طرابلس تتهم «أزلام النظام السابق» وتعتذر إلى الولايــــــات المتحدة وشعبها

مقتل 4 أميركيين فـــي ليبيا بينهم السفير في احتجاجــات «الفيلم المسيء»

مدنيون ليبيون يحاولون إنقاذ الســـــــــــــــــــــــــــــــــفير الأميركي قبل وفاته. أ.ف.ب

أعلن مسؤولون أميركيون وليبيون، أمس، مقتل السفير الأميركي في ليبيا كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين آخرين في الهجوم العنيف الذي استهدف القنصلية الاميركية في بنغازي، الليلة قبل الماضية، احتجاجاً على فيلم مسيء للإسلام، ودان الرئيس الاميركي باراك اوباما الهجوم وأمر بزيادة الاجراءات الأمنية على البعثات الدبلوماسية الاميركية في انحاء العالم.

وتولى ستيفنز منصبه سفيراً للولايات المتحدة في طرابلس قبل اقل من اربعة اشهر في شهر مايو الماضي، وقدم رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف، أمس، اعتذاراً «للولايات المتحدة والشعب الأميركي» .

وتفصيلاً، قال شهود عيان إن السفير قتل عندما هاجم اسلاميون غاضبون مبنى القنصلية بالقذائف الصاروخية، قبل ان يدخلوا المبنى وينهبونه ويضرمون النار فيه. وذكر مصدر امني في بنغازي، مهد الانتفاضة التي ادت الى الاطاحة بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في 2011 انه يعتقد ان السفير توفي اختناقاً. وتظهر صورة التقطها مصور وكالة «فرانس برس» ستيفنز وهو مصاب بينما تحاول مجموعة من الليبيين مساعدته داخل مبنى القنصلية.

اختفاء الإسرائيلي مخرج الفيلم

اختفى المخرج السينمائي الإسرائيلي المقيم في كاليفورنيا أمس، بعد أن صنع فيلماً يتهجم فيه على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، الأمر الذي أثار غضب المسلمين

في العالم ودفع عدداً من الغاضبين في مصر وليبيا الى الاعتداء على سفارتي أميركا في القاهرة وليبيا، حيث قتل أربعة اميركيين في بنغازي، من بينهم السفير.

وقال المخرج سام باسيل في تحدٍ واضح، من مخبئه عبر الهاتف، إنه يقصد من خلال فيلمه رسالة سياسية تحريضية لإدانة هذا الدين، وقال باسيل، وهو تاجر عقارات في كاليفورنيا، ويعرف نفسه بأنه يهودي اسرائيلي، انه يعتقد ان الفيلم سيساعد بني جلدته على كشف «نقائص الاسلام» الى العالم. وكلف هذا الفيلم وعنوانه «براءة المسلمين» ومدته ساعتان، خمسة ملايين دولار قدمها اكثر من 100 شخص من المانحين اليهود، حسب ما قاله باسيل. ويتعرض الفيلم للنبي محمد بالعديد من النعوت والتهم السيئة، التي سببت إثارة الغضب في العالم الإسلامي.

وجاء هجوم بنغازي بعد ساعات من اقتحام اسلاميين مبنى السفارة الاميركية في القاهرة في احتجاج مماثل على الفيلم الاميركي الذي عرضت لقطات منه على الانترنت وعلى قنوات تلفزيونية خاصة.

وستيفنز كان من بين مؤيدي الثورة الليبية. وقام بمهمة المبعوث الأميركي إلى الثوار الليبيين منذ الاسابيع الاولى للثورة في فبراير ،2011 التي اسهمت طائرات قوات الحلف الاطلسي خلالها بالاطاحة بالنظام الذي حكم البلاد على مدى 40 عاماً، وانتهت بالقبض على القذافي وقتله.

وقال ستيفنز في شريط فيديو بثته الخارجية الاميركية بعد وقت قصير من تعيينه سفيراً لليبيا في مايو 2012 «لقد اسعدني أن أرى الشعب الليبي ينتفض ويطالب بحقوقه». ووصف كيف انه وقع في حب الشرق الاوسط وشمال افريقيا اثناء عمله لمدة عامين مع وكالة «بيس كوربس» للسلام، حيث عمل مدرساً للغة الانجليزية في جبال اطلس في المغرب. وانضم ستيفنز بعد ذلك الى وزارة الخارجية وعمل مسؤولاً في البعثات الخارجية في القدس ودمشق والقاهرة والرياض.

وعمل ستيفنز الذي كان يتقن اللغتين العربية والفرنسية الى جانب الانجليزية في ليبيا نائباً للسفير في الفترة من 2007 وحتى 2009 بعد ان استعادت الولايات المتحدة علاقاتها مع نظام القذافي. ولم يتضح بعد سبب وجود ستيفنز في القنصلية الاميركية في بنغازي وقت وقوع الهجوم، وما اذا كان المهاجمون الذين اطلقوا القذائف الصاروخية على مبنى القنصلية واضرموا فيها النار كانوا على علم بوجوده داخلها.

من جانبه، قال اوباما في بيان نشره البيت الابيض «أدين بشدة الهجوم المشين على البعثة الدبلوماسية في بنغازي، الذي ادى الى مقتل اربعة اميركيين من بينهم السفير كريس ستيفنز». وأضاف «لقد اوعزت لادارتي بتوفير جميع الموارد الضرورية لدعم امن موظفينا في ليبيا وزيادة الامن في مواقعنا الدبلوماسية في انحاء العالم».

وقالت وزيرة الخارجية الاميركية، هيلاري كلينتون، ان مقتل السفير وثلاثة اميركيين آخرين تم على ايدي «مجموعة متوحشة ولكن صغيرة»، في هجوم يجب ان «يهز ضمائر» الناس من جميع المعتقدات.

ووصف المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية ميت رومني رد فعل ادارة اوباما على الاحتجاجات المناهضة للاميركيين التي نفذها إسلاميون في كل من مصر وليبيا بأنه «معيب»، متهماً اياها بالتعاطف مع المتشددين الإسلاميين.

وأعلن مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية ان واشنطن سترسل فريقاً لمكافحة الارهاب من قوات مشاة البحرية الاميركية «مارينز» الى ليبيا لتعزيز الحماية بعد الهجوم الدموي على القنصلية الاميركية.

بدوره، قال المقريف، رئيس أعلى سلطة سياسية في ليبيا، في مؤتمر صحافي «نعتذر للولايات المتحدة وللشعب الاميركي ولكل العالم عما حدث ونحن والحكومة الاميركية نقف في صف واحد في مواجهة هؤلاء المجرمين القتلة»، واصفاً الهجوم على القنصلية بـ«الجبان» و«القذر».

وعبر المؤتمر العام اعلى سلطة سياسية في ليبيا، في بيان عن تنديده بأشد العبارات بالهجوم «الإجرامي». وبحسب المتحدث باسم اللجنة الامنية العليا في وزارة الداخلية الليبية عبدالمؤمن الحر، فإن قذائف صاروخية من نوع «آر بي جي» اطلقت على القنصلية، فيما صرح وكيل وزير الداخلية، ونيس الشارف، بأنه حسب المعلومات الأولية، فإن أزلام النظام السابق استغلوا الاحتجاجات وقاموا بالهجوم المسلح على القنصلية رداً على تسليم عبدالله السنوسي من موريتانيا. وأضاف «إطلاق النار من داخل القنصلية زاد من غضب المتظاهرين وقاموا باقتحام مبنى القنصلية»، ما أدى إلى مقتل الأميركيين الأربعة.

وقال شهود إن متظاهرين ازالوا العلم الأميركي واضرموا النار في القنصلية، وأن صدامات جرت بين قوات الامن ومسلحين وأن الطرق الموصلة الى القنصلية تم اغلاقها. وقال عمر احد سكان بنغازي «هاجم عشرات المتظاهرين القنصلية وأضرموا النار فيها». وذكر شاهد آخر ان سلفيين كانوا بين المهاجمين، مشيراً الى حدوث اعمال نهب وتخريب.

ودان الأمين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن بشدة، أمس، الاعتداء على القنصلية الاميركية. وأضاف «لا يمكن تبرير هذا العنف. وأقدم تعازي الى عائلات وذوي الذين قتلوا، واتوجه بأفكاري الى المصابين».

ودانت المفوضة السامية للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون بأشد العبارات الهجوم، ووصفته بأنه «دنيء». ودان الفاتيكان «الإهانات والاستفزازات» لمشاعر المسلمين وكذلك اعمال العنف الناتجة عنها.

تويتر