قصف كثيف وغارات في مسعى من دمشق لشطر المنطقة الخاضعة للمعارضة

النظــام يشطــر الغوطـة الشرقيـــــة.. والأمم المتحدة تندّد بـ «مرحلـة رعب» جديدة

ناقلة جنود لقوات النظام تتقدّم في بلدة المحمدية بالغوطة الشرقية لدمشق. أ.ف.ب

حققت قوات النظام السوري، أمس، تقدماً ميدانياً جديداً في الغوطة الشرقية المحاصرة، لتستعيد بذلك أكثر من نصف مساحة المنطقة التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، بعد تمكنها من شطر المنطقة إلى نصفين، عقب إرسالها المزيد من التعزيزات العسكرية وتكثيف القصف، في وقت اتهمت الأمم المتحدة، أمس، النظام السوري بالتخطيط لما يشبه «نهاية العالم» في بلاده، مؤكدة أن النزاع دخل «مرحلة رعب» جديدة.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قوات النظام السوري تمكنت فعلياً من شطر منطقة الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة إلى نصفين.

وأضاف أن القوات وضعت القطاع من الأرض الفاصل بين شمال الغوطة وجنوبها في مرمى نيرانها، وهو ما يعني فعلياً قطع المنطقة المكتظة بالسكان على مشارف دمشق إلى نصفين.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، إن قوات النظام باتت تسيطر حالياً على أكثر من نصف مساحة الغوطة الشرقية المحاصرة، بعد سيطرتها على بلدتي الأشعري وبيت سوا، وعدد من المزارع في وسط وشمال المنطقة.

وكان عبدالرحمن أكد أن قوات النظام أرسلت 700 عنصر على الأقل من الميليشيات الأفغانية والفلسطينية والسورية الموالية لها مساء أول من أمس، إلى جبهات الغوطة الشرقية.

وانتشر هؤلاء المقاتلون وفق المرصد على جبهات الريحان، الواقعة شمال شرق الغوطة الشرقية، وفي بلدة حرستا، الواقعة غربها، التي يحاول النظام التقدم منها باتجاه مدينة دوما، أكبر مدن الغوطة.

وقتل ثلاثة مدنيين بينهم طفل في جسرين، جراء غارات طالت بحسب المرصد بلدات عدة، وجاءت غداة نشر قوات النظام لمئات المقاتلين الموالين لها في المنطقة.

ومنذ بدء الهجوم، ارتفعت حصيلة القتلى إلى 810 مدنيين بينهم 179 طفلاً، وفق المرصد.

وأفاد مراسل وكالة «فرانس برس» في مدينة دوما، أمس، عن سماع دوي الغارات من البلدات المجاورة وعن وصول نازحين منها في حالة من الذعر هرباً من القصف. وقال إن الناس كانوا يقودون سياراتهم داخل دوما بطريقة جنونية من شدة الخوف وخشية من تجدد القصف.

وتستمر الغارات الجوية على الغوطة الشرقية على الرغم من سريان هدنة يومية أعلنتها روسيا، منذ أكثر من أسبوع تستمر لخمس ساعات فقط.

وكانت روسيا أعلنت سابقاً أنها طلبت من الفصائل المعارضة إجلاء الغوطة الشرقية، على غرار ما حصل في مدينة حلب في نهاية عام 2016، الأمر الذي ترفضه الفصائل.

وأعلن الجيش الروسي أن «الممر الإنساني» عبر معبر الوافدين الذي كان مخصصاً للمدنيين خلال هدنة الساعات الخمس «فتح هذه المرة للمقاتلين مع عائلاتهم»، على أن يكتفوا بسلاحهم الفردي.

ولم يسجل وفق المرصد خروج أي من المدنيين أو المقاتلين.

وقال المتحدث باسم «جيش الإسلام»، أكبر فصائل الغوطة، حمزة بيرقدار، إن «فصائل الغوطة ومقاتليها وأهلها متمسكون بأرضهم وسيدافعون عنها».

وأكد المتحدث باسم «فيلق الرحمن»، ثاني أكبر فصائل المنطقة، وائل علوان لـ«فرانس برس»، أنه «لا يوجد أي تواصل مع الروس، مباشر أم غير مباشر، ولا يوجد مباحثات عن الهدنة ولا المعابر».

وإزاء تصعيد العمليات القتالية، اتهم المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد بن رعد الحسين، النظام السوري بالتخطيط لما يشبه «نهاية العالم» في بلاده.

وخلال عرض تقريره السنوي في الأمم المتحدة في جنيف، أمس، قال الحسين «هذا الشهر، وصف الأمين العام (للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس) الغوطة الشرقية بأنها جحيم على الأرض. في الشهر المقبل أو الذي يليه، سيواجه الناس في مكان آخر نهاية العالم، نهاية عالم متعمدة، مخططاً لها وينفذها أفراد يعملون لحساب الحكومة، بدعم مطلق على ما يبدو من بعض حلفائهم الأجانب».

واعتبر الحسين أن «من المُلح عكس هذا التوجه الكارثي وإحالة (ملف) سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية».

وأكد أن «النزاع دخل مرحلة رعب جديدة»، مندداً بـ«حمام الدم الهائل في الغوطة الشرقية»، وتصاعد الأعمال القتالية في مناطق أخرى في سورية، ما يعرض حياة المدنيين للخطر.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة في بيان، أول من أمس، أطراف النزاع إلى «السماح فوراً بوصول آمن وخالٍ من العوائق لكي يتاح لقوافل أخرى ايصال المواد الأساسية لمئات آلاف الأشخاص الذين هم بأمسّ الحاجة إليها».

وشدّد على ضرورة «إنجاز توصيل المساعدات إلى دوما، بما في ذلك المواد الطبية ومستلزمات النظافة، في موعدها المقرر في الثامن من مارس، بحسب ما تم الاتفاق عليه سابقاً مع السلطات السورية».

ودخلت أول قافلة مساعدات الغوطة الشرقية الإثنين الماضي، إلا أن العملية توقفت بسبب الغارات الجوية على المنطقة، التي تسببت في مقتل 68 مدنياً على الأقل، وفق المرصد.

في السياق، قال مصدر بمكتب الرئيس التركي طيب أردوغان، إن الرئيس ونظيره الإيراني حسن روحاني اتفقا في اتصال هاتفي، أمس، على الإسراع في جهود تنفيذ وقف إطلاق النار بمنطقة الغوطة الشرقية.

وقال إن الرئيسين أكدا أهمية أن تبذل تركيا وروسيا وإيران جهوداً مشتركة لتنفيذ وقف إطلاق النار.

تويتر