النظام يقصف مناطق في المحافظة ويرسل تعزيزات.. ووفاة رهينة جديدة من مخطوفي السويداء

الأمم المتحدة تدعو إلى مفـــاوضات عاجلة لتجنب «حمام دم» في إدلــب

الأمم المتحدة تأمل في أن تتمكن الجهود الدبلوماسية من منع عملية عسكرية بريّة كبيرة في إدلب قد تجبر مئات الآلاف على الفرار. رويترز

دعت الأمم المتحدة، أمس، إلى إجراء مفاوضات عاجلة لتجنّب «حمام دم في صفوف المدنيين» بمحافظة إدلب، آخر معقل للمقاتلين المعارضين للنظام في سورية، في تحذير يأتي عقب قصف شنّته قوات النظام على المنطقة، تمهيداً لهجوم مرتقب، حيث استهدفت قوات النظام، أمس، بقصف مدفعي وصاروخي منطقة جسر الشغور في إدلب، تزامناً مع إرسالها تعزيزات عسكرية إلى المناطق المجاورة، وإلقائها مناشير تدعو إلى الانضمام إلى اتفاقات «المصالحة»، بينما توفيت رهينة سورية جديدة من مخطوفي السويداء لدى تنظيم «داعش».

وفي التفاصيل، صرّح رئيس فريق مهام الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، يان إيغلاند: «لا يمكن السماح بامتداد الحرب إلى إدلب».

وقال إيغلاند إنه لايزال «يأمل أن تتمكن الجهود الدبلوماسية الجارية من منع عملية عسكرية برية كبيرة، يمكن أن تجبر مئات الآلاف على الفرار»، وأضاف: «الأمر سيئ الآن، ويمكن أن يصبح أسوأ بـ100 مرة».

وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، حذر من أن المحافظة، الواقعة شمال غرب البلاد، ستكون أولويته العسكرية التالية.

ويبلغ عدد سكان إدلب نحو 2.5 مليون نسمة، نصفهم تقريباً من المسلحين والمدنيين، الذين تم نقلهم بشكل جماعي من مناطق أخرى سيطرت عليها القوات السورية بعد هجمات مكثفة.

وأكد إيغلاند أن القيام بعملية عسكرية واسعة في إدلب سيتسبب في كابوس إنساني، لأنه لم تعد توجد أي مناطق معارضة في سورية يمكن إجلاء الناس إليها.

وأضاف: «لا أستطيع أن أرى عمليات إجلاء لمناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة»، موضحاً أنه يتم وضع خطط طارئة للتعامل مع عدد من السيناريوهات.

وأوضح إيغلاند أنه خلال اجتماع فريق المهام الإنسانية، أمس، ناقش السفراء خيارات لزيادة المساعدات في حال حدثت عمليات نزوح إضافية كبيرة، مشيراً إلى أنه «من الصعب إطعام المزيد من الأفواه، ولا توجد مآوٍ إضافية».

وأكد المسؤول الأممي أن ضمان إبقاء تركيا حدودها مفتوحة لمن يمكن أن يفر من وجه هجوم دمشق، سيشكّل أولوية.

وقال: «السيناريو الذي نريد تجنبه بأي ثمن، هو اندلاع حرب كبيرة بمناطق المدنيين (في إدلب)».

وأضاف أنه «مسرور» لسماع الدبلوماسيين من حلفاء الأسد: روسيا وإيران، إضافة إلى تركيا، التي تدعم المعارضة، يقولون إنهم ملتزمون بتجنب عملية هجومية واسعة.

وقال إيغلاند إنه يمكن تطبيق اتفاق لاستسلام المسلحين في إدلب، كما حدث في مناطق أخرى أثناء النزاع السوري، لإنقاذ حياة المدنيين.

ويسيطر تنظيم «هيئة تحرير الشام» على نحو 60% من إدلب، بينما تسيطر فصائل معارضة متناحرة أخرى على بقية المحافظة.

يأتي ذلك، في وقت استهدفت قوات النظام بقصف مدفعي وصاروخي منطقة جسر الشغور، حيث رجح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أن يكون القصف «تحضيراً لعمل عسكري قد تنفذه قوات النظام»، خصوصاً أنه يأتي مع إرسال قوات النظام منذ الثلاثاء الماضي «تعزيزات عسكرية تتضمن عتاداً وجنوداً وآليات وذخيرة» إلى المناطق المحاذية.

وتوزعت التعزيزات على ثلاث جبهات قريبة من جسر الشغور، الأولى من جهة الغرب في محافظة اللاذقية الساحلية، والثانية من جهة الجنوب بمنطقة سهل الغاب في محافظة حماة، والثالثة مناطق سيطرة قوات النظام داخل ادلب.

وأوردت جريدة «الوطن» المقربة من السلطات، أمس، أن الجيش استهدف بنيران مدفعيته الثقيلة «تجمعات لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي والميليشيات المتحالفة معها» في ريف حماة الشمالي وسهل الغاب الغربي.

وألقت مروحيات حربية تابعة للنظام، أمس، مناشير على مدن عدة في ريف إدلب الشرقي، تحمل توقيع «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة».

وورد في أحدها «الحرب اقتربت من نهايتها، آن الأوان لوقف سفك الدماء والخراب، ندعوكم للانضمام إلى المصالحة المحلية كما فعل الكثيرون من أهلنا في سورية». وورد في منشور آخر «مصير أسرتك وأبنائك ومستقبلك رهن قرارك».

وخوفاً من إبرام اتفاقات مماثلة، اعتقلت فصائل معارضة العشرات في إدلب، قالت إنهم «من دعاة المصالحة» للاشتباه في تعاملهم مع النظام. وبحسب المرصد طالت الاعتقالات نحو 100 شخص خلال هذا الأسبوع.

من ناحية أخرى، توفيت امرأة مسنة من بين الرهائن الذين خطفهم تنظيم «داعش» من محافظة السويداء في جنوب سورية، وفق ما أفاد مصدر محلي والمرصد، أمس، في واقعة هي الثانية خلال أسبوع.

وكانت المرأة البالغة 65 عاماً في عداد أكثر من 30 شخصاً خطفهم التنظيم المتطرف إثر شنّه سلسلة هجمات متزامنة في 25 يوليو على محافظة السويداء، أسفرت عن مقتل أكثر من 260 شخصاً، في اعتداء هو الأكثر دموية يطال الأقلية الدرزية منذ بداية النزاع. وأقدم التنظيم الأسبوع الماضي على إعدام شاب من المخطوفين.

وقال مدير شبكة «السويداء 24» المحلية للأنباء، نور رضوان، إن «التنظيم تواصل مع وفد التفاوض المحلي بعد انقطاع لأيام عدة، وأبلغهم بوفاة المرأة المسنة نتيجة المرض، وأرسل صورة لجثمانها».

ونقل عن عائلتها أنها كانت تعاني مشكلات صحية في القلب وداء السكري، وهي من بين أكبر النساء المخطوفات لدى التنظيم.

ولم تتمكن العائلة من التحقق من سبب الوفاة، خصوصاً أنه لا معلومات متوافرة عن ظروف ومكان احتجاز المخطوفين.

وقال رضوان إن الوفاة تمت في «ظروف غامضة» بحسب الأهالي، وهو ما أورده كذلك المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتتولى روسيا، بالتنسيق مع الحكومة السورية، التفاوض رسمياً مع التنظيم، وفق ما أكدت مرجعية دينية درزية في وقت سابق. كما شكّلت عائلات المخطوفين مع ممثلين للمرجعيات الدينية وفداً محلياً للتفاوض.

ويطالب التنظيم، وفق مصادر عدة، بإطلاق سراح مقاتلين تابعين له، معتقلين لدى قوات النظام مقابل الإفراج عن المخطوفين.

وأعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجوم، من دون أن يتبنى عملية الخطف التي شملت 14 امرأة و16 من أولادهن.

ويرجح رضوان أن «يكون التنظيم قد عمد، خلال الأيام الماضية، إلى نقل المخطوفين من مكان لآخر جراء العمليات العسكرية».

وبدأت قوات النظام السوري، الأحد الماضي، قصف مواقع التنظيم المتطرف في ريف المحافظة الشمالي الشرقي، وتخوض اشتباكات ضده مع مسلحين موالين في نقاط عدة، وفق المرصد السوري.

وتشكل محافظة السويداء، في جنوب سورية، المعقل الرئيس لدروز سورية، الذين يبلغ تعدادهم نحو 700 ألف نسمة.

تويتر