نزوح جماعي قسري للمدنيين.. والهجمات مستمرة على جبهتَي الغوطة الشرقية وعفرين

المعارضة السورية تحمّل الأمـــم المتحدة مسؤولية الفشل في منع جـــــرائم النظام

صورة

حمّلت المعارضة السورية، أمس، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مسؤولية الفشل في منع الجرائم بسورية، بما في ذلك الهجوم على الغوطة الشرقية، في حين يواصل آلاف المدنيين نزوحهم القسري هرباً من الموت، حيث يستمر النظام بقصف البلدة المحاصرة قرب دمشق بعنف سعياً إلى السيطرة عليها، وتصعّد تركيا هجومها على منطقة عفرين الحدودية لطرد الأكراد منها.

وتفصيلاً، قال رئيس هيئة التفاوض في المعارضة، نصر الحريري، في مؤتمر صحافي بالرياض، رداً على سؤال عن الغوطة الشرقية قرب دمشق، إن الأمم المتحدة «تتحمل بشكل مباشر مسؤولية السكوت عن هذه الجرائم، وعدم اتخاذ الإجراءات التي تمنع من حدوثها».

إلا أنه أضاف «لا ننسى أن المسؤول المباشر عن هذه الجرائم هو النظام، والدول التي تقف إلى جانب النظام».

وبعد حصار استمر خمس سنوات، فتحت قوات النظام ممراً خرج منه أكثر من 40 ألف مدني، خلال الأيام الثلاثة الماضية، بدوا مرهقين ويعانون من آثار الجوع والإرهاق والخوف.

وصباح أمس، قُتل أكثر من 30 مدنياً في قصف جوي على مدينة زملكا في الغوطة الشرقية، التي تستهدفها قوات النظام السوري بهجوم عنيف يهدف إلى استعادة آخر معقل لمقاتلي المعارضة قرب العاصمة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ولم يتمكن المرصد من تحديد ما إذا كان طيران تابع للنظام السوري أو للطيران الروسي، نفذ هذه الغارات.

في الأثناء، يواصل آلاف المدنيين نزوحهم القسري هرباً من الموت، حيث يستمر النظام بقصف الغوطة الشرقية، وكذلك تتعرض بلدة عفرين للقصف من قبل تركيا.

وبلغ عدد الفارين من عفرين، منذ مساء الأربعاء، أكثر من 200 ألف مدني شوهدوا في طوابير طويلة من السيارات المحملة بالأمتعة والناس، على الطريق المؤدي إلى خارج المدينة.

وتحاصر قوات النظام الغوطة الشرقية منذ نحو خمس سنوات. وتَرَافق الحصار مع قصف جوي ومدفعي منتظم شاركت فيه، خلال الفترة الأخيرة، الطائرات الروسية. وتسبب القصف في مقتل آلاف الأشخاص، بينما تسبب الحصار في نقص فادح للمواد الغذائية والطبية، ووفيات ناتجة عن الجوع.

وتمكنت قوات النظام بدعم من روسيا، منذ 18 فبراير، من السيطرة على 70% من الغوطة وفصلها إلى ثلاثة جيوب. ويشهد الجيب الجنوبي، الذي يخضع لسيطرة «فيلق الرحمن»، قصفاً عنيفاً غير مسبوق يدفع المدنيين إلى الهروب، بعد أن فتحت قوات النظام ممراً لهم يسلكونه للانتقال إلى مناطق النظام.

وقال المرصد إن «الطائرات الحربية استهدفت المواطنين خلال توجههم نحو بلدة حزة، للخروج من معبر حمورية الذي خرج منه، صباح أمس، نحو 10 آلاف مواطن، بينهم مئات المواطنات والأطفال منذ صباح أمس، ليرتفع إلى أكثر من 40 ألفاً عدد الخارجين منذ الخميس».

وقُتل في القصف الجوي، منذ نحو شهر، تاريخ بدء الهجوم على الغوطة، 1394 مدنياً بينهم 271 طفلاً، بحسب المرصد.

وبث التلفزيون السوري الرسمي، صباح أمس، مشاهد نزوح المدنيين الذين يصلون إلى مناطق تابعة لسيطرة النظام قرب دمشق. وأظهرت الصور نساء مسنات يرتدين الأسود، وشابات يحملن بطانيات، وأمهات يحاولن جرّ عربات أطفالهن على طريق وعر، ورجالاً يحملون حقائب على أكتافهم، فيما كان أب يساعد ابنه، الذي يرتدي كنزة برتقالية اللون ويحمل كيسا قماشياً كبيراً، على قيادة دراجة.

وفي وقت يواصل النظام قصفه وتقدمه ميدانياً، أعلنت مجموعات «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«أحرار الشام» - التي يوجد كل تنظيم منها في جزء من الأجزاء الثلاثة للغوطة الشرقية - أنها مستعدة لإجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا في جنيف برعاية الأمم المتحدة.

ويسعى النظام السوري إلى استعادة السيطرة على كامل البلاد التي خسر أجزاء واسعة منها في سنوات الحرب الأولى، ثم تمكن من استعادة أكثر من نصف الأراضي السورية بدعم عسكري روسي.

ودخل النزاع الدامي في سورية، الخميس، عامه الثامن، مع حصيلة قتلى تخطت 350 ألف شخص. وتعتبر الغوطة الشرقية في ريف دمشق إحدى أقدم الجبهات وأكثرها عنفاً.

في الشمال، نزح أكثر من 200 ألف مدني من مدينة عفرين، منذ مساء الأربعاء، هرباً من القصف المدفعي للقوات التركية التي تواصل هجومها منذ 20 يناير على المنطقة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان «نزح ما لا يقل عن 50 ألف شخص من عفرين، ما يرفع عدد النازحين منذ مساء الأربعاء إلى 200 ألف».

وأضاف «النزوح مستمر والوضع الإنساني كارثي، حتى اللحظة المدنيون لايزالون ينزحون من مدينة عفرين.. المشهد مرعب ومخيف».

وجاء ذلك بعد تصعيد جديد من القوات التركية والفصائل السورية المقاتلة الموالية لها، أول من أمس. وقتل 16 مدنياً، أول من أمس، جراء غارة تركية استهدفت المستشفى الرئيس في مدينة عفرين، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال مدير المشفى، الدكتور جوان محمد، إن «القصف التركي على المستشفى أدى إلى إلحاق دمار كبير به»، مشيراً إلى «خروجه نن الخدمة حالياً».

وفي أنقرة نفى الجيش التركي، استهداف قواته مستشفى عفرين، مؤكداً أن تلك الأنباء «عارية عن الصحة تماماً».

وقالت القوات المسلحة التركية، في تغريدة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، فجر أمس: «إن الأنباء التي وردت حول استهداف قواتنا لمستشفى في عفرين، عارية عن الصحة».

وشدد الجيش على أن عملية «غصن الزيتون» تجري دون إلحاق أي ضرر على الإطلاق بالمدنيين، أو حتى بالبيئة. وقتل أيضاً 27 مدنياً آخرون، بينهم أطفال، أول من أمس، في قصف مدفعي للقوات التركية على مدينة عفرين.

وتدور حالياً، وفق المرصد السوري، «اشتباكات عنيفة عند أطراف المدينة الشمالية، في محاولة من قبل القوات التركية والفصائل الموالية لها لاقتحامها».

وتمكنت القوات التركية، خلال الأيام الماضية، من تطويق مدينة عفرين وعدد من البلدات في محيطها بشكل شبه كامل، باستثناء ممر وحيد يستخدمه المدنيون الذين يفرون بالآلاف إلى مناطق أخرى يسيطر عليها المقاتلون الأكراد، وأخرى مجاورة تحت سيطرة قوات النظام السوري.

تويتر