المعارضون يعتبرون خطاب الرئيس السوري « غير كافٍ » ويعلنون استمرار « الثورة »

الأسد يدعو إلى « حوار وطني ».. وتــــــظاهرات تـطالب بإسـقاطـه

الأسد: سورية في لحظة فاصلة بعد أيام صعبة. رويترز

دعا الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، إلى «حوار وطني» قد يفضي إلى دستور جديد ويخرج سورية من الأزمة التي تواجهها، في خطاب اعتبره معارضوه أنه «يكرس الازمة» داعين إلى استمرار «الثورة» حتى تغيير النظام. فيما سارع المحتجون عقب انتهاء الخطاب الى الخروج للتظاهر في مدن عدة سورية مطالبين بالحرية ورافضين وصف الأسد لهم «بالمخربين».

وقال الرئيس السوري في الكلمة التي ألقاها في جامعة دمشق ووجهها الى الشعب السوري إن «المؤامرة» ضد سورية تزيدها «عزة ومناعة»، مؤكداً ان سورية في «لحظة فاصلة» بعد «أيام صعبة».

وأكد انه ستتم محاسبة كل من أراق الدماء أو تسبب في اراقتها. وأضاف ان «الضرر الحاصل أصاب الجميع والمحاسبة حق للدولة كما هي حق للافراد».

وبعد ان تحدث عن وجود «مؤامرة بالتأكيد»، قال الاسد ان «المؤامرات كالجراثيم لا يمكن إبادتها، انما يجب ان نقوي المناعة في أجسادنا».

ودعا الاسد الى «حوار وطني» لإخراج سورية من الازمة التي تواجهها منذ بدء الحركة الاحتجاجية في مارس الماضي، مؤكدا ان هذا الحوار يمكن ان يفضي الى دستور جديد. وقال ان «الحوار سيكون شعار المرحلة المقبلة».

وأضاف ان «مستقبل سورية اذا اردناه ان ينجح مبني على هذا الحوار»، مشيراً الى ان «لجنة الحوار ستعقد اجتماعا قريبا يدعى اليه 100 شخصية». وأكد انه «لا يوجد حل سياسي مع من يحمل السلاح».

ولفت الى أن «الحوار الوطني لا يعنى نخباً محددة ولا حوار المعارضة مع الموالاة او السلطة وليس محصورا بالسياسة فقط بل هو حوار كل أطياف الشعب حول كل شؤون الوطن». وأشار الرئيس السوري الى ان «الحوار الوطني قد يؤدي الى تعديل دستوري او دستور جديد» في اشارة الى امكانية تغيير المادة الثامنة التي تنص على قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع والتي تطالب المعارضة بإلغائها.

من جهة أخرى، دعا الاسد الى اعادة الثقة في الاقتصاد السوري لمنع انهياره مؤكداً ان هناك «خطر انهيار» يتهدده. واضاف «لابد من البحث عن نظام (اقتصادي) جديد يحقق العدالة بين الفقير والغني وبين الريف والمدينة».

كما دعا السكان الذين فروا من جسر الشغور وقراها الى تركيا للعودة الى بيوتهم، مؤكداً ان الجيش السوري موجود هناك «من أجل خدمتهم».

الا ان «لجان التنسيق المحلية» التي تضم أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية في سورية اعتبرت ان الخطاب الذي ألقاه الاسد «يكرس الازمة» واعلنت استمرار «الثورة» حتى تغيير النظام. وقالت في بيان انها «ترى في الخطاب تكريساً للازمة من قبل النظام الذي يتمترس وراء الانكار والتعامي عن رؤية الواقع الجديد الذي فرضته ثورة السوريين المستمرة حتى تحقيق مطالبها».

واعتبرت أن دعوة الحوار التي وردت في الخطاب «مجرد محاولة لكسب الوقت على حساب دماء السوريين وتضحياتهم» معلنة رفضها «أي حوار لا يكون الهدف منه طي صفحة النظام الحالي بصورة سلمية والتحول نحو سورية جديدة، دولة ديمقراطية حرة، ولمواطنيها كافة».

ورأت ان في الخطاب «تجاهلا كاملا لجرائم الاجهزة الامنية التابعة للنظام التي ارتكبت اعمال القتل والتمثيل بالجثث واعتقال الآلاف من المتظاهرين والنشطاء والذين لايزال مصير معظمهم مجهولا حتى اللحظة». واعتبرت ان الخطاب «لم يقترب حتى من كونه خطاب ازمة وطنية تعيشها البلاد منذ ثلاثة أشهر». وختم البيان «ثورتنا مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها».

من جانبها، اعتبرت الناشطة السورية سهير الاتاسي أن خطاب الاسد «لا يرقى الى مستوى الأزمة»، وسيؤدي الى تأجيج التظاهرات ضد نظامه. واعتبرت ان الاسد «لم يدرك للآن ان الاحرار باتوا يريدون إسقاطه»، واصفة خطابه بـ«الاستعلائي المرتبك». وأكدت أن «التظاهرات ستتأجج، والنظام سيسقط».

أما المعارض حسن عبدالعظيم فقال لـ«فرانس برس» ان «الخطاب لم يكن كافياً»، موضحاً انه «يوجد افكار كثيرة لكن المسألة بقيت غير واضحة في الخطاب وغير مطمئنة».

وأضاف أنه لم يقرر سحب الجيش وقوى الامن من المدن والمناطق «وهذا يجعل الحل الامني والعسكري هو السائد وليس الحلول السياسية».

من جهته، اعتبر الحقوقي أنور البني الذي افرجت السلطات السورية عنه في مايو الماضي بعد ان أمضى خمس سنوات في المعتقل، ان «الخطاب جاء مخيباً للآمال مثل سابقيه». وفور انتهاء كلمة الأسد، نظمت تظاهرات مناهضة للنظام في مدن عدة في سورية.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن، إن المتظاهرين خرجوا في مدينة حلب الجامعية (شمال) وسراقب وكفر نبل في محافظة ادلب (شمال غرب) وحمص (وسط). وأكد ان المتظاهرين انتقدوا الكلمة التي وصفتهم بأنهم مخربون أو متطرفون، مؤكدين انهم «يطالبون بالحرية والكرامة».

إلى ذلك أكدت مصادر مسؤولة في حزب البعث الحاكم أن «تعليمات رسمية صدرت عن الدوائر المسؤولة في البعث الحاكم لكل كوادره وموظفي القطاع العام، حتى من لم يكن منهم بعثياً، بالنزول إلى الشارع صباح الثلاثاء (اليوم) للمشاركة في مسيرات حاشدة تأييداً للنظام».

وفي ردود الأفعال علي خطاب الأسد، أعلنت الولايات المتحدة أنها تريد «أفعالاً وليس أقوالاً» من الأسد.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، تعليقاً على إلقاء اللوم على مخربين في الاضطرابات «نحن غير مقتنعين بذلك».

من جهته، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن الأسد بلغ «نقطة اللا عودة» و«ما من سبب لأخذه اليوم على محمل الجد»، معبراً عن اقتناعه بأنه لن يكون بمستطاعه التغيير بعد القمع «المريع في عنفه» الذي مارسه على شعبه.

وقال «إنها ليست المرة الأولى التي يعلن فيها عن برنامج اصلاحات.. انه لم يلتزم ابدا بكلامه».

من جهته، قال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد بن حلي، ان الجامعة تتطلع إلى تنفيذ الإصلاحات المهمة التي أعلنت عنها القيادة السورية، مؤكداً أن الإصلاح والتطوير حق مشروع ولابد من الاستجابة له.

وأضاف أن حماية المدنيين في سورية وبقية الدول العربية، هي واجب أساسي والتزام قومي وأخلاقي.

تويتر