دفعة من المقاتلين والمدنيين تغادر عربين جنوب الغوطة الشرقية

تركيا تعلن مدينة تل رفعت الهـــــدف المقبل لعمليتها العسكرية في سوريـــــــة

مدنيون ومسلحون يغادرون بلدة عربين في منطقة الغوطة الشرقية على مشارف دمشق. أ.ف.ب

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، أن مدينة تل رفعت شمال سورية، ستكون الهدف المقبل للعملية العسكرية التركية، بعد السيطرة على عفرين من المقاتلين الأكراد. في حين غادرت، أمس، دفعة من المقاتلين والمدنيين مدينة عربين جنوب الغوطة الشرقية، بموجب اتفاق مع روسيا، سيؤدي إلى إحكام سيطرة قوات النظام على هذه المنطقة.

وقال أردوغان في مدينة طرابزون على البحر الأسود، إن مدينة تل رفعت ستكون الهدف المقبل للعملية العسكرية التركية في شمال سورية.

وأضاف «بإذن الله سنضمن أن تحقق هذه العملية هدفها بعد السيطرة على تل رفعت خلال فترة قصيرة».

وكان الجيش التركي، أعلن أول من أمس، سيطرة قوات «غصن الزيتون» على كامل قرى وبلدات منطقة عفرين، من المقاتلين الأكراد.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية، عن بيان صادر عن الجيش التركي، أنّ قوات «غصن الزيتون» تتخذ تدابير احترازية، من أجل ضمان عودة آمنة للمدنيين إلى منازلهم.

وفي هذا الإطار تجري القوات التركية تمشيطاً لمنطقة عفرين، من أجل تفكيك العبوات الناسفة والألغام التي زرعها الأكراد.

في السياق، أعلن رئيس أركان الجيش التركي، خلوصي أكار، أن قوات بلاده المشاركة في عملية «غصن الزيتون» ستصل حتى أطراف حلب، عند بلدتي «نُبّل» و«الزهراء»، لتحكم السيطرة على منطقة عفرين كاملة.

وأكد أن تركيا لا تستهدف على الإطلاق وحدة التراب والسيادة، سواء في سورية أو العراق، وهي تبدي احتراماً كبيراً في هذا الإطار.

وأشار أنه «لا يمكن أن يكون الإرهابيون بنوا الملاجئ في عفرين بقدراتهم وحدها، من المستحيل أن تكون أنشئت دون دعم هندسي وتخطيط وتوجيه من قبل دولة ما».

من ناحية أخرى، غادرت دفعة جديدة من المقاتلين والمدنيين، وهم يغالبون دموعهم جنوب الغوطة الشرقية، بموجب اتفاق مع روسيا، سيؤدي في حال إتمام تنفيذه إلى إحكام سيطرة قوات النظام على هذه المنطقة.

وبعد حصار محكم فرضته منذ عام 2013، وحملة عسكرية عنيفة بدأتها في 18 فبراير، باتت قوات النظام تسيطر على أكثر من 90% من مساحة الغوطة الشرقية، التي تعد خسارتها ضربة موجعة للفصائل المعارضة في آخر معاقلها قرب دمشق.

وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي «حركة أحرار الشام» في مدينة حرستا، و«فيلق الرحمن» في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقي إجلاء للمقاتلين والمدنيين إلى منطقة إدلب (شمال غرب)، تم تنفيذ الأول، واستكمل أمس تنفيذ الثاني، فيما لاتزال المفاوضات مستمرة بشأن مدينة دوما، معقل «جيش الإسلام».

وتجمع عشرات المقاتلين والمدنيين في عربين، أمس، وسط حالة من الحزن، بعدما وضبوا ما أمكنهم من حاجاتهم في الحقائب وأكياس من القماش، قبل أن يستقلوا أولى الحافلات في طريقهم إلى حرستا، نقطة التجمع قبل الانطلاق إلى مناطق الشمال.

ولم يتمكن الأهالي من حبس دموعهم وهم يهمون بالصعود إلى الحافلات التي وصلت صباح أمس، وتوقفت في شوارع مملوءة بالركام، وعلى ضفتيها أبنية مهدمة وأخرى تصدعت واجهاتها أو طوابقها العلوية جراء كثافة القصف، وفق ما أفاد مراسل «فرانس برس» في المدينة.

وقال أحد السكان، ويدعى حمزة عباس، لـ«فرانس برس»، «تخرج الناس إلى بلاد غير بلادها. لم يعد لديها مال أو منازل أو حتى ملابس لتأخذها نتيجة القصف».

وأضاف بتأثر «قرّرت مغادرة الغوطة، كيف بإمكاني أن أعيش مع شخص قتل أهلي وأصدقائي؟ مع من دمرني ودمّر مستقبلي؟».

وأقلت 15 حافلة 898 مقاتلاً مع أفراد عائلاتهم من عربين، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية عند منطقة حرستا.

وبعد خروجها من عربين، تتوقف الحافلات تباعاً في حرستا، بانتظار اكتمال القافلة تمهيداً لانطلاقها نحو الشمال.

في تلك النقطة، تخضع الحافلات لعملية تفتيش، قبل أن يستقلّ جندي روسي كل حافلة لمرافقتها حتى بلوغ وجهتها، وفق مراسل لـ«فرانس برس» في حرستا.

وتعد هذه القافلة الثانية التي يتم إجلاؤها من عربين والبلدات المجاورة تحت سيطرة «فيلق الرحمن»، غداة قافلة أولى نقلت نحو 1000 مقاتل ومدني من المنطقة، وبلغت، أمس، قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي، المحطة ما قبل الأخيرة قبل توجهها إلى إدلب، وفق ما أفاد مراسل «فرانس برس» في المنطقة.

ومن المقرر بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه «إثر مفاوضات مع روسيا»، وفق ما أعلن «فيلق الرحمن»، إجلاء نحو 7000 شخص من زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي، في عملية قد تتواصل خلال اليومين المقبلين.

ويأتي إخلاء جنوب الغوطة الشرقية حيث لـ«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) وجود محدود بعد إجلاء أكثر من 4500 شخص، بينهم 1400 مقاتل من «حركة أحرار الشام»، يومي الخميس والجمعة الماضيين. وخلال شهر من العمليات العسكرية، قتل أكثر من 1630 مدنياً، بينهم نحو 330 طفلاً على الأقل.

وقبل التوصل إلى اتفاقات الإجلاء، تدفق عشرات الآلاف من المدنيين إلى مناطق سيطرة قوات النظام مع تقدمها ميدانياً داخل الغوطة.

وقدرت دمشق عدد الذين غادروا من بلدات ومدن الغوطة الشرقية منذ نحو أسبوعين بأكثر من 107 آلاف مدني، عبر «الممرات الآمنة» التي حددتها الحكومة السورية. وغالباً ما يتم نقلهم إلى مراكز إيواء حكومية في ريف دمشق، تكتظ بالمدنيين.

وقال الرئيس السوري بشار الأسد متوجهاً لجنود شاركوا في عملية الغوطة منتصف الشهر الجاري، إن «أهالي دمشق أكثر من ممتنين لكم، وسيذكرون هذا الأمر لعشرات السنين، وربما لأولادهم، كيف أنقذتم مدينة دمشق».

تويتر