مفاوضات بين ممثلين عن النظام ومسؤولين محليين لوقف «سفك الدماء» في البلدة المحاصرة

قافلة مساعدات تدخل إلى الغوطـة رغـــم القصف.. والأمم المتحدة تحذر من ظروف «أسـوأ» للمدنيين

أثناء دخول قافلة المساعدات الإنسانية إلى مدينة دوما. أ.ف.ب

دخلت قافلة مساعدات إلى الغوطة الشرقية، أمس، رغم القصف المتواصل، الذي تشنه قوات النظام منذ نحو ثلاثة أسابيع في هذه المنطقة المحاصرة، في وقت حذرت الأمم المتحدة من أن الظروف التي يواجهها المدنيون في سورية «أسوأ من أي وقت مضى». وجاء تجدد القصف، بعد ليلة شهدت هدوءاً غير مسبوق منذ نحو أسبوعين، في خطوة رجح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن تكون «بادرة حسن نية»، تزامناً مع مفاوضات محلية بين ممثلين عن النظام ومسؤولين محليين، تجري «لوقف سفك الدماء» في الغوطة الشرقية.

وتفصيلاً، جدد الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سورية ومنسق الشؤون الإنسانية، علي الزعتري، بعد دخول قافلة المساعدات إلى الغوطة الدعوة إلى وقف الأعمال القتالية في المنطقة، وإلى التهدئة في أنحاء سورية كافة، بحيث يمكن إيصال المساعدات بأمان إلى الأشخاص المحتاجين.وقال الزعتري، في بيان: «يعرض القصف قرب دوما في الغوطة الشرقية قافلة المساعدات المشتركة بين الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والهلال الأحمر العربي السوري للخطر، رغم ضمانات السلامة من الأطراف، وبينها روسيا».وتعرضت أطراف مدينة دوما لخمس غارات على الأقل، وفق المرصد، بعد وقت قصير من دخول قافلة المساعدات، المؤلفة من 13 شاحنة محملة بمواد غذائية.وشنت قوات النظام هجوماً برياً موازياً، للقصف الذي تشارك فيه طائرات روسية، تمكنت بموجبه وفق المرصد من السيطرة على أكثر من نصف مساحة المنطقة المحاصرة، حيث توشك على فصلها إلى جزأين، شمالي يضم مدينة دوما والقرى التابعة لها، وجنوبي تعد حمورية أبرز بلداته.ودخلت، الإثنين، أول قافلة منذ بدء التصعيد، سلمت 247 طناً من المساعدات الطبية والغذائية إلى مدينة دوما، لكنها اضطرت للمغادرة قبل أن تفرغ كامل حمولتها جراء القصف. ومنعت السلطات السورية القافلة من نقل بعض المواد الطبية الضرورية.وفاقمت الحملة العسكرية، المستمرة منذ نحو ثلاثة أسابيع، معاناة نحو 400 ألف شخص، تحاصرهم قوات النظام بشكل محكم منذ عام 2013.ولم تحمل القافلة، أمس، أي مستلزمات طبية. وقالت المتحدثة باسم اللجنة في دمشق، إنجي صدقي، لوكالة فرانس برس: «لدينا أيضاً بعض المؤشرات الإيجابية على إدخال قافلة أكبر مع إمدادات إضافية، تتضمن مواد طبية، وقد يحصل هذا الأسبوع المقبل».وطالبت منظمة أطباء بلا حدود، التي تدعم 20 مستشفى وعيادة في الغوطة الشرقية، تعرض 15 منها للقصف، في بيان أمس، «جميع الأطراف المتنازعة ومؤيّديها» بـ«السماح بإعادة إمداد الأدوية المنقذة للحياة والمواد الطبية دون عوائق، وعدم إزالة المواد المنقذة للحياة من قافلات المساعدات» المتوجهة إلى الغوطة الشرقية.ويحتاج 700 شخص، في المنطقة المحاصرة، إلى إجلاء طبي عاجل، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة قبل أقل من أسبوعين.وتعاني الكوادر الطبية، أيضاً، نقصاً هائلاً في الأدوية والمستلزمات الطبية، مع توافد الجرحى يومياً إلى المستشفيات. ويعمل الأطباء لساعات طويلة دون توقف تحت القصف.

وقالت المديرة العامة لمنظمة أطباء بلا حدود، ميني نيكولاي «بشكل يومي نلاحظ شعوراً متزايداً باليأس وفقدان الأمل، وما يفعله زملاؤنا الأطباء يفوق حدود ما يمكن لأي شخص القيام به. فقد استُنزفوا إلى درجة الانهيار، إذ لا يحظون إلا بأوقات قليلة من النوم».

وشهدت البلدات المحاصرة، ليل الخميس الجمعة، هدوءاً هو الأول من نوعه منذ بدء الهجوم البري على المنطقة، بحسب المرصد، بعد توقف الغارات وتراجع وتيرة المعارك إلى حد كبير.

إلا أن قوات النظام جددت، صباح أمس، شن غارات على مدينتي دوما وجسرين، تسببت في إصابة 20 مدنياً بجروح، وفق المرصد. ووضع مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، تراجع حدة الهجوم في إطار «بادرة حسن نية، على خلفية مفاوضات محلية تجري بين ممثلين عن قوات النظام ووجهاء من الغوطة الشرقية، للتوصل إلى حل لوقف سفك الدماء، إما عبر إخراج المدنيين، أو إخراج المقاتلين».

وقال شيخ عشيرة المعامرة في سورية، ناصر المعامري، للصحافيين عند معبر مخيم الوافدين «نتواصل مع أهلنا في الغوطة»، لافتاً إلى أن «أكثر من 300 عائلة، تتحدر من كفربطنا وسقبا وحمورية، ترغب في الخروج». ونقل مراسل «فرانس برس» في بلدة حمورية، عن مصدر مفاوض من البلدة، أن «وفداً مدنياً توجه لمفاوضة النظام، للتوصل إلى حل ينهي القتل ويوقفه، ويضمن حياة المدنيين داخل البلدة».

وتسري في الغوطة الشرقية، لليوم الحادي عشر على التوالي، هدنة إنسانية أعلنتها روسيا، تنص على وقف الأعمال القتالية لمدة خمس ساعات، يتخللها فتح «ممر إنساني» عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما، لخروج المدنيين.

وأعلن الإعلام الرسمي السوري استحداث معبرين جديدين، منذ الخميس: الأول جنوب الغوطة الشرقية قرب بلدة جسرين، والثاني في مدينة حرستا التي تسيطر قوات النظام على أجزاء منها. ولم يسجل، منذ بدء تطبيق هذه الهدنة، خروج أي من المدنيين، وفق المرصد.

تويتر