القاهرة ترفض محاولات تدويل الأزمة المصرية والتهديد بوقف المساعدات
السيسي: مصر تتسع للجميع ولن تـركع للعنف
مدرعة للجيش لحماية المحكمة الدستورية العليا في القاهرة أمس. إي.بي.إيه
قال وزير الدفاع وقائد الجيش المصري، الفريق أول عبدالفتاح السيسي، في كلمة لضباط الجيش والشرطة، أمس، إن رسالته لأنصار الرئيس الإسلامي المعزول محمد مرسي، هي أن «مصر تتسع للجميع»، لكنه حذر أيضا في أول تصريحات علنية له، منذ فض قوات الامن، الأسبوع الماضي، اعتصامين لأنصار مرسي، من انه لن يكون هناك تسامح مع من يلجأ للعنف، وأكد أن «من يتصور أن العنف سيركع الدولة والمصريين، يجب ان يراجع نفسه»، مضيفا «لن نسكت امام تدمير البلاد والعباد، وحرق الوطن وترويع الامنين»، فيما رفض وزير الخارجية، نبيل فهمي، محاولات تدويل الأزمة والتلويح أو التهديد بسحب أو وقف المساعدات، وأضاف أن الأمن المصري سيتم تحديده من مصر نفسها، ومن قبل المصريين أنفسهم، مؤكدا أنه لن يسمح لأي طرف بالانفراد بالقرار أو السلطة في مصر، بينما قرر التحالف الرئيس للإسلاميين إلغاء عدد من التظاهرات، التي كان من المقرر ان تخرج أمس في القاهرة، وذلك لأسباب أمنية.
وتفصيلاً، جاءت كلمة السيسي خلال لقائه رجال المنطقة المركزية بحضور وزير الداخلية، محمود إبراهيم، وعدد من القيادات الشرطية والجيش، وقال الفريق أول «إننا جميعا جيشاً وشرطة شرفاء وأوفياء لمصر لم نغدر أو نخون أو نكيد، وكنا أمناء في كل شيء وحذرنا من أن الصراع السياسي سيقود مصر للدخول في نفق مظلم، وسيتحول إلى اقتتال وصراع على أساس ديني، وإن ما قمنا به من إجراءات كانت شفافة وأمينة ونزيهة، وبمنتهى الفهم والتقدير الدقيق للمواقف والأحداث وانعكاساتها على الأمن القومي».
وأضاف أن النظام السابق وأعوانه، خلال العام الماضي، أضاعوا العديد من الفرص لتعديل المسار السياسي، وإيجاد مساحة من التفاهم بين النظام والقوى السياسية والرأي العام، وذلك من خلال العديد من المقترحات التي ضاعت أمام التعنت والصلف، وعدم الاستجابة لأي نصح حقيقي يخرج البلاد من دائرة الأزمات. والاعتقاد بتآمر الجميع، وأنهم على الحق المبين والباقون على الضلال. وأوضح أن الدعوة التي وجهها لنزول المواطنين لتفويض القوات المسلحة للتعامل مع الإرهاب، كانت رسالة للعالم والإعلام الخارجي، الذي أنكر على ملايين المصريين حرية إرادتهم ورغبتهم الحقيقية في التغيير، ورسالة للآخرين بأن يعدلوا مفاهيمهم وأفكارهم، وأن يستجيبوا لإرادة الشعب.
وأكد السيسى أنه لم يتم التنسيق أو التعاون خارجيا مع أي دولة في الشأن المصري، وأن المصلحة العليا للوطن تقتضي وضع مصلحة مصر وأمنها القومي فوق كل اعتبار، وقدم الشكر والتقدير لكل من قدم العون لمصر من الأشقاء في السعودية والإمارات والكويت والكويت والأردن والبحرين، مؤكدا أن الشعب المصري لن ينسى لهم ذلك. ووجه رسالة لأنصار النظام السابق، مفادها «مصر تتسع للجميع، وإننا حريصون على كل نقطة دم مصري»، وطالبهم بمراجعة مواقفهم الوطنية، وأن يعوا جيدا أن الشرعية ملك للشعب، يمنحها لمن يشاء ويسلبها متى يشاء، وأن حماية الدولة ستبقى أمانة في أعناق الجيش والشرطة والشعب المصري.
بدوره، قال نبيل فهمي في مؤتمر صحافي عقده بالقاهرة «نحن منفتحون على المجتمع الدولي، إلا أن القضية داخلية وسيادية، وعدد كبير من الدول الصديقة شهد أيضا أحداثا مماثلة»، رافضًا أي محاولة لتدويل المسألة المصرية. وأضاف أن التهديد بوقف المساعدات من جانب بعض الدول «مرفوض»، مؤكدًا أنه طالب الجهات الإدارية بمراجعة المساعدات التي تحصل عليها مصر بجدية وبعدالة، وأن «الكرامة المصرية عالية ولن تهتز». وأوضح أن المساعدات الدولية مشكورة لكنها ليست هبات من دون هدف، مضيفا «نشكر المساعدات الدولية وهدفها إرساء الاستقرار الاقليمي». وقال فهمي إن وزارة الخارجية غير قلقة بالاهتمام الدولي لما يقع في مصر. وأشار إلى أن «مصر دولة إقليمية بالغة النفوذ والتأثير، ومن الطبيعي اهتمام المجتمع الدولي بالأحداث» فيها، مرحبًا بالاهتمام والأفكار والآراء البناءة. وأضاف أن «مصر دولة متقدمة، وتعمل في إطار المنظومة الدولية، وليس لدينا أي مشكلات أن نكون محل اهتمام المجتمع الدولي».
وأوضح «هناك تخاذل دوليً في تسليط الأضواء على العنف في مليونية جمعة الغضب». وقال إن القرار المصري لن يخضع لأي ضغط خارجي، بل هو نابع من داخل الإرادة المصرية، مؤكدًا أن «الأمن القومي يحدده المصريون، وأن مصر ملك لشعبها من التيارات المختلفة، سواء الإسلامي أو الليبرالي أو اليساري».
وقال فهمي، لمجلة «دير شبيغل» الألمانية إن قادة الجيش المصري من غير المرجح أن يمددوا فترة حالة الطوارئ، التي فرضت الاسبوع الماضي لمدة شهر. وأضاف «اطمئن أصدقاءنا إلى أننا نطبق خارطة الطريق، للوصول إلى الديمقراطية».
وأشار إلى أن السلطات ترحب بمشاركة أنصار الرئيس المعزول المنتمي إلى جماعة الاخوان محمد مرسي، في حوار حول مستقبل مصر السياسي «فور استعادة الهدوء والنظام». وأضاف «يستطيع الذين لم ينتهكوا القانون المشاركة في العملية السياسية». وانتقد الوزير الحلفاء الغربيين، على انتقاداتهم القاسية للجوء الحكومة لاستخدام القوة ضد المحتجين من أنصار مرسي، ما ادى إلى مقتل المئات. وقال «لقد خاب أملي من عدم اعتراف الغرب وإدانته بشكل أوضح لارتكاب الطرف الاخر اعمال عنف». في المقابل، قالت المتحدثة باسم «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب»، المؤيد لجماعة الاخوان المسلمين، ياسمين عادل، إن مسيرات عدة، كان المقرر ان تنظم في القاهرة «ألغيت لأسباب أمنية».
وعادت الحركة الطبيعية، أمس، إلى شوارع العاصمة المصرية القاهرة، التي كانت خالية في معظمها خلال الايام القليلة الماضية بخلاف نقاط المواجهات، وإن أغلق الجيش عددا من الميادين الرئيسة المهمة، وفرض حظر التجوال خلال الليل، كما عادت البنوك والبورصة إلى العمل لأول مرة، منذ فض اعتصامي أنصار مرسي.
وفي المواقف العربية والدولية، أمر العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي اكد دعم بلاده لموقف السلطات المصرية، بإرسال ثلاثة مستشفيات ميدانية إلى مصر.
وقالت القيادة الفلسطينية، في بيان، إنها «تؤكد دعمها الكامل لمصر الشقيقة، شعبا وقيادة ومؤسسات دولة، في دفاعها المشروع عن أمن مصر ومستقبلها، وعن حق شعبها الشقيق في أن يصون أرض مصر ضد الارهاب، والتدخل الخارجي السلبي». وقالت في بيانها «ان استهداف العصابات الارهابية لجيش مصر وأرضها، إنما هو بغرض إضعاف هذا الدور التاريخي لجيش مصر الباسل، والذي يشكل صمام أمان لحماية المستقبل المصري والعربي من دون استثناء».
وفي نيويورك، دعا الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى وقف التظاهرات العنيفة في مصر، وندد في الوقت نفسه «بالاستخدام المفرط للقوة» من جانب السلطات. وحذر رئيس الاتحاد الاوروبي، هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الاوروبية، جوزيه مانويل باروزو، الجيش المصري والحكومة المؤقتة من أن الاتحاد «سيعيد النظر» في علاقاته مع مصر، إذا لم يتوقف العنف، وتتم العودة إلى الحوار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news