توجيه أول اتهام لسياسي لبناني بالتجسس لمصلحة تل أبيب

انقسام لبناني حول «أدلة نصر الله» بشأن تورط إسرائيل في مقتل الحريري

نصر الله أثناء المؤتمر الصحافي بشأن اتهام إسرائيل باغتيال الحريري. إي.بي.أيه

بدا لبنان، أمس، منقسما حيال «المعطيات» التي عرضها الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله الليلة قبل الماضية، وثبت في رأيه ضلوع إسرائيل في اغتيال رفيق الحريري.

وقد رأى سياسيون ومحللون أن ما عرض يستلزم فتح مسار جديد في التحقيق الدولي في القضية، بينما اعتبر اخرون أن ما طرح لا يحمل أي جدية.

وقال القيادي في تيار المستقبل المنتمي إلى الاكثرية النيابية مصطفى علوش لوكالة «فرانس برس»، إن المؤتمر الصحافي المطول الذي عقده حسن نصر الله «يدخل في سياق الدفاع عن النفس».

كما اعتبر مصدر قيادي في التيار الذي يقوده رئيس الوزراء سعد الحريري، أن المؤتمر الصحافي عبارة عن «مجرد فيلم سينمائي».

وكان علوش يشير في حديثه الى الحملة الاستباقية التي يقودها «حزب الله» ضد القرار الظني، المتوقع صدوره عن المحكمة الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق، والذي أكد نصر الله، في وقت سابق، أنه سيتهم أفرادا في الحزب.

وعرض الامين العام لـ«حزب الله» صورا قال إن الحزب اعترضها اثناء قيام طائرات استطلاع اسرائيلية بالتقاطها، في أوقات مختلفة للطريق الذي كان يسلكه موكب الحريري، قبل اغتياله في 14 فبراير ،2005 بانفجار سيارة مفخخة في بيروت، كما عرض صورا لرصد جوي إسرائيلي قبل يوم من الاغتيال وفي يوم التفجير.

وكتبت صحيفة «اللواء» اللبنانية، أمس، إن «رد الفعل السريع من قبل الأكثرية لا توحي بأنها اقتنعت بالمعطيات».

ورأى منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار المتمثلة في الاكثرية النيابية فارس سعيد، في حديث تلفزيوني، أن الامين العام لـ«حزب الله» «لم يقنع أحدا نصر الله كان في وقت من الاوقات بمثابة تشي غيفارا العالمين العربي والاسلامي، لكن شيئا ما انكسر بالامس».

وفي إسرائيل ذكر مسؤول كبير، طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس، أن «العالم اجمع والدول الغربية واللبنانيين انفسهم يعرفون ان هذه الاتهامات سخيفة». وقبل عرض صور الرصد الاسرائيلي، تحدث نصر الله عن دور محتمل لعملاء اسرائيليين في قضية الحريري، مشيرا مرة الى وجود «عميل لإسرائيل في موقع الاغتيال قبل يوم العملية يدعى غسان جرجس الجد».

وشدد على ان «المعطيات» التي عرضها تشكل «قرائن ظنية وليست ادلة قطعية، ويجب ان تفتح الباب امام آفاق جديدة»، بالتحقيق الدولي في القضية.

واعتبرت مديرة قسم العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت فاديا كيوان، أن هذه المعطيات «بمثابة ادلة يجب ان تدفع المحكمة الدولية والحكومة على طرح تساؤلات جدية حول فرضية أو احتمال تورط اسرائيل»، في اغتيال الحريري. وأضافت «أنا أتفق معه (نصر الله) حول فكرة ان اسرائيل قد تكون متورطة في الاغتيالات».

وقلل مصدر قريب من الحكومة، رفض الكشف عن هويته، من اهمية ما عرضه نصر الله، من دون أن يشكك في امكانية تورط اسرائيل بالفعل في الجريمة.

وقال لوكالة فرانس برس «ما قدمه (حزب الله) دليل ظرفي، نصر الله يحاول ان يطرح سيناريو يستند الى ان اسرائيل طرف مذنب وقد يكون ذلك صحيحا».

وتابع «لكن معيار التحقيق الدولي عال ويتجاوز أي شك، وما رايناه البارحة لا يرقى الى هذا المستوى ولا يرقى الى توقعات كثيرين». ورأت كيوان ان «المعطيات» التي طرحها الامين العام لـ«حزب الله»، «لا تقدم ادلة قاطعة حول التورط الاسرائيلي، انما عناصر ادلة ذات صلة، ليتم التحقيق فيها، وهو امر لم يحدث بعد».

واعتبر النائب عن «حزب الله» نوار الساحلي، أن «هذه المعطيات والحقائق تؤكد ان التحقيق الدولي سياسي بحت»، حسب ما نقل عنه بيان صادر عن الحزب.

وكتبت صحيفة «السفير» اللبنانية انه «يستحيل أن يكفر العاقل، أي عاقل بكل هذه الحقائق»، بينما رات «الاخبار» القريبة من الحزب، أن المعطيات المطروحة «تتيح توجيه الاتهام الى إسرائيل، في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري».

في السياق ذاته، ادعى القضاء العسكري اللبناني، أمس، على عميد متقاعد في الجيش اللبناني، بتهمة التعامل مع اسرائيل وتقديم معلومات لاسخباراتها عن احزاب لبنانية بينها «حزب الله»، كما افاد مصدر قضائي وكالة فرانس برس.

وقال المصدر ان مفوض الحكومة اللبنانية لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر «ادعى على العميد المتقاعد فايز كرم في جرم التعامل مع مخابرات العدو ودس الدسائس لديه والاجتماع بضباطه في الخارج ومتابعة التواصل معهم هاتفيا».

وأضاف ان القاضي ادعى على كرم ايضا «في جرم تزويد العدو بمعلومات عن حزب التيار الوطني الحر (الذي ينتمي اليه كرم) و«حزب الله» (المتحالف مع التيار المسيحي) وأحزاب اخرى، وتزويده بمعلومات عما كان يدور في اللقاءات بين قادة وكوادر التيار الوطني الحر وحزب الله». وذكر المصدر القضائي ان كرم كان يتلقى «مبالغ مالية» لقاء ذلك.

وادعى القاضي في الجريمة ذاتها ايضا «على الفار من وجه العدالة الياس كرم وكل من يظهره التحقيق» على علاقة بالقضية.

وأوضح المصدر القضائي لفرانس برس، ان الياس كرم هو الشخص الذي «عرف فايز كرم إلى الضباط الاسرائيليين خلال وجودهما معا في باريس». وأكد أنه لا توجد صلة قرابة بين المدعى عليهما. وأحال القاضي صقر الملف الى قاضي التحقيق العسكري الاول رياض ابوغيدا، ويواجه المدعى عليهما عقوبة الاعدام.

وأوقفت السلطات اللبنانية فايز كرم قبل نحو اسبوع. وتسلم النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، أول من أمس امس، ملف التحقيق الاولي معه من فرع شعبة المعلومات التابعة لوزارة الداخلية، قبل ان يدرس الملف ويحيله الى القاضي صقر.

تويتر