عراقيات أمام خيمة في الرمادي للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات البرلمانية الجارية. رويترز

‏مركز أميركي: العرب أكثر قمعاً للنساء في العالم‏

‏لم تسجل حقوق المرأة سوى تقدم متواضع في السنوات الخمس الأخيرة في 15 من 18 بلداً في العالم العربي ،المنطقة التي لايزال فيها عدم المساواة بين الجنسين ملحوظاً بشكل قوي، كما أفادت دراسة أجراها مركز أميركي للدفاع عن الحريات.

ولخصت المشرفة على هذه الدراسة الواسعة سانجا كيلي الوضع في المنطقة العربية بأنها لاتزال «أكثر قمعاً في العالم في ما يتعلق بحقوق النساء، لكننا سجلنا تقدماً طفيفاً يثير التفاؤل في مجال التربية وحق الحصول على عمل وحق التصويت».

باكستانيات يقدن الطائرات برغم التقاليد

أمبرين هي واحدة من أولى النساء اللواتي يقدن طائرات مقاتلة في باكستان، لكنها اضطرت لتغيير برنامج رحلاتها كي تتزوج من رجل تكاد لا تعرفه عشية اليوم العالمي للمرأة.

وتقر امبرين وهي ترتدي زي سلاح الجو الباكستاني بأنه «ترتيب زواج مدبر ولم أتحدث إليه بعد»، مؤكدة «أن قراننا سيعقد الاحد (أمس)». واللفتنانت امبرين غول (25 عاماً) واحدة من النساء القلة اللواتي حصلن على شهادة طيار حربي، لكن زواجها من مهندس من اسلام آباد تم تدبيره من قبل عائلتيهما وفق التقاليد .

لكن هذا الإرث الثقافي المحافظ لم يمنع سبع نساء من اقتحام باب نادي الطيارين الحربيين المغلق جداً في .2006 وقالت هذه الشابة التي تكسب 60 ألف روبية شهرياً (700 دولار) بحماسة، «إنه أمر مثير لا بد أن يكون المرء شديد الحماسة. أعشق الطيران وأعشق قيادة الطائرات المطاردة والقيام بشيء فريد لبلادي»، لكن طريقها الى ذلك لم يكن سهلاً.

فلم تحصل سوى مرشحات قليلات جدا جندن منذ سن الثامنة عشرة على شهادتهن بعد عملية انتقاء عسيرة استمرت ستة اشهر تبعها تدريب لثلاث سنوات ونصف السنة. وتتذكر امبرين «كانت الفترة الاكثر معاناة بالنسبة لنا».

وتتذكر نادية التي تضع حجاباً اخضر يغطي كل شعرها تقريباً «كانت المرة الاولى. كان امراً تاريخياً بالنسبة لي».

وتقول نادية المتزوجة من كابتن في الجيش «يدعهما ويعتز بها»، ان الاسرتين سعيدتان جداً والجميع متأثر».

لكن لم يسمح لامرأة طيار حتى اليوم بالمشاركة في العمليات العسكرية، في حين يشكك البعض في قدرة هؤلاء الرائدات على بلوغ أعلى المراكز.

إسلام آباد ــ أ.ف.ب‏

وهذا التقرير الذي تعود نسخته السابقة الى خمس سنوات نشرته مؤسسة «فريدوم هاوس» للدفاع عن الحريات التي كانت ترأسها في ما مضى اليانور روزفلت زوجة الرئيسالاميركي فرانكلين روزفلت، وتطلب إنجازه مشاركة 40 متعاوناً في 18 بلداً، للقيام بمئات المقابلات ولدراسة 44 مؤشراً عن تطور حقوق المرأة في مجالات الدراسة والعمل والقوانين والقضاء وميادين أخرى.

وسجلت ثلاثة بلدان تقدماً ملحوظاً في هذا الاطار هي الكويت والجزائر والاردن، فيما ساءت ظروف النساء في ثلاثة اخرى هي العراق واليمن وفي الاراضي الفلسطينية.

لكن التونسيات يحظين بأعلى درجة من الحرية في المنطقة، تتبعهن المغربيات والجزائريات واللبنانيات. أما اليمن والمملكة العربية السعودية فيأتيان في المرتبة الاخيرة بحسب الدراسة.

ومن بين الخطوات التي تحققت حصول النساء في الكويت على الحقوق السياسية نفسها للرجال مع انتخاب أربع نساء في البرلمان في العام 2009 للمرة الاولى في تاريخ البلاد.

ولجهة الحصول على الوظيفة، فإن كانت نسبة النساء العاملات أو «الناشطات اقتصادياً» في المنطقة لا تتجاوز 28٪ ، وهي ادنى نسبة في العالم، فقد سجلن تقدما فيبلدان عدة مثل قطر، حيث بلغت نسبة النساء العاملات 42٪ عام 2007 مقابل 36٪ في عام .2000 والتقدم ملحوظ ايضاً في الجزائر (+6 لتصل الى 38٪) وفي ليبيا (+4لتصل إلى 27٪).

ففي الجزائر أدى إصلاح أجري في 2005 إلى تحسين استقلالية المرأة داخل الاسرة، كما أزال واجب الطاعة للزوج المفروض عليها.

وقالت سانجا كيلي لوكالة فرانس برس «ان القوانين الاسلامية تحكم كل ما هو مرتبط بالاسرة من زواج وطلاق والوصاية على الابناء. وفي أغلبية دول المنطقة مازالت المرأة تحتاج لإذن من ولي أمرها للزواج، وفي معظم الحالات من والدها».

وأضافت «أما للطلاق، فلا يحتاج الرجل سوى إلى إعلان (أنت طالق)، ليكون الامر نافذاً، فيما الانفصال عن الزوج لايزال بالغ الصعوبة بالنسبة للمرأة».

لكن نسبة الطلاق سجلت ارتفاعاً، خصوصاً في دولة الامارات ومصر وقطر وتونس. ولفتت كيلي إلى «أن العنف الاسري ضد النساء يمثل مشكلة كبيرة في المنطقة حتى وإن كان مسجلاً في العالم اجمع»، مضيفة أن «ما يميز الشرق الاوسط هو نقص القوانين المتعلقة بحماية النساء من عنف الزوج»، مشيرة في الوقت نفسه الى أن عدداً قليلاً منالبلدان بدأت بالتصدي للمسألة.

وأكدت «أن الاردن وتونس هما البلدان الوحيدان اللذان يجرمان العنف الأسري».

لكن «جرائم الشرف» التي تقدرها الامم المتحدة بخمسة آلاف حالة في العالم تسجل ارتفاعا في الاراضي الفلسطينية وفي العراق، وكان الاردن البلد الاول بعد تونس الذي ينشئ محكمة لمحاكمة جرائم قتل النساء التي يرتكبها الاهل باسم الدفاع عن شرف العائلة.

وفي العراق، فإن غياب القانون وصل الى حد جعل الناس يعتقدون أنه يجوز لهم القيام بأمور لم يكونوا ليفعلوها من قبل، «كما تقول واضعة الدراسة».‏

لبنانيات متزوجات من أجانب ضيعتهن دهالـيز السياسة‏

ظنت سميرة سويدان أنها حققت حلم حياتها بعد صدور قرار قضائي أعطاها حق منح جنسيتها اللبنانية إلى أولادها، لكن فرحتها لم تكتمل بسبب استئناف الدولة لحكم اختصر معركة تخوضها آلاف النساء المتزوجات من أجانب في لبنان.

وتقول سميرة (48 عاماً) من منزلها المتواضع في مبنى شعبي في منطقة برج حمود على طرف العاصمة «يوم اتصلت بي محاميتي لتبلغني بأن حكماً صدر لمصلحتي صرت ارتجف وانفجرت باكية، ثم شكرت الله وقبلت الارض التي ولد عليها أولادي ويعيشون عليها ».

كان ذلك في يونيو .2009 وجاء تتويجاً لنضال طويل بدأته سميرة العام 2000 في المحاكم للمطالبة بحق أولادها المولودين من أب مصري بالجنسية اللبنانية.

وينص القانون المعمول به حالياً حول الجنسية والصادر العام 1925 أي قبل 18 سنة من استقلال لبنان على انه «يعد لبنانيا كل شخص مولود من أب لبناني».

وشكل قرار القاضي جون قزي الذي أعطى سميرة حق منح جنسيتها لأولادها سابقة جريئة، إلا انه أثار عاصفة سياسية. واستانفت الدولة ممثلة بهيئة القضايا في وزارة العدل الحكم.

وتقول سميرة ان «قانون بلدنا ظالم لا يرحم المرأة». وتروي وهي تدخن سيجارتها بعصبية، «بعد وفاة زوجي العام 1994 فقدت السند وكل مورد رزق، اضطررت للعمل في التنظيفات لأعيل أولادي الاربعة».

وليحظى أولادها بوضع قانوني كان على سميرة ان تذهب بانتظام كل ثلاث سنوات عندما كانوا صغار السن وكل سنة بعد ان كبروا، لتجديد أوراق إقامتهم.

وتقول «في إحدى المرات، لم يكن لدي المبلغ المطلوب لتسديد بدل الاقامات (مليون و200 الف ليرة لبنانية، ما يعادل 800 دولار أميركي)، وقيل لي إنه سيتم ترحيل اولادي الى مصر التي لم تطأها اقدامهم في يوم من الايام».

يومها استدانت سميرة من مراب المبلغ المطلوب حتى لا يسلخ أولادها عنها.

وكثف المجتمع المدني خلال السنة الاخيرة الحملات المطالبة بتطبيق مبدأ المساواة على صعيد الجنسية.

ولم يجد مشروع لتعديل القانون اخذ وزير الداخلية زياد بارود على عاتقه طرحه على الحكومة السنة الماضية، طريقه الى جدول أعمال مجلسي الوزراء والنواب في ظل تلاحق الازمات السياسية في البلد.

وتعبر هريبسمه اركانيان (59 عاما) المتزوجة من فلسطيني عن غضبها من المسؤولين «انا لم اعد انتخب منذ زمن طويل. اذا كان صوتي مهماً فليسمعوه. إذا كان صوتي يساوي صوت الرجل، فيجب ان أكون مساوية له في اعطاء الجنسية لولدي».

جورج، نجل هريبسمه حصل على الجنسية الكندية بسبب ولادته في كندا. وهو متزوج من رومانية وله طفل. وقد فضل، هرباً من تعقيدات معاملات الاقامة الانتقال للعمل في أبوظبي. ويحتج معارضو تعديل قانون الجنسية، وأبرزهم من المسيحيين (30٪ من السكان)، بالتوازن الديموغرافي والطائفي الهش في لبنان.

ويعللون رفضهم بأن عدداً كبيراً من النساء المعنيات بهذه المسألة متزوجات من فلسطينيين (سنّة بأغلبيتهم)، وبالتالي فإن اعطاءهن الجنسية لأسرهن سيشكل وجهاً من اوجه توطين اللاجئين الفلسطينيين. واكد القاضي قزي في محاضرة ألقاها اخيراً في نقابة المحامين ان كل ما يقال عن التوطين والتوازن الديموغرافي «كلام سياسي وتغطية على الحقيقة». وأضاف «انهم لا يحاربون التوطين، بل يحاربون المرأة وينظرون إليها على انها قاصر. إنها الذكورية الفوقية».

ونجحت المرأة المصرية في 2004 في انتزاع حقها في نقل الجنسية لأسرتها، وكذلك تم تعديل قانون الجنسية في هذا الاتجاه في كل من الجزائر في 2005 والمغرب في .2007

وتقول الباحثة في علم الاجتماع الدكتورة فهمية شرف الدين لوكالة فرانس برس إن «مبدأ وضع ضوابط على قانون الجنسية موجود في كل الدول. نقبل بضوابط تشمل النساء والذكور على السواء. أما أن تتضمن تمييزاً ضد النساء، فهذا مرفوض».

وأجرت شرف الدين دراسة حول الموضوع نشرت في ،2008 وتبين نتيجتها ان من بين 300 الف زواج سجل في المحاكم المختصة بين 1995 و2008 هناك نحو 18 ألفاً للبنانيات تزوجن من أجانب. وتوضح شرف الدين ان جنسيات الازواج مختلفة وأغلبيتها عربية وأعلى نسبة هي من السوريين والفلسطينيين.

وأشارت إلى أن اللواتي يتزوجن من أوروبيين أو غربيين وأغلبيتهن من المسيحيات لا يسجلن زواجهن في لبنان، إما لأنهن مقيمات في الخارج، أو لان الدول الغربية اجمالاً تمنح النساء الحقوق كاملة.بيروت ــ أ.ف.ب

 

الأكثر مشاركة