بعد أن منعت الأسد من مهاجمة إدلب

روسيا تزوِّد دمشق بدفاعات متطورة ترضيةً للنظام السوري

صورة

أعلنت روسيا، قبل أيام، أنها ستقوم بنشر نظام الدفاع الجوي «إس 300» في سورية، وذلك في أعقاب الضربة الجوية الإسرائيلية التي تقول موسكو إنها أدت إلى إسقاط طائرة روسية، ومقتل طاقمها المكون من 15 شخصاً. وقال التلفزيون الإيراني إن تزويد سورية بهذا النظام سيكون بمثابة «كابوس» لإسرائيل. وفي غضون ذلك، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، إلى أن قواته ستواصل العمل في سورية. وجاءت هذه الأزمة بالتزامن مع اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث وصف مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، عملية النشر بأنها «خطأ فادح».

وبدأت الأزمة في 17 سبتمبر، عندما ضرب صاروخ سوري مضاد للطائرات طراز «إس 200»، عن طريق الخطأ، طائرة مراقبة روسية، بعد أن استهدفت طائرة إسرائيلية منشآت إيرانية في سورية.

واتهمت وزارة الدفاع الروسية إسرائيل بتعمد خلق «وضع خطير»، وزعمت موسكو أيضاً أن إسرائيل أعطت الروس تحذيراً لمدة دقيقة واحدة فقط عبر «الخط الساخن»، الذي أقامته الدولتان عام 2015. لكن إسرائيل ردت بأنه في الوقت الذي أطلق فيه الدفاع الجوي السوري صواريخه التي أصابت الطائرات الروسية، كانت الطائرات الحربية قد عادت إلى المجال الجوي الإسرائيلي. وبدت المناقشات على ما يرام مع موسكو بعد 18 سبتمبر، حيث سعى كل من نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحفظ ماء الوجه. لكن بعد ذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن بطاريات «إس 300» وصلت دمشق، موضحاُ «أنها قادرة على اعتراض الهجمات الجوية على مسافة تزيد على 250 كيلومتراً، ومواجهة أهداف عدة في الوقت نفسه». وأضاف أنه سوف يتم تبريد «الرؤوس الساخنة»، في إشارة إلى إسرائيل.

تهديد للتحالف

يأتي تسليم بطاريات الصواريخ بعد أن وافقت روسيا وتركيا على صفقة إدلب، التي من شأنها أن تمنع إقدام النظام السوري على مهاجمة المدينة، والذي حذرت الأمم المتحدة من أنه قد يكون كارثة إنسانية. باختصار، إن نشر «إس 300» في سورية هو جزء من جهود موسكو لتعزيز الخطوط الأمامية للصراع السوري، والاقتراب من ساعة الحقيقة، بعد أن تصرفت تل أبيب بحصانة كبيرة في سورية.

إلى ذلك، أكدت وسائل إعلام أن الصواريخ المتطورة تعتبر أيضاً تهديداً للتحالف الأميركي. في المقابل، قد تقود عملية الانتشار، هذه، إسرائيل إلى البحث عن أسلحة أكثر تقدماً من الولايات المتحدة. وعلى سبيل المثال، أظهرت أخبار «سبوتنيك»، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تمثل خط موسكو، طائرة «إف 35» كمثال على هذه الأسلحة الأكثر تقدماً.

وترى الولايات المتحدة أن نشر صواريخ «إس 300»، هو تصعيد رمزي أكثر من تهديد حقيقي. في حين أن وزير الخارجية الأميركي تبنى لهجة تصالحية، ساعياً لمناقشة هذه القضية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حين اتخذ مستشار الرئيس الأميركي، جون بولتون، خطاً أكثر صرامة.

وعلاوة على ذلك، ترى إسرائيل أن نشر نظام الدفاع الصاروخي تصعيداً رمزياً، بالإضافة إلى كونه تصعيداً تكنولوجياً. وقال الرئيس السابق للشعبة الاستراتيجية لقوة الدفاع الإسرائيلية، العميد عساف أوريون، من مؤسسة دراسات الأمن القومي، إن نظام الصواريخ يشكل خطراً على جميع القوات الجوية العاملة بالقرب من سورية، موضحاً «يجب الذكر أنه، خلال السنوات العشرين الماضية، كانت إسرائيل تستعد لهذا كي تظهر على الساحة، فقد تدربت إسرائيل للتعامل مع النظام الصاروخي في اليونان». وأشار إلى أنه إذا كانت «إس 300»في أيدٍ «غير متمكنة ومتهورة»، ستكون مصدر قلق. وهذا يشير إلى حقيقة أن الصاروخ السوري من طراز «إس 200»، الذي أُطلق خلال الغارة الجوية في 17 سبتمبر لم يكن الهدف منه إسقاط الطائرة الروسية؛ لكنه أصاب الهدف عن طريق الخطأ.

وأشار أوريون إلى أن روسيا قد نشرت بالفعل «إس 400»، المتطورة جداً، في سورية. وتم الإبلاغ عن هذا النظام لأول مرة في سورية عام 2015، وأكدت مصادر مطلعة وجود بطارية ثانية في سبتمبر 2017. وعلى الرغم من أن روسيا لديها بطاريتان من «إس 400» في سورية، تقول إسرائيل إنها ضربت 200 هدف في البلاد، هذا بالإضافة إلى الأهداف الـ100 التي ضربتها إسرائيل بين عامي 2012 و2017.

وأدت العلاقة، التي تم إدارتها بعناية لسنوات، بما في ذلك العديد من الاجتماعات بين نتنياهو وبوتين، إلى فهم واضح في ظل قيام إسرائيل بالعمل ضد الأهداف الإيرانية، ونقل الأسلحة إلى «حزب الله». ولم تكن تل أبيب تعترف بذلك في كثير من الأحيان إلا في حوادث نادرة، أو سنوات بعد وقوعها. وعلى سبيل المثال، اختراق طائرة إيرانية بدون طيار المجال الجوي الإسرائيلي، وتحطم طائرة «إف 16» إسرائيلية في الجليل، بعد أن استهدفتها صواريخ «إس 200».

العرض الروسي

تعاملت إسرائيل والولايات المتحدة، من قبل، مع تهديد صواريخ «إس 300» في سورية. في 2017، قالت روسيا إن بطارياتها تتبعت طائرات أميركية في شرق سورية. بالإضافة إلى ذلك، في أبريل من هذا العام، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إن إسرائيل ستُدمر أي بطارية «إس 300» تستهدف الطائرات الإسرائيلية.

هذا يعني أن العرض الروسي الأخير يهدف، في المقام الأول، إلى تعزيز ثقة النظام السوري بحليفه في موسكو؛ بعد أن منعت موسكو دمشق من مهاجمة إدلب، وتجاهلت إيران أيضاً في اتفاقها مع تركيا، كما أن موسكو ترسل رسالة إلى تل أبيب وواشنطن مفادها أنها تأخذ على محمل الجد رغبة النظام السوري في السيطرة على سمائه، بعد سبع سنوات من الحرب الأهلية.

وأسند النظام السوري سياسته في إدلب لموسكو، في حين أشارت واشنطن مراراً إلى أن أميركا ستبقى في شرق سورية؛ لتصبح بطاريات «إس 300» جائزة ترضية لدمشق. إن السؤال المطروح على واشنطن وتل أبيب، اللتين تعارضان الدور الإيراني في سورية، هو ما إذا كان يجب تحدي النظام أكثر؟

من جهتها، قامرت موسكو بأنظمة «إس 300»؛ وإذا استمرت إسرائيل في توجيه ضربات جوية، وكان هناك فشل في استخدام نظام الدفاع الجوي بفاعلية، فسوف تشعر روسيا بالحرج، وستدعوها دمشق إلى القيام بالمزيد، الأمر الذي يجبر موسكو على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت جادة في التصعيد أم لا.

رسالة من موسكو إلى تل أبيب وواشنطن، بأنها تأخذ على محمل الجد رغبة النظام السوري في السيطرة على سمائه بعد 7 سنوات من الحرب الأهلية.

- نشر «إس 300» في سورية جزء من جهود  موسكو لتعزيز الخطوط الأمامية للصراع السوري

تويتر