مقتل 70 مسلحاً من الفصائل في معارك بالجنوب

غارات على درعا.. وقوات النظــام السوري تسعى إلى عزل مناطق سيطــــرة المعارضة

ارتفاع الدخان في ريف درعا عقب قصف جوي على المنطقة. رويترز

ركزت قوات النظام السوري وحليفته روسيا، أمس، قصفها على مدينة درعا، ما أرغم عشرات العائلات على الفرار، في تصعيد عسكري مستمر ضد الفصائل المعارضة في المحافظة الجنوبية، فيما نقلت وكالات عن الجيش الروسي مقتل 70 من المعارضة السورية في معارك بالجنوب.

وفي التفاصيل، تسعى قوات النظام إلى عزل مناطق سيطرة المعارضة في جيوب عدة، ما يسهل عليها عملياتها العسكرية، لاستعادة جنوب البلاد.

وتشكل محافظة درعا، منذ أسبوع، هدفاً لقصف عنيف تشنه قوات النظام، وانضمت إليها روسيا قبل يومين، استهدف بشكل خاص ريفها الشرقي، وتسبب بمقتل 28 مدنياً على الأقل، ونزوح أكثر من 20 ألف شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتكتسب المنطقة الجنوبية خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع إسرائيل والأردن، عدا قربها من دمشق. وتسيطر الفصائل المعارضة على 70% من محافظتي درعا والقنيطرة الحدودية مع إسرائيل، ويقتصر وجودها في محافظة السويداء على أطرافها الغربية.

وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن: «استهدفت قوات النظام، بعد منتصف الليل، أحياء سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة درعا بأكثر من 55 صاروخاً من نوع أرض-أرض قصيرة المدى»، قبل أن يتدخل الطيران الحربي والمروحي.

وألقت مروحيات تابعة للنظام، وفق قوله، صباح أمس «أربعة براميل متفجرة على الأقل على غرب المدينة، للمرة الأولى منذ أكثر من عام».

وفي وقت لاحق، نفذت روسيا أيضاً غارات على أحياء في المدينة وقاعدة عسكرية، تحت سيطرة الفصائل المعارضة في جنوب غربها.

• 750 ألف شخص في مناطق سيطرة الفصائل في الجنوب، حذرت الأمم المتحدة من تداعيات التصعيد عليهم.

• 20 برميلاً متفجراً، ألقتها قوات النظام، أمس، على بصر الحرير، تزامناً مع قصف مدفعي وصاروخي على منطقة اللجاة.

ودفعت هذه الغارات مدنيين إلى الفرار ليلاً من منازلهم، حيث توجهت عشرات العائلات وفق مراسل «فرانس برس»، من أحياء طالها القصف إلى حقول الزيتون المحيطة بالمدينة سيراً على الأقدام أو على دراجات نارية، ولجأت إلى خيم أو غرف صغيرة مبنية في تلك الحقول. وأشار المراسل إلى حالة من الخوف والهلع، جراء التصعيد الأخير.

وقال أحمد المسالمة (31 عاماً)، بعدما فر مع عائلته من المدينة ليلاً «لم نعرف ماذا حدث، كنا نائمين ولم نشعر إلا والقصف بدأ بشدة والأطفال يرتجفون من الخوف»، مضيفاً «خرجنا من منازلنا، ولم نعلم إلى أين نذهب».

وتابع جالساً في ظل شجرة زيتون «لا نعرف لما يضربنا النظام، للمرة الأولى يكون القصف بهذا العنف»، موضحاً «خرجنا بثيابنا وأمضينا ليلتنا بين الشجر. الجميع من نساء وشباب وأطفال خائفون».

ويأتي تكثيف القصف على مدينة درعا، بعد أسبوع من القصف المتواصل على الريف الشرقي للمحافظة. وتشارك فيه الطائرات الروسية منذ السبت الماضي، رغم كون موسكو إحدى الدول الضامنة لوقف إطلاق النار في المنطقة الجنوبية، إلى جانب الأردن المجاور والولايات المتحدة، والمعمول به منذ عام.

ونقلت وكالات روسية للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها، أمس، إن الجيش السوري تصدى بدعم من سلاح الجو الروسي لهجوم من مقاتلي المعارضة، في «منطقة خفض التصعيد» الجنوبية، وقتل نحو 70 منهم.

وتحاول قوات النظام، وفق المرصد، التقدم على محورين في درعا «لفصل مناطق سيطرة الفصائل المعارضة إلى ثلاثة جيوب، تمهيداً لتسهيل السيطرة عليها»، وهي الاستراتيجية العسكرية التي لطالما اتبعتها دمشق، لإضعاف الفصائل وتشتيت جهودها قبل السيطرة على مناطقها.

وتقسم مناطق سيطرة قوات النظام المحافظة تقريباً إلى جزءين تسيطر عليهما الفصائل المعارضة، وتربطهما حالياً قاعدة عسكرية خسرتها القوات الحكومية عام 2014، وتقع جنوب غرب مدينة درعا.

وأوضح عبدالرحمن «تسعى قوات النظام بدعم جوي روسي إلى السيطرة على هذه القاعدة القريبة من الأردن، لتفصل مناطق سيطرة المعارضة بالكامل إلى جزءين شرقي وغربي».

وتحاول قوات النظام كذلك التقدم على محور ثانٍ، في ريف درعا الشرقي، عبر السيطرة على بلدة بصر الحرير، التي تتعرض لغارات روسية وسورية، وتدور فيها الاثنين معارك عنيفة. وفي حال سيطرت على هذه البلدة، يصبح بإمكان قوات النظام أن تقسم الجزء الشرقي حيث الفصائل إلى جيبين.

وتعرضت بصر الحرير لقصف سوري بأكثر من 20 برميلاً متفجراً، أمس، تزامناً مع قصف مدفعي وصاروخي على منطقة اللجاة المحاذية، ما أدى إلى خروج مركز للدفاع المدني من الخدمة.

وأعلن الدفاع المدني في محافظة درعا أن كوادره «لم تتمكن من الوصول إلى المناطق المستهدفة من شدة وتيرة القصف».

ونزح أكثر من 20 ألف مدني داخل مناطق سيطرة الفصائل، بحسب المرصد، منذ الثلاثاء الماضي، معظمهم من ريف درعا الشرقي. وأوضح أن عدداً منهم يقترب من الحدود مع الأردن، بحثاً عن الأمان.

وحذرت الأمم المتحدة من تداعيات التصعيد على نحو 750 ألف شخص في مناطق سيطرة الفصائل في الجنوب، في وقت أعلن فيه الأردن عدم قدرته على استيعاب موجة لجوء جديدة.

وقال المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في سورية، علي الزعتري، في تغريدة على موقع «تويتر»، أول من أمس: «يجب تفادي أي أزمة إنسانية في جنوب سورية، عبر تجنيب المدنيين آلام القتال أولاً، والاستجابة لها بسرعة من داخل سورية وخارجها ثانياً».

وتشكل المنطقة الجنوبية محور محادثات، تتولاها روسيا مع الأميركيين والإسرائيليين والأردنيين.

وأوضح المحلل المتخصص في الشأن السوري في مجموعة الأزمات الدولية، سام هيلر، أن قوات النظام تهدف، من خلال قصفها، إلى «الضغط من أجل مفاوضات دولية أو محلية، كما التمهيد لهجوم أوسع في حال لم تحرز المفاوضات تقدماً».

وتلقت الفصائل العاملة في الجنوب السوري رسالة من واشنطن، أبلغتها فيها بأنها لا تنوي التدخل عسكرياً إلى جانبها في الجنوب، وفق ما قال قيادي في أحد الفصائل لـ«فرانس برس»، أول من أمس، دون أن يصدر أي تعليق بشأنها من واشنطن.

ورأى هيلر أن «الأميركيين لم ينخرطوا بشكل جدي في مفاوضات بشأن الجنوب، ومن غير المتوقع أن يتدخلوا عسكرياً»، مضيفاً «تدعم واشنطن جهوداً أردنية، لكنها لم تضع وزنها السياسي أو العسكري في حل للجنوب».

تويتر