بوتين يأمر بـ «هدنة إنسانية» اعتباراً من اليوم

غارات على الغــوطــة الشرقيـة.. والأمم المتحـدة تطلـب تطبيق الهـدنة فوراً

أطفال يتنفسون عبر قناع أكسجين بعد إصابتهم بهجوم استخدم فيه غاز الكلور على قرية الشيفونية في الغوطة الشرقية. أ.ف.ب

جدّدت قوات النظام السوري غاراتها على الغوطة الشرقية المحاصرة، موقعة المزيد من القتلى المدنيين، على الرغم من طلب مجلس الأمن قبل يومين هدنة «من دون تأخير»، حثت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، أمس، على وجوب تطبيقها «فوراً». فيما أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإعلان «هدنة إنسانية» يومية اعتباراً من اليوم في الغوطة الشرقية.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن قوات النظام السوري جدّدت غاراتها على الغوطة الشرقية المحاصرة.

وتراجعت وتيرة الغارات على المنطقة المحاصرة، غداة صدور قرار مجلس الأمن، ليل السبت، من دون أن تتوقف كلياً، في وقت تخطت حصيلة القتلى منذ بدء الهجوم في 18 فبراير 550 مدنياً، وفق المرصد.

وقتل، أمس، 17 مدنياً بينهم أربعة أطفال، وفق المرصد، جرّاء غارات وقصف مدفعي لقوات النظام طال تحديداً مدينة دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية، التي يسيطر عليها فصيل «جيش الإسلام».

ومن بين القتلى في دوما تسعة أشخاص من عائلة واحدة، تم سحب جثثهم من تحت أنقاض مبنى طاله القصف.

وبحسب مراسل «فرانس برس»، لازم سكان مدينة دوما، أمس، الأقبية، خشية تجدد الغارات فيما خلت الشوارع إلا من حركة مدنيين خرجوا مسرعين بحثاً عن الطعام أو للاطمئنان على أقاربهم.

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن «وتيرة الغارات والقصف تراجعت منذ التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار، من دون أن تتوقف الهجمات كلياً، والدليل استمرار سقوط ضحايا مدنيين، وإن بدرجة أقل من الأسبوع الماضي».

ومنذ بدء حملة التصعيد، استهدفت قوات النظام الغوطة الشرقية التي تحاصرها بشكل محكم منذ عام 2013، بالغارات والقصف المدفعي والصاروخي الكثيف. وتزامن التصعيد مع تعزيزات عسكرية تنذر بشن هجوم بري وشيك.

وتدور منذ صباح أول من أمس، معارك ميدانية في منطقة المرج، التي تتقاسم قوات النظام وفصيل «جيش الإسلام» السيطرة عليها. وتتركز الغارات على نقاط الاشتباك.

وطالبت الأمم المتحدة، أمس، بالتطبيق الفوري لقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار في سورية لمدة 30 يوماً، خصوصاً في الغوطة الشرقية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في جنيف، إن «قرارات مجلس الأمن يكون لها معنى فقط إذا طبقت بشكل فعلي، ولهذا السبب أتوقع أن يطبق القرار فوراً».

وشدّد على أنه آن الأوان «لإنهاء هذا الجحيم على الأرض»، في إشارة إلى الغوطة الشرقية.

وفي السياق ذاته، شدّدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أمس، عند بدء اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، على أن «هذه الهدنة يجب أن تطبق على الفور».

وتبنّى مجلس الأمن، مساء السبت الماضي، بالإجماع، قراراً تم تعديل صياغته أكثر من مرة. ويتضمن أن تلتزم «كل الأطراف بوقف الأعمال الحربية من دون تأخير لمدة 30 يوماً متتالية على الأقل في سورية، من أجل هدنة إنسانية دائمة»، لإفساح المجال أمام «إيصال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، وإجلاء طبي للمرضى والمصابين بجروح بالغة».

وانتقد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، في جنيف، أمس، عدم التحرك حيال النزاعات في دول عدة بينها سورية، معتبراً أنها «أصبحت مثل بعض المسالخ للبشر في العصر الحديث، لأنه لم يتم التحرك بشكل كافٍ لمنع هذه الأهوال».

وأبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «مخاوف شديدة» حيال استمرار الضربات على الغوطة الشرقية.

ويستثني قرار الهدنة العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» وتنظيم القاعدة و«جبهة النصرة»، في إشارة إلى «هيئة تحرير الشام» وكل المجموعات والأشخاص المرتبطين بها.

وتفتح هذه الاستثناءات الطريق أمام تفسيرات متناقضة لاسيما أن دمشق تعتبر فصائل المعارضة «إرهابية»، ما من شأنه أن يهدّد الاحترام الكامل لوقف إطلاق النار.

ومع استمرار القصف على الغوطة الشرقية، أول من أمس، أصيب 14 مدنياً على الأقل بعوارض اختناق أدت إلى مقتل أحدهم، وهو طفل عمره ثلاث سنوات، بعد قصف لقوات النظام، وفق المرصد، الذي لم يتمكن من تأكيد ما إذا كانت العوارض ناجمة عن تنشق غازات سامّة.

وقال مراسل لـ«فرانس برس» إن المصابين وبينهم نساء وأطفال، نقلوا إلى مستشفى ميداني في الغوطة الشرقية. وشاهد امرأة تتناوب مع طفليها على وضع قناع أكسجين لمساعدتهما على التنفس.

وأفاد طبيب عاين المصابين بأن معظمهم يعاني حالات تهيج في العيون وضيق تنفس، مرجحاً أن تكون ناجمة عن تنشق غاز الكلور الذي تصاعدت رائحته من أجسادهم وثيابهم، على حد قوله.

واتهم القيادي البارز في «جيش الإسلام» محمد علوش، في تغريدة على «تويتر» قوات النظام باستخدام غاز الكلور في القصف، في حين اتهمت وزارة الخارجية الروسية في بيان الفصائل «بالتخطيط لهجوم بمواد سامّة، بهدف اتهام القوات الحكومية باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين».

في السياق، أمر الرئيس الروسي بإعلان «هدنة إنسانية» يومية اعتباراً من اليوم، في منطقة الغوطة الشرقية.

وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، كما نقلت عنه الوكالات الروسية «بأمر من الرئيس الروسي، وبهدف تجنب الخسائر في صفوف المدنيين في الغوطة الشرقية، سيتم إعلان هدنة إنسانية يومية اعتباراً من 27 فبراير من الساعة 9:00 حتى 14:00». وأضاف أن «ممرات إنسانية» ستقام لإفساح المجال أمام إجلاء المدنيين، مشيراً إلى أن تفاصيلها جاهزة، وستعلن في وقت قريب جداً.

تويتر