عمليات تمشيط ونهب لعفرين.. ودمشق تدين «الاحتلال التركي» وتطالب أنقرة بالانسحاب

أردوغان يتعهّد بتوسيع نطاق هــجـوم قواته في سوريــة وصولاً إلى العراق

مدنيون من أهالي عفرين ينزحون منها عقب السيطرة التركية عليها إلى حلب حيث سيطرة قوات الحكومة السورية. أ.ف.ب

تعهد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس، بتوسيع العملية التركية في سورية إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة الأكراد، وصولاً إلى الحدود العراقية، غداة إخراج قوات موالية لأنقرة القوات الكردية من عفرين، التي شهدت عمليات نهب قام بها مسلحون موالون لأنقرة، أثناء قيام القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها بعمليات تمشيط، أمس، فيما نددت الخارجية السورية بـ«الاحتلال التركي» لعفرين، وطالبت «القوات الغازية» بالانسحاب الفوري من الأراضي السورية، بينما تتعرض الغوطة الشرقية قرب دمشق، ومدينة دوما تحديداً، لقصف عنيف.

وفي التفاصيل، قال أردوغان، في إشارة إلى المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية: «سنستمر في هذه العملية الآن إلى حين القضاء بشكل كامل على هذا الممر، الذي يشمل منبج وعين العرب (كوباني) وتل أبيض وراس العين والقامشلي».

200

ألف شخص فروا، جراء

العملية العسكرية

بقيادة تركيا في عفرين،

يعيشون بلا مأوى.

وأضاف الرئيس التركي أنه طلب من الحكومة العراقية «تطهير شمال العراق من المسلحين الأكراد، وسينفذ عمليات هناك إذا لزم الأمر»، ما يعني نقل عملياته إلى الأراضي العراقية.

يأتي ذلك في وقت أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بقيام القوات التركية والمقاتلين الموالين لها بعمليات «تمشيط داخل أحياء مدينة عفرين لتأمين المدينة» غداة سيطرتهم عليها، إثر عملية عسكرية بدأتها أنقرة في 20 يناير ضد المقاتلين الأكراد.

ووثق المرصد مقتل 13 مقاتلاً من الفصائل، أول من أمس، وإصابة أكثر من 25 آخرين بجروح جراء انفجار ألغام داخل المدينة.

وكان المقاتلون الأكراد انسحبوا من المدينة قبل دخول القوات التركية إليها.

وقال القيادي في الإدارة الذاتية الكردية، ألدار خليل، إن الانسحاب جاء بهدف «حماية المدنيين وتجنيبهم القصف»، وأوضح «تم إخلاء المدينة وخرجت القوات (الكردية) منها لسد الطريق أمام أي حجة قد يحاول الاحتلال التركي إبرازها لتبرير قصفه».

وبعد انسحابها من عفرين أعادت الوحدات الكردية، وفق مسؤولين، انتشارها في محيط المدينة، وتوعد الأكراد بـ«ضرب» القوات التركية حتى «تحرير» كامل المنطقة، التي تعد واحدة من أقاليم إدارتهم الذاتية الثلاثة.

ولليوم الثاني على التوالي، تستمر عمليات النهب داخل عفرين، وفق ما أفاد مراسل لوكالة «فرانس برس».

وفور دخولهم إلى عفرين، التي بدت، أول من أمس، شبه خالية من سكانها، عمد مقاتلون سوريون موالون لأنقرة إلى أخذ مواد غذائية وأجهزة إلكترونية وبطانيات وسلع أخرى من المحال والمنازل، وتحدث المرصد السوري عن «فوضى عارمة».

من جانبها، قالت الخارجية الأميركية: «يبدو أن عمليات ترحيل تشهدها عفرين تحت تهديد الجيش التركي»، ودعت تركيا وروسيا والحكومة السورية للسماح بدخول المنظمات الإنسانية إلى مناطق سيطرتها.

وندد قياديون في المعارضة السورية وشخصيات كردية بأعمال النهب، وقال القيادي في فصيل «جيش الإسلام» المعارض، أبرز فصائل الغوطة الشرقية، محمد علوش، في تغريدة على موقع «تويتر» أمس: «ما حدث من نهب وسرقة للممتلكات الخاصة والعامة في عفرين، جريمة وسقوط أخلاقي لمن قام به».

وقال المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين، بروسك حسكة: «إنهم ينهبون المنازل، ويحرقون المؤسسات، ويحطمون تماثيل الرموز، تماما كما فعل مسلحو داعش في المناطق التي كانوا يجتاحونها».

وقالت عضو الإدارة الذاتية الكردية في مدينة عفرين، هيفي مصطفى، إن أكثر من 200 ألف شخص، فروا جراء العملية العسكرية بقيادة تركيا، يعيشون بلا مأوى في مناطق قريبة ويفتقرون إلى الغذاء والماء.

وأضافت، عبر الهاتف في حديث لوكالة «رويترز»: «إن أصحاب السيارات ينامون في سياراتهم، ومن لا يملكون سيارات ينامون أسفل الأشجار مع أبنائهم».

وقالت هيفي مصطفى إن المدنيين الباقين في عفرين يواجهون تهديدات من الجماعات المدعومة من تركيا.

وبعد التقدم الأخير في مدينة عفرين، باتت القوات التركية تسيطر على كامل «إقليم» عفرين الكردي.

ويرفرف العلم التركي في نقاط عدة داخل المدينة وفوق مباني الإدارة الذاتية، وكتب المقاتلون الموالون لأنقرة أسماء فصائلهم على جدران الشوارع.

ورأى الخبير في الشؤون الكردية، موتلو جيفير أوغلو، أن «خسارة عفرين تشكل ضربة كبيرة لمشروع الحكم الذاتي الكردي».

ويزيد التقدم التركي في عفرين من تعقيدات الحرب المتشعبة الأطراف في سورية، مع سعي القوى الدولية المؤثرة إلى تكريس نفوذها في الميدان.

وفي الغوطة الشرقية، تَوَاصل القصف الجوي والصاروخي من قبل قوات النظام في مدينة دوما، التي شهدت هدوءاً لمدة أسبوع، أدخلت خلاله مساعدات إنسانية إلى المدينة. وأحصى المرصد مقتل 20 مدنياً في أقل من 24 ساعة بمدينة دوما، بالإضافة إلى 14 آخرين في بلدات أخرى.

ومنذ 18 فبراير، تسبب الهجوم في مقتل أكثر من 1420 مدنياً بينهم 281 طفلاً.

وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، إن القصف على دوما هو «الأعنف» منذ أسبوع، ويأتي إثر هجوم مفاجئ نفذه فصيل «جيش الإسلام» على قوات النظام على جبهتَي مسرابا وبيت سوى جنوباً انطلاقا من دوما.

ودارت، أمس، اشتباكات أيضاً في جنوب الغوطة بين فصيل «فيلق الرحمن» وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) من جهة، وقوات النظام من جهة ثانية.

ومع تقدمها في الغوطة، تمكنت القوات الحكومية من تقطيع أوصالها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، هي دوما شمالاً تحت سيطرة فصيل «جيش الإسلام»، وحرستا غرباً حيث حركة «أحرار الشام»، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل «فيلق الرحمن».

وأورد التلفزيون السوري الرسمي، أمس، أن الجيش يواصل تقدمه في الغوطة التي زارها الرئيس السوري، بشار الأسد، الذي شكر الجنود على «إنقاذ» العاصمة، وفق ما نشرت حسابات الرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي، أول من أمس. وبدا الأسد في مقاطع فيديو وهو يرتدي نظارة شمسية ويقود سيارته من طراز «هوندا» بنفسه، ويذكر في أحد الفيديوهات المنشورة اسم كل منطقة مرّ فيها من دمشق، وصولاً إلى «جسرين» التي سيطرت عليها قواته أخيراً.

وقال الأسد إن هدف المجموعات المسلحة كان «خنق مدينة دمشق»، مؤكداً أن «شريان الحياة، الدم، الأوكسيجين بدأ يسير من أول وجديد في البلد».

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أمس، مقتل أم وابنتها جراء قذيفة للفصائل المعارضة طالت أحد أحياء دمشق. وعلى وقع القصف والمعارك، أمس، يتواصل النزوح من بلدات في جنوب الغوطة إلى مناطق تسيطر عليها قوات النظام.

وقدّر المرصد السوري عدد الفارين، أمس، بأكثر من 4000 مدني، ما يرفع عدد النازحين من الغوطة إلى نحو 70 ألف مدني منذ الخميس الماضي.

تويتر