وفد روسي بحث التسوية السورية في الرياض

مهلة إضافية لتطبيق اتفاق المنطقة العازلة في إدلب

سوري يمر بدراجته أمام مبنى مدمَّر في بلدة بنش شمال إدلب. أ.ف.ب

أكدت روسيا وأنقرة، أمس، أن اتفاقهما بشأن إدلب لايزال «قيد التنفيذ»، رغم عدم انسحاب أيٍّ من الفصائل المعارضة من المنطقة المنزوعة السلاح، غداة انتهاء المهلة الزمنية المحددة لذلك، في وقت أعلنت فيه وزارة الخارجية الروسية أن وفداً روسياً زار السعودية، خلال اليومين الماضيين، لبحث آخر مستجدات الوضع في سورية.

وبدت الأطراف المعنية بالاتفاق الروسي التركي، كأنها مدركة أن تطبيق اتفاق إدلب يحتاج إلى المزيد من الوقت، حيث انتهت، أول من أمس، مهلة إخلاء الفصائل للمنطقة المنزوعة السلاح، من دون رصد أي انسحابات منها، في وقت لم تحدد فيه هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، المعنية خصوصاً بالاتفاق الروسي التركي، موقفاً واضحاً من إخلاء المنطقة.

وأعربت روسيا، أمس، عن «رضاها» تجاه عمل الجيش التركي، لإقامة منطقة منزوعة السلاح في منطقة إدلب، وذلك على الرغم من التقارير التي تفيد بوقوع أعمال عنف متقطعة.

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، إنه «بالاستناد إلى المعلومات التي نحصل عليها من عسكريينا، يتم تطبيق الاتفاق وجيشنا راضٍ عن الطريقة التي يعمل بها الجانب التركي».

وبعد وقت قصير، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، أنه «لا توجد أي مشكلة في ما يتعلق بسحب السلاح الثقيل، ولا يبدو أن ثمة مشكلة إزاء انسحاب بعض المجموعات المقاتلة من هذه المنطقة». وأضاف «بالتأكيد، إنها عملية مستمرة».

وينص الاتفاق التركي الروسي على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب، وبعض المناطق الواقعة في محيطها. وأُنجز سحب السلاح الثقيل من المنطقة الأربعاء، بينما كان يتوجّب على الفصائل إخلاؤها بحلول 15 أكتوبر الجاري. وينص الاتفاق كذلك على تسيير دوريات تركية روسية مشتركة، للإشراف على تنفيذ الاتفاق.

ويتحدث محللون عن وجود تيارين داخل التنظيمات المقاتلة، يتعارضان في موقفهما إزاء تطبيق الاتفاق.

وأورد مركز «عمران» للدراسات الاستراتيجية ومقره تركيا، في تقرير نشره قبل أيام، أن التيار الأول، وهو بقيادة القائد العام لهيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني «يبدي جاهزيته للانخراط في الجبهة الوطنية للتحرير»، التي تضم ائتلاف فصائل معارضة مقربة من تركيا. بينما يرفض التيار الثاني، الذي يقوده قيادي مصري الأمر تماماً «ويدفع نحو رفض الاتفاق».

وطلبت أنقرة، وفق ما نقلت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات، «من موسكو إعطاءها مهلة للتأثير» في قرار التيار الرافض لتطبيق الاتفاق داخل هيئة تحرير الشام.

ويقول الباحث في مركز «عمران»، نوار أوليفر، إن «الأطراف المعنية بالاتفاق، وحتى الأطراف المحلية، تدرك تماماً أنه من الصعب تطبيق الاتفاق وفق المهلة المنصوص عليها، وبالتالي يتطلب الأمر وقتاً».

وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أنه «لم يتم رصد أي انسحاب، أو تسيير دوريات في المنطقة المنزوعة السلاح».

وتسيطر هيئة تحرير الشام، مع فصائل أخرى، على ثلثي المنطقة المنزوعة السلاح، التي يراوح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً. وتقع على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة. وتشمل جزءاً من محافظة إدلب مع مناطق في ريف حلب الغربي، وريف حماة الشمالي، وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.

وفي أول تعليق لها على الاتفاق الروسي التركي، لم تأتِ هيئة تحرير الشام على ذكر المنطقة المنزوعة السلاح. وفي موازاة تقديرها جهود تركيا من دون أن تسميها لـ«حماية المنطقة المحررة»، حذرت من «مراوغة المحتل الروسي»، وأكدت أنها «لن تتخلى» عن سلاحها، و«لن تحيد عن خيار القتال، سبيلاً لتحقيق أهدافها».

وكان وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، قال أول من أمس، إنه يجب «أن ننتظر رد الفعل الروسي على ما يجري هناك»، لمعرفة «ما إذا تم تطبيق الاتفاق أم لا»، مؤكداً «في الوقت ذاته أن قوات النظام جاهزة في محيط إدلب».

على صلة، قال الرئيس المشترك لمجلس قوات سورية الديمقراطية، رياض درار، رداً على تصريحات وزير خارجية النظام السوري، التي لوَّح فيها باستخدام القوة العسكرية في شرق الفرات: «إن قرار الحرب والتلويح بفتح جبهة جديدة غير صائب، وسيخسر منه الجميع».

ولفت درار إلى أن الأمور لم تحسم في إدلب بعد، والأوضاع صعبة، ويمكن أن تنتهي بخسارة أراضٍ سورية.

وطالب النظام السوري بالعمل من أجل أن تكون الانتصارات لمصلحة الشعب، وليس على حسابه.

وقال الرئيس المشترك لمجلس سورية الديمقراطية إنه على النظام العمل من أجل إدارة جديدة للبلاد، تمنح المواطنين بانتماءاتهم المختلفة، حقوقاً أوسع، وتجنب الأخطاء الماضية.

كما رفض درار اتهامات النظام والروس، بأن قوات سورية الديمقراطية هي صنيعة أميركية، لتقسيم سورية.

وتشكل إدلب المعقل الأخير للفصائل المعارضة في سورية. وجنّب الاتفاق الروسي التركي المنطقة، التي تؤوي نحو ثلاثة ملايين نسمة هجوماً لوحت به دمشق على مدى أسابيع.

من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أن وفداً روسياً زار السعودية، خلال اليومين الماضيين، لبحث آخر مستجدات الوضع في سورية.

وقالت الخارجية، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: «قام وفد روسي رفيع المستوى، ضم مبعوث الرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتيف، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، وممثلين عن وزارة الدفاع الروسية، بزيارة إلى السعودية يومي 14 و15 أكتوبر الجاري». ووفقاً لما نقله موقع «روسيا اليوم» عن البيان، فإن الوفد عقد مباحثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ومع وزير الخارجية عادل الجبير. وجرى «تبادلٌ مفصلٌ للآراء حول الوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع التركيز على مستجدات الوضع في سورية».

وحسب البيان، فإن الطرفين عبرا عن «الإدراك المشترك لضرورة القضاء نهائياً على بؤر الإرهاب في سورية، وأهمية الإسراع في التوصل إلى تسوية سياسية ثابتة ودائمة للأزمة السورية».

- روسيا تعرب عن رضاها تجاه عمل الجيش التركي، لإقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب.

تويتر