مقتل 20 مدنياً في عمليات قصف.. وتبادل معتقلين بين قوات النظام والفصائل المعارضة

بدء أول عملية إجلاء لمقاتلين مـعارضين ومدنيين من حرستا بالغوطة الشرقية

خلال عملية الإجلاء من الغوطة الشرقية. أ.ف.ب

بدأ إجلاء مقاتلين معارضين ومدنيين من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية قرب دمشق، بموجب اتفاق يأتي بعد سنوات من الحصار، وبعد هجوم عنيف بدأه جيش النظام السوري قبل أكثر من شهر، بهدف استعادة آخر معقل لمقاتلي المعارضة قرب دمشق. وبالتزامن مع عملية الإجلاء، تواصل القصف الجوي والمدفعي، مسفراً عن مقتل 20 مدنياً في مناطق أخرى في الغوطة الشرقية، التي تمكن جيش النظام من السيطرة على أكثر من 80% من مساحتها، بينما قتل أربعة مدنيين في دمشق في قصف من مقاتلي المعارضة.

وتفصيلاً، أفاد تلفزيون النظام السوري الرسمي بخروج أكثر من 1130 شخصاً، بينهم 237 مسلحاً، من حرستا الواقعة على بعد نحو خمسة كيلومترات شرق العاصمة، حتى الآن. ويأتي الإجلاء بموجب اتفاق أعلنت عنه حركة أحرار الشام، الأربعاء، بعد مفاوضات مع روسيا.

وقال مصدر عسكري «من المتوقع أن يخرج نحو 2000 شخص، بينهم 700 مسلح، في دفعة أولى على متن 40 حافلة»، على أن تخرج «آخر دفعة اليوم».

وأوضحت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين سيخرجون بموجب الاتفاق يصل إلى «1500 مسلح و6000 من عائلاتهم»، على دفعات.

وتتجمع الحافلات التي تقل المدنيين والمقاتلين، وفق مصدر عسكري، في «منطقة تماس بين الطرفين، قبل أن تنطلق إلى مناطق سيطرة الجيش، ومنها إلى إدلب»، في شمال غرب سورية، وسيستغرق الطريق إلى إدلب ساعات طويلة.

وتجمع عند أطراف حرستا، بحسب مراسل لوكالة فرانس برس في المكان، صحافيون، وعدد من الجنود الروس والسوريين، إلى جانب دبابات وسيارات إسعاف. وكانت عشرات الحافلات البيضاء توقفت، منذ الصباح الباكر، على جانب الطريق المؤدي من دمشق إلى حرستا، قبل أن يدخل عدد منها إلى المدينة لنقل المغادرين.

وحصلت قبل ظهر أمس عملية تبادل معتقلين بين قوات النظام والفصائل المعارضة.

وقال مصدر عسكري في المكان لـ«فرانس برس»: «سلمناهم ستة معتقلين، وأفرجوا هم عن 13 عسكرياً ومدنياً». وشاهد مراسل «فرانس برس» سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري تخرج الرجال الـ13، الذين راوحت فترات اعتقالهم بين ثلاثة أشهر وثلاث سنوات، وفق قولهم.

وشكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام، كونها إحدى بوابات دمشق. وقد فرضت عليها حصاراً محكماً منذ عام 2013، رافقه طوال سنوات قصف منتظم، شاركت فيه روسيا. وأسفر الحصار عن أزمة إنسانية، تجلت بنقص فادح في المواد الغذائية والطبية، ووفيات ناتجة عن سوء التغذية.

ورداً على سؤال حول الأسباب التي دفعت إلى إبرام الاتفاق، قال رئيس المجلس المحلي لحرستا، حسام البيروتي لـ«فرانس برس»: «حرستا حوصرت من دون مقومات طبية وإغاثية، دُمّرت بالكامل، وأحوال الناس باتت في الويل».

وأضاف: «خلال الأسبوع الأخير، لم تجد 50% من العائلات ما تأكله، وانتشر الجرب والمرض في الأقبية، وإضافة إلى ذلك، كانت الصواريخ تطال حتى الأقبية، نحو خمس مجازر حصلت في الأقبية».

ومع تقدمها في الغوطة، تمكنت قوات النظام من تقطيع أوصالها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، هي دوما شمالاً تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن، إضافة إلى حرستا التي تسيطر حركة أحرار الشام على الجزء الأكبر منها. وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة، بينها مدن وبلدات قرب دمشق، عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين، بموجب اتفاقات مع قوات النظام، إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب في نهاية عام 2016.

وتعرضت بلدات عدة في القطاع الجنوبي ومدينة دوما لقصف جوي ومدفعي، أمس.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 20 مدنياً في الغوطة الشرقية، قتل 16 منهم في غارات روسية وسورية على بلدة زملكا جنوباً. وأشار إلى أن «الغارات مستمرة بكثافة». وارتفعت بذلك حصيلة الحملة العسكرية منذ أكثر من شهر إلى أكثر من 1560 مدنياً، بينهم 316 طفلاً، وفق المرصد. وترد الفصائل المعارضة على التصعيد في الغوطة باستهداف دمشق ومحيطها بالقذائف، ما تسبب أمس في مقتل أربعة أشخاص في دمشق، وفق ما أفاد تلفزيون النظام. وفتحت قوات النظام قبل فترة ثلاثة معابر لخروج المدنيين الراغبين من الغوطة الشرقية، هي حرستا ومخيم الوافدين قرب دوما وحمورية جنوباً.

ودفع القصف والمعارك أكثر من 80 ألف مدني للنزوح منذ 15 مارس باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام.

وعبر معبر الوافدين، غادر أكثر من 4000 مدني، أمس، مدينة دوما، وفق المرصد. وأعرب كثيرون في وقت سابق عن خشيتهم من تعرضهم للاعتقال أو الاحتجاز للتجنيد الإلزامي بالنسبة إلى الشبان، لكنهم لم يجدوا خيارات أخرى أمامهم مع كثافة القصف والمعارك.

وتوجه نازحو الغوطة الشرقية إلى مراكز إيواء، أنشأتها الحكومة في ريف دمشق، وصفت الأمم المتحدة الوضع فيها بـ«المأساوي»، وطالبت بإعادتهم إلى منازلهم أو عدم إخراجهم منها.

تويتر