تأجيل الإعلان الرسمي لانتهاء «داعش».. ومقتل 17 شخصاً بتفجيرين استهدفا إدلب

أكراد سورية يطالبون بنشر قوة دوليــة لحمايتهم من التهديدات التركية

مقاتل من «قسد» يقف أعلى مبنى في بلدة الباغوز في شمال سورية. أ.ف.ب

دعا أكراد سورية الدول الأوروبية إلى «عدم التخلي عنهم»، بعد انتهاء المعارك التي يخوضونها ضد تنظيم «داعش»، والإسهام في نشر قوة دولية في شمال سورية لحمايتهم من التهديدات التركية، على ضوء اقتراح واشنطن إقامة منطقة آمنة، وفي وقت أجلت فيه قوات التحالف الدولي وقوات سورية الديمقراطية (قسد) إعلان السيطرة الكاملة على شرق الفرات، وانتهاء وجود تنظيم «داعش»، استهدف تفجيران مدينة إدلب، ما أسفر عن مقتل 17 شخصاً.

وفي التفاصيل، قال ألدار خليل، أحد أبرز القياديين الأكراد، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» أجريت في باريس الليلة قبل الماضية، إن «تلك الدول لديها التزامات سياسية وأخلاقية» تجاه الأكراد الذين احتووا، بقتالهم تنظيم «داعش»، خطر توسع التهديد الإرهابي إلى أوروبا. وأضاف «إذا لم يفوا بها (التزاماتهم)، فهم يتخلون عنا».

وقال خليل «يمكن لفرنسا أن تقدم اقتراحاً إلى مجلس الأمن لحمايتنا، يمكنها أن تقترح نشر قوة دولية بيننا وبين الأتراك تكون فرنسا جزءاً منها، أو يمكنها حماية أجوائنا».

ويتضمن النطاق المقترح لنشر القوة الدولية، الذي قد يمتد على عمق نحو 30 كيلومتراً في الأراضي السورية، مدناً كبرى تسكنها الأقلية الكردية.

وتابع المسؤول في الإدارة الكردية شبه الذاتية في سورية القائمة منذ 2011 أن هذه القوة الدولية يمكن أن تكون أشبه بقوات «اليونيفل» التابعة للأمم المتحدة المنتشرة في جنوب لبنان لتأمين الحدود مع إسرائيل.

لكن الأوروبيين قد تغاضوا بالفعل عن الاقتراح الأميركي بإنشاء «قوة مراقبين» تستبدل الأميركيين في سورية.

وعلّق مصدر حكومي فرنسي «واشنطن تحاول العثور على حلول للخروج ليست في الواقع حلولاً»، مشيراً إلى أنها تقول «نحن راحلون وأنتم باقون».

ويضغط الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، على الدول الأوروبية لإعادة مئات من مواطنيها الذين يحتجزهم أكراد سورية، بعدما انضموا إلى تنظيم «داعش».

ورأى خليل أن «الأفضل أن يعودوا إلى بلادهم»، مضيفاً أنهم إذا لم يرجعوا «يمكن تأسيس محكمة دولية أو اثنتين لمحاكمتهم»، من دون أن يستطرد أكثر.

وبحسب المسؤول، ففي ظل غياب منطقة آمنة، يمكن لمنطقة حظر جوي أن تمنع الطيران التركي من دخول شمال شرق سورية لمساندة عملية برية محتملة. وأوضح «إذا كانت الأجواء محمية، لا يمكن لتركيا القضاء علينا، حتى ولو هاجمتنا».

وإذا لم يساعد الغرب الأكراد على الفوز، ستتجه وحدات حماية الشعب إلى الحكومة السورية التي، بدعم من روسيا وإيران، باتت تسيطر على ثلثي الأراضي السورية.

وحذر المسؤول في الإدارة الكردية شبه الذاتية «إذا لم تفعل الدول الأوروبية والولايات المتحدة شيئاً، سنكون مجبرين على التفاهم مع الحكومة (السورية) لترسل قوات عسكرية إلى الحدود لحمايتها».

وسبق للرئيس السوري بشار الأسد، أن اقترح ذلك بالفعل. وقال الأسد، أول من أمس: «لا أحد يحمينا سوى دولتنا». ورأت روسيا من جهتها أن «الحلّ الأمثل هو الحوار مع دمشق».

وفي حال التوصل إلى تسوية مع دمشق، تنتظر قوات سورية الديمقراطية (قسد) أن تواصل إدارة المناطق التي تسيطر عليها، والتي تساوي نحو 30% من مساحة البلاد.

وقال ألدار خليل إن «شرطنا أن تكون العناصر المنتشرة على الحدود متحدّرة من مناطقنا. يكونون مرتبطين إدارياً بالجيش السوري، لكن يكونون وحدات لنا».

ويقول الأكراد أيضاً إنهم جاهزون لتقديم تنازلات. وأعلن خليل «يمكننا أن نسلّم نسبةً من حقول النفط، وأن نتقاسم العائدات الضريبية، ونقبل أيضاً برفع علم سورية».

ويرى بعض المراقبين أن الحكومة السورية تريد استسلاماً غير مشروط من الأكراد الذين هم الآن في موقف ضعيف.

وأقرّ مصدر حكومي من باريس بأن «الحلّ الأخير الوحيد هو اتفاق بين الحكومة السورية والأكراد». وأضاف المصدر «لكن دمشق تريد استعادة سيادتها، ومن هنا أهمية روسيا في اللعبة»، وأهمية تسوية سياسية تشمل تركيا.

بدوره، قال مدير المركز الإعلامي لقوات سورية الديمقراطية (قسد)، مصطفى بالي، لوكالة «فرانس برس»، أمس، إنه خلال اليومين الأخيرين «لم تحصل أي تغييرات جدية في المعطيات على الأرض. مازلنا نعمل على إيجاد طريقة ما لإخراج المدنيين» من الجيب الأخير لـ«داعش» في شرق الفرات.

وتدور وفق بالي «اشتباكات متقطعة ومحدودة جداً، إذ تردّ قواتنا على مصادر النيران» مع مشاركة «محدودة» لطائرات التحالف، لافتاً إلى حصار «المئات» من مقاتلي التنظيم.

وأعلن مصدر ميداني مطلع على سير المعارك، أمس، رافضاً الكشف عن اسمه، أن التنظيم طلب ممراً آمناً للخروج من الباغوز، وهو ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال المصدر «يطلب الدواعش المحاصرون فتح ممر لهم إلى إدلب (شمال غرب)، على أن يأخذوا المدنيين المتبقين معهم دروعاً بشرية، لكن الأمر غير قابل للنقاش بالنسبة إلى قوات سورية الديمقراطية».

ورفضت هذه القوات، وفق المصدر ذاته، طلب مقاتلي التنظيم، وهو ما أكده المرصد السوري، إلا أن مصدراً قيادياً في قوات سورية الديمقراطية أكد عدم وجود أي مفاوضات مباشرة مع التنظيم. وقال «لا يمتلك (داعش) خيارات ليتفاوض عليها، لأنه محاصر في منطقة جغرافية ضيقة جداً، وليس أمامه سوى الاستسلام»، لافتاً إلى «محاولات» لإنقاذ المدنيين وعدد من المقاتلين التابعين لقواته «الرهائن» لدى التنظيم.

يأتي ذلك في وقت أفاد فيه المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بتأجيل قوات التحالف الدولي وقوات سورية الديمقراطية (قسد) إعلان السيطرة الكاملة على شرق الفرات، وانتهاء وجود تنظيم «داعش» كقوة مسيطرة في المنطقة.

وقال المرصد، في بيان صحافي، أمس، إن التأجيل جاء بسبب إصرار القوات في المنطقة على تمشيط جميع المناطق والأنفاق والمواقع والمقار التي انسحب منها تنظيم «داعش» أخيراً في القطاع الشرقي من ريف دير الزور.

وأضاف أن عمليات التمشيط تتزامن مع مفاوضات مستمرة بين قوات سورية الديمقراطية وتنظيم «داعش»، مشيراً إلى أن من تبقى من عناصر التنظيم طلبوا ممراً آمناً لهم إلى منطقة مجهولة، يرجح أنها باتجاه البادية العراقية.

ووفقاً للمرصد، قوبل الطلب بالرفض من قبل قيادة «قسد»، في الوقت الذي وافقت فيه على إدخال مساعدات غذائية إلى أكثر من 300 عنصر من التنظيم مع المدنيين وعوائلهم المتبقين في مخيم بمزرعة بين الباغوز والضفاف الشرقية لنهر الفرات وفي أنفاق بالمنطقة، مقابل إفراج التنظيم عن رهائن وأسرى من قوات سورية الديمقراطية.

وطبقاً للمرصد، فإن نحو 100 شاحنة تحمل لوحات عراقية دخلت الأراضي السورية عند الساعة 22:00 بتوقيت سورية، والشاحنات هي عبارة عن 40 شاحنة خالية لا تحمل على متنها شيئاً، و40 منها مغلقة لم يعلم ما بداخلها، بينما 10 منها كانت محملة بالسيارات، و10 أخرى صهاريج.

ميدانياً، قتل 17 شخصاً على الأقل، أمس، بينهم أربعة أطفال، جراء تفجيرين متتاليين استهدفا مدينة إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام في شمال غرب سورية، وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأورد المرصد «انفجار عبوة ناسفة مزروعة تحت سيارة داخل المدينة، ولدى تجمع الناس في المكان، انفجرت دراجة نارية كانت مركونة في مكان قريب، ما تسبب بمقتل 17 شخصاً بينهم 10 مدنيين وإصابة 51 آخرين بجروح».

ووقع الانفجاران في شارع يضم مقر «المجلس المحلي» التابع «لحكومة الإنقاذ»، التي تعد الذراع السياسية لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).

وتعد منطقة إدلب التي تؤوي ثلاثة ملايين نسمة، نصفهم نازحون من مناطق أخرى، من أبرز المحافظات خارج سيطرة القوات الحكومية. وتوصلت موسكو وأنقرة في 17 سبتمبر إلى اتفاق نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب ومحيطها لحمايتها من هجوم حكومي وشيك.

تويتر