فصائل الجيش السوري الحر المعارض تسيطر على قرى جديدة في عفرين

غارات للنظام على الغوطة الشرقية لليوم الخامس.. ومجلس الأمن يفشل في دعم نداء الهدنة الإنسانية

سوريون يهربون خلال قصف قوات النظام على الغوطة الشرقية. أ.ف.ب

شنّت مقاتلات النظام السوري، أمس، سلسلة غارات جديدة على الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، لليوم الخامس على التوالي، من القصف الذي أسفر عن مقتل أكثر من 230 مدنياً. وفي وقت تشهد فيه الغوطة الشرقية على هذا التصعيد العسكري، فشل مجلس الأمن الدولي في دعم نداء منظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، طالبت بهدنة إنسانية لمدة شهر في سورية، في حين سيطرت فصائل الجيش السوري الحر المعارض على قرى جديدة في عفرين.

وتفصيلاً.. وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، مقتل ستة مدنيين، بينهم طفلان، وإصابة 50 آخرين بجروح، جراء قصف قوات النظام مدينة دوما. وبعد ساعات قليلة من الهدوء، حتى صباح أمس، استأنفت الطائرات الحربية السورية قصفها. وشهدت الشوارع، صباح أمس، حركة خفيفة، إذ استغل بعض السكان الهدوء، لإزالة الأنقاض من أمام منازلهم، ولشراء احتياجاتهم قبل الاختباء مجدداً.

وعند منتصف النهار في مدينة دوما، بدأت مآذن المساجد، التي ألغت صلاة الجمعة خشية القصف، بالنداء «طيران الاستطلاع في السماء، الرجاء إخلاء الطرق». وما هو إلا وقت قصير حتى بدأت الغارات.

واستهدفت عشرات الغارات، فضلاً عن القصف المدفعي، ست مدن وبلدات على الأقل في الغوطة الشرقية.

وأفاد مصدر في دوما بدمار كبير، وشاهد عاملين في الدفاع المدني أثناء إخمادهم أحد الحرائق، ومتطوعين في «الهلال الأحمر» يخلون جرحى بينهم نساء وأطفال.

واستهدفت غارة مقر مجلس دوما المحلي، ما أسفر عن اندلاع حريق في الطوابق العلوية.

وفي ظل الحصار المحكم على الغوطة منذ 2013، ومع ارتفاع أعداد الضحايا، يناضل الأطباء في إتمام مهامهم، جراء نقص الأدوية والمستلزمات الطبية.

وبعد يوم دامٍ (الخميس) قتل فيه 75 مدنياً، قال الطبيب حمزة في مستشفى عربين: «منذ 2011 لم تشهد الغوطة الشرقية قصفاً، بالحجم الذي عرفته في الساعات الـ96 الأخيرة».

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، منذ الإثنين، مقتل أكثر من 230 مدنياً، بينهم نحو 60 طفلاً، في قصف قوات النظام.

ويعيش في الغوطة الشرقية نحو 400 ألف شخص، لم تدخل لهم المساعدات الإنسانية منذ أواخر نوفمبر، وفق الأمم المتحدة.

وأفادت منظمة «سايف ذي شيلدرن» (أنقذوا الأطفال)، في بيان، بأن آلاف السكان انتقلوا إلى الملاجئ والأقبية. وقالت المسؤولة في المنظمة، سونيا خوش، إن «الحصار يعني أنه لا يوجد مكان للفرار».

وحذر مدير منظمة «كير» العالمية، فاوتر سكاب، في بيان «إذا استمرت الغارات الجوية والتفجيرات والاشتباكات أو تصاعدت، فسنكون مثل فرق الإطفاء التي حاولت إخماد النيران في مكان ما، بينما اندلع ثانٍ وثالث ورابع في أماكن أخرى».

وجددت المنظمة دعمها لدعوة وكالات الأمم المتحدة العاملة في سورية، بإرساء هدنة إنسانية لمدة شهر، تتيح إدخال المساعدات وإجلاء الحالات الطبية، خصوصاً في الغوطة الشرقية.

وقالت مديرة العلاقات العامة المسؤولة عن سورية لدى «كير»، جويل بسول: «يواجه شركاؤنا (في الغوطة) صعوبة في التنقل، كيف يمكنهم الوصول إلى الأشخاص الأكثر عرضة للخطر؟».

وأضافت «دون وقف لإطلاق النار، إذا لم يسمع أحد النداء، لا يمكننا حتى أن نتخيل حجم الكارثة الإنسانية».

إلا أن مجلس الأمن الدولي أخفق، خلال اجتماع له فجر أمس، في الاتفاق على بيان يدعم الهدنة الإنسانية. وخرج عدد من سفراء الدول الـ15 الأعضاء في المجلس من الاجتماع المغلق بوجوه متجهمة.

وعلق دبلوماسي أوروبي بالقول «الأمر رهيب»، فيما قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، إن إعلان الهدنة لشهر أمر «غير واقعي».

ورأى الباحث في المعهد الأميركي للأمن، نيك هاريس، أن «استراتيجية الحصار على الغوطة هي في أساسها استراتيجية العقاب الجماعي، ما يعني أن يعاني جميع السكان اتخاذهم خيار (دعم) الفصائل في مواجهة (الرئيس السوري) بشار الأسد ونظامه».

ويعمل النظام السوري، وفق هاريس، في ظل الضغوط المتصاعدة لإيصال مساعدات للغوطة على «ضمان انهيار المعارضة في الغوطة، وتحويل الأمر إلى حقيقة على الأرض، لا يمكن لأحد عكسها».

ويتفق محللون على أن النظام السوري عاجلاً أم آجلاً يريد استعادة الغوطة الشرقية، كونها إحدى بوابات دمشق. من جهة أخرى، فرضت فصائل الجيش السوري الحر المعارض والجيش التركي سيطرتها على قرى جديدة في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، بعد معارك مع وحدات الحماية الكردية أمس. وقال قائد عسكري في غرفة عمليات «غصن الزيتون» إن «فصائل الجيش الحر فرضت سيطرتها على نسرية، دوكان، أشكان عربي، جقلا فوقاني، جقلا وسطاني، وسفرية، بعد معارك مع الوحدات الكردية». وكان الجيش التركي أعلن تدمير 19 موقعاً لوحدات حماية الشعب، إضافة إلى تحييد 1062 عنصراً للوحدات، منذ بدء عملية غصن الزيتون، في 20 يناير الماضي.

من جانبه، قال المركز الإعلامي لقوات سورية الديمقراطية (قسد)، في بيان، إن «تركيا وفصائل المعارضة نقلت، منذ ساعات صباح أمس، أسلحتها الثقيلة من مدافع وصواريخ واستهدفت قرى ملا خليل، دير بلوط، آقجلة ومركز ناحية جنديرس بالقصف العشوائي». في الأثناء، قال الجيش التركي، أمس، إن طائراته قصفت أهدافاً لوحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين، فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن سبعة من المقاتلين، واثنين من المدنيين، قتلوا في الغارات. وحول غارات التحالف الدولي على دير الزور، قال وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، إن ضربات التحالف الدولي، بقيادة واشنطن، في دير الزور الخميس ضد قوات موالية للنظام السوري، كانت «محض دفاعية». من جهته، اعتبر السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، أن الغارات التي شنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن على محافظة دير الزور «غير مقبولة»، واصافاً إياها بأنها «جريمة».

تويتر