان وزير الداخلية قد قال إن المجموعة المسلحة تنتمي إلى جماعة أنصار الشريعة المتشددة، مضيفاً أن الوحدات الأمنية والعسكرية جاهزة لحماية البلاد من تهديدات أخرى جدية. وقال بن جدو لدى زيارته الشرطي المصاب بالمستشفى إن التنظيم الذي منعت الوزارة انعقاد مؤتمره الثالث هو الذي يقف وراء الهجوم، في إشارة إلى تنظيم أنصار الشريعة المحظور والمصنف «إرهابي»، ويتزعمه أبوعياض الفار خارج البلاد. وأضاف أن قوات الأمن اقتحمت منزلاً في قبلاط كان يختبئ فيه الإرهابيون، ووجدت به عدداً كبيراً من المتفجرات، مشيراً إلى أن عدد الإرهابيين المتحصنين في الجبال القريبة من المنقطة يراوح عددهم بين 20 و25 وهم محاصرون من قبل وحدات من الجيش والأمن. وأكدت وزارة الداخلية في بيان لها في وقت سابق أن «العمليات الأمنية والعسكرية متواصلة» للقبض على عناصر هذه المجموعة.

يذكر أن وحدات مهمة من الحرس والجيش الوطنيين اتجهت أيضاً إلى مدينة الكاف شمال غرب البلاد، إثر هجمات نفذتها عناصر مسلحة إرهابية على مركزين للشرطة في مدينة «غار الدماء» التابعة لمحافظة جندوبة القريبة، على الحدود مع الجزائر، دون أن تسفر عن إصابات. وتقوم وحدات من الجيش بتمشيط المدينة والمناطق القريبة لتعقب العناصر الإرهابية التي لاذت بالفرار، في حين دفعت قوات الأمن الجزائرية كذلك بتعزيزات على المعبر الحدودي «أولاد مؤمن» مع تونس، تحسباً لتسلل الإرهابيين إلى الأراضي الجزائرية. وتقوم وحدات من الجيش منذ أشهر بقصف وتمشيط مناطق بجبل الشعانبي بمحافظة القصرين القريبة من الحدود الجزائرية، حيث تختبئ عناصر مسلحة تنتمي إلى تنظيم أنصار الشريعة ضالعة في الاغتيالات السياسية وفي مقتل تسعة جنود في يوليو الماضي.

تويتر