مفوضية اللاجئين بالأمم المتحدة: 750 ألف شخص حياتهم في خطر جنوب سورية

تصعيد غير مسبوق بمئات الضربـات الجوية يستهدف بلـــدات درعــــا.. والمـعــارضـــة تسـتــأنـــف المفاوضات

سحب الدخان الكثيف تتصاعد فوق درعا نتيجة الغارات الجوية للنظام. أ.ف.ب

استهدفت قوات النظام السوري وحليفتها روسيا بمئات الضربات الجوية مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في محافظة درعا، في تصعيد غير مسبوق، منذ بدء الحملة العسكرية على الجنوب، وفيما وافقت الفصائل على استئناف المفاوضات مع روسيا؛ أعلن المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، فيليبو غراندي، أن الضربات الجوية الكثيفة في جنوب سورية تعرض حياة 750 ألف شخص للخطر.

وتفصيلاً، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس تنفيذ «الطائرات السورية والروسية أكثر من 600 ضربة جوية بين غارات وقصف بالبراميل المتفجرة منذ ليل الأربعاء، واستهدفت بشكل خاص بلدات الطيبة والنعيمة وصيدا وأم المياذن واليادودة الواقعة في محيط مدينة درعا قرب الحدود الأردنية». كما طالت بعض الضربات مدينة درعا.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن التصعيد الأخير «غير مسبوق» منذ بدء الحملة العسكرية على درعا، مشيراً إلى استمرار الغارات.

وأضاف: «يحول الطيران السوري والروسي هذه المناطق إلى جحيم»، متحدثاً عن «قصف هستيري على ريف درعا في محاولة لإخضاع الفصائل بعد رفضها الاقتراح الروسي لوقف المعارك خلال جولة التفاوض الأخيرة عصر الأربعاء».

وأحصى المرصد مقتل ستة مدنيين على الأقل بينهم امرأة وأربعة أطفال جراء القصف على بلدة صيدا، التي تتعرض لغارات مستمرة منذ الأربعاء وتحاول قوات النظام اقتحامها، لترتفع بذلك حصيلة القتلى منذ بدء الهجوم إلى 149 مدنياً على الأقل بينهم 30 طفلاً، وفق المرصد.

وأكدت المعارضة السورية مقتل ستة مدنيين من عائلة واحدة في قصف جوي شنته الطائرات السورية والروسية على بلدة صيدا جنوب درعا.

وقال مصدر في المعارضة بمحافظة درعا، إن بين القتلى أربعة أطفال سقطوا جميعاً نتيجة استهداف بلدة صيدا بعشرات الغارات الجوية الروسية السورية.

على صعيد آخر، أفاد المصدر بأن مدنياً قتل ثلاثة عناصر من القوات الحكومية وسط ساحة الجيزة بريف درعا الشرقي جنوب سورية.

وأشار المصدر إلى أن عناصر آخرين من القوات الحكومية قاموا بإطلاق النار عليه واعتقاله.

وتعد هذه أول حالة اغتيال لعناصر من القوات الحكومية بيد مدنيين منذ سيطرة القوات الحكومية على بعض بلدات ريف.

من جهته بث التلفزيون السوري الرسمي مشاهد مباشرة تظهر تصاعد سحب من الدخان الأسود اثر غارات جوية. وأورد أن سلاح الجو يعمل على قطع «خطوط تواصل المجموعات المسلحة عبر استهداف تحركاتهم بين الأجزاء الجنوبية والريف الغربي لمدينة درعا».

وتستهدف الغارات وفق المصدر ذاته، المجموعات في حي المنشية والقسم الجنوبي من مدينة درعا وبلدة النعمية وأم المياذن في الريف الشرقي وبلدة اليادودة في الريف الغربي.

وفي تغريدة على موقع «تويتر»، كتب الناشط الإعلامي الموجود في مدينة درعا عمر الحريري: «ليلة الأربعاء الأصعب والأعنف قصفاً على درعا منذ بدء الهجمة البربرية لقوات الاحتلال الروسي ونظام الأسد».

وتزامناً مع الضربات الجوية، تمكنت قوات النظام أمس بحسب المرصد من السيطرة للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة أعوام على نقطة على الحدود السورية الأردنية جنوب مدينة بصرى الشام.

وأعلنت الفصائل المعارضة موافقتها على العودة إلى التفاوض مع الجانب الروسي حول اقتراح لوقف المعارك في جنوب سورية، بحسب ما أكد متحدث باسمها، بعد نحو 24 ساعة من التصعيد العسكري غير المسبوق على مواقعها.

وقال مدير المكتب الإعلامي في «غرفة العمليات المركزية في الجنوب» التابعة للفصائل حسين أبازيد: «سيتم استئناف المفاوضات لكن ننتظر تحديد ما إذا كان الاجتماع سيعقد في بلدة نصيب أو في بصرى الشام»، حيث عقدت الاجتماعات الأخيرة بين الطرفين.

وأوردت الفصائل في حسابها على «تويتر»: «نوافق على وقف الأعمال القتالية من الطرفين بصورة فورية لاستكمال جولة جديدة من المفاوضات»، مجددة المطالبة بـ«ضمانات حقيقية وبرعاية أممية لمفاوضات الجنوب».

ومع الإعلان عن موافقة الفصائل على التفاوض، أفاد مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن، بتوقف الغارات الروسية والسورية بشكل شبه كامل، بعد قصف هستيري على بلدات عدة في ميحط درعا قرب الحدود الأردنية.

وعقد الطرفان اجتماعاً عصر الأربعاء، أعلنت فصائل الجنوب على اثره «فشل المفاوضات» بسبب «الإصرار الروسي على تسليم الفصائل سلاحها الثقيل دفعة واحدة»، فيما اشترطت الأخيرة تسليمه على دفعات.

وكانت روسيا أنذرت الفصائل قبل الاجتماع، وفق ما قال مصدر معارض مطلع على مسار التفاوض، بأنها تنتظر ردها النهائي على اقتراح وقف إطلاق النار، مخيرة إياها بين الموافقة على اتفاق «مصالحة» يعني عملياً استسلامها أو استئناف الحملة العسكرية.

وأبرمت روسيا في الأيام الأخيرة اتفاقات «مصالحة» منفصلة مع الفصائل المعارضة في أكثر من ثلاثين قرية وبلدة. وتنص هذه الاتفاقات بشكل رئيس على استسلام الفصائل وتسليم سلاحها مقابل وقف القتال.

وتسببت العمليات القتالية في درعا في نزوح ما بين 270 ألفاً و330 ألف سوري وفق الأمم المتحدة.

وفي جنيف أعلن المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، فيليبو غراندي، أن الضربات الجوية الكثيفة في جنوب سورية تعرض حياة 750 ألف شخص للخطر.

وتضطر الأغلبية من أكثر من 320 ألف شخص فروا من هجمات قوات الحكومة السورية وحليفتها روسيا للتخييم في أماكن مفتوحة أو أماكن إيواء مؤقتة.

وقال غراندي: «أدعو جميع الأطراف إلى مضاعفة الجهود لوقف الأعمال القتالية والسماح لفرق المساعدات الإنسانية بتوصيل المساعدة المنقذة للحياة وإيواء وإخلاء المصابين»، منادياً بإيجاد حل سياسي. وقال إنه لابد أن يفتح الأردن حدوده للسماح للسوريين الفارين بالدخول، كما ينبغي على المجتمع الدولي إمداد الأردن بالمساعدة الفورية لاستضافة هؤلاء اللاجئين الجدد.

وفي موسكو نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مركز المصالحة السورية الذي تديره روسيا، قوله أمس إن أكثر من 5000 سوري غادروا منطقة خفض التصعيد في جنوب غرب سورية في الأربع والعشرين ساعة الماضية.

على صلة أعلنت وزيرة الإعلام الأردنية، جمانة غنيمات، أمس، أن الأردن اتخذ قرار إغلاق الحدود مع سورية لحماية أمنه، ولتجنب أية مخاطر قد تهدد أمنه ولا تحقق مصالحه، معتبرة أن فتح الحدود بحسب ما طلبت الأمم المتحدة من أجل توفير مأوى للنازحين السوريين من درعا يصطدم بهذه المصالح.

وأضافت أن المطلوب من المجتمع الدولي والأمم المتحدة أن يقوما بدورهما في إغاثة اللاجئين والضغط باتجاه التوصل لحل سياسي ينهي الأزمة في الجنوب السوري، وعدم التخلي عن دورهما الأساسي والمهم في إنهاء العنف والقتل، كما شددت على أن الحل ليس في فتح الحدود، بل في التوصل لحل سياسي يعالج أصل المشكلة،مؤكدة أن الأردن مستمر بواجبه الإنساني في إيصال المعونات الإغاثية للنازحين السوريين في الداخل السوري. في المقابل، ناشدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الأردن، أمس، أن يفتح حدوده ويوفر مأوى مؤقتاً لعشرات الآلاف من السوريين الفارين من الضربات الجوية والقتال في جنوب غرب سورية.

تويتر