المعارضة السورية مستعدة للانضمام إلى محادثات سلام اقترحها بوتين

تعليق عمليات الإجلاء من حلب وسط خلاف حول إجلاء مصابين من قريتين

مسلحون ومدنيون تم إجلاؤهم من أحياء شرق حلب بعد وصولهم إلى منطقة خان العسل التي تسيطر عليها المعارضة غرب المدينة. أ.ف.ب

توقفت عمليات الإجلاء من آخر مناطق خاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في حلب السورية، أمس، بعد أن طالب مسلحون موالون للحكومة بإخراج المصابين من قريتين شيعيتين يحاصرهما مقاتلو المعارضة، وقال المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة السورية، رياض حجاب، إن الهيئة مستعدة للانضمام لمحادثات سلام يعتزم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عقدها بشرط أن يكون هدفها تشكيل حكومة انتقالية، وذلك بعد أن صرح بوتين في طوكيو بأن «المرحلة المقبلة» لسورية ستكون «وقفاً لإطلاق النار على كل الأراضي».

وفي التفاصيل، توقفت عمليات الإجلاء في اليوم الثاني وسط اتهامات متبادلة بين كل الأطراف، بعد صباح شهد تسارعاً في وتيرة عمليات الإجلاء. وتقول روسيا إن الجيش السوري بسط سيطرته على كل الأحياء في شرق حلب، على الرغم من أن القوات الحكومية تواصل محاصرة مناطق معزولة، استمر مقاتلو المعارضة في المقاومة فيها.

واتهمت مصادر في جماعات المعارضة المسلحة مقاتلين شيعة، موالين للحكومة، بفتح النار على قوافل الحافلات التي تقل الخارجين من شرق حلب. وأقيمت حواجز على الطرق، وأجبرت قافلة حافلات على العودة.

وقال قائد بالمعارضة في حلب إن مقاتلي المعارضة في شرق حلب في حالة استنفار، بعد أن منعت قوات موالية للحكومة المدنيين من المغادرة، ونشرت أسلحة ثقيلة على الطريق المؤدي إلى خارج المنطقة.

وقال مصدر رسمي سوري إن عملية الإجلاء توقفت، بسبب محاولة مقاتلي المعارضة اصطحاب أسرى معهم، ومحاولتهم أيضاً تخبئة أسلحة في حقائبهم. ونفت جماعات المعارضة في حلب ذلك.

لكن الإعلام الحربي لجماعة «حزب الله» اللبنانية، الموالية للحكومة السورية، قال إن محتجين قطعوا طريقاً مؤدياً إلى خارج المدينة، مطالبين بإجلاء المصابين من قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين، في محافظة إدلب المجاورة.

وقال مسؤولون من المعارضة، ومن الأمم المتحدة، إن إيران طالبت بضم القريتين إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تجري بموجبه عمليات الإجلاء من حلب.

وقال مصدر في المعارضة السورية المسلحة إن كل الجماعات التي تحاصر القريتين، وافقت على السماح للمصابين بالمغادرة، وإن عمليات الإجلاء يمكن أن تبدأ في وقت لاحق. وقال مسؤول سوري، أمس، إن عمليات الإجلاء المتوقفة من شرق حلب، ستستأنف بمجرد السماح بخروج المصابين من قريتي الفوعة وكفريا الشيعيتين المحاصرتين.

والفوضى المحيطة بعمليات الإجلاء من شرق حلب، تعكس تعقيد الحرب التي تشمل جماعات عدة، ومصالح أجنبية متدخلة لصالح طرفي النزاع.

وقالت منظمة الصحة العالمية إنه جرى إبلاغ وكالات الإغاثة، المشاركة في عمليات الإجلاء، بمغادرة المنطقة من دون تقديم أسباب.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد من غادروا المدينة في قوافل الحافلات وسيارات الإسعاف، منذ بدء الإجلاء صباح أول من أمس، بلغ في المجمل 8000 شخص، بينهم نحو 3000 مقاتل، وأكثر من 300 مصاب.

وأظهرت صور أرسلها ناشط، كان ينتظر لمغادرة الجزء الذي تسيطر عليه المعارضة من شرق حلب، حشوداً تقف في الشوارع وسط المباني المتهدمة، ويرتدي أفرادها معاطف ثقيلة وسط أجواء الشتاء الباردة.

وامتلأت الشوارع بسيارات خاصة وحافلات صغيرة، تحمل الأمتعة على سطحها، فيما جلس أشخاص فوق الأنقاض أو بجوار حقائبهم ومتعلقاتهم.

وفي رسالة للصحافيين، قال الناشط إن الأطفال جائعون ويبكون، وإن الناس مرهقة ولا يعرفون إن كانت حافلات ستأتي لتنقلهم.

وذكرت منظمة الصحة العالمية أن نحو 200 مريض، ممن تم إجلاؤهم، وصلوا بحلول الصباح الباكر من أمس إلى ثمانية مستشفيات مكدسة بالفعل في الجزء الغربي، الخاضع لسيطرة الحكومة من حلب، وفي إدلب وفي تركيا.

وتقول الأمم المتحدة إن 50 ألف شخص لايزالون داخل الجزء الخاضع لسيطرة المعارضة من حلب.

ومحافظة إدلب، التي تسيطر جماعات متشددة على أغلبها، ليست وجهة مفضلة لمقاتلي المعارضة، أو المدنيين الخارجين من شرق حلب.

وتتعرض إدلب بالفعل لضربات جوية سورية وروسية، لكن ليس من الواضح إن كانت الحكومة ستشن هجوماً برياً، أم ستكتفي بحصر مقاتلي المعارضة هناك في الوقت الراهن.

وقالت تركيا إن من الممكن أيضاً إقامة مخيم في سورية قرب الحدود التركية، لإيواء الخارجين من حلب.

وقال مسؤولون أتراك إن هناك موقعين محتملين على بعد نحو ثلاثة كيلومترات ونصف داخل سورية لإقامة المخيم، الذي سيستوعب ما يصل إلى 80 ألف شخص، وأضافوا أنهم يتوقعون وصول ما يقرب من 35 ألفاً. وستواصل تركيا استقبال المرضى والمصابين القادمين من حلب في مستشفياتها.

من ناحية أخرى، قال فلاديمير بوتين إنه يعمل مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من أجل بدء جولة جديدة من محادثات السلام السورية، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد.

وقال بوتين، خلال مؤتمر صحافي في اليابان، إن المحادثات الجديدة قد تجري في الأستانة عاصمة كازاخستان، وستكون مكملة للمفاوضات التي عقدت بشكل متقطع في جنيف بوساطة الأمم المتحدة. وأضاف للصحافيين «الخطوة التالية هي التوصل لاتفاق بشأن وقف شامل لإطلاق النار، في كامل أنحاء سورية».

وقال رياض حجاب، أمس، إن الهيئة مستعدة للانضمام لمحادثات السلام، بشرط أن يكون هدفها تشكيل حكومة انتقالية.

وقال سيرجي رودسكوي، المسؤول في وزارة الدفاع الروسية، أمس، إن نجاح قوات الحكومة السورية في السيطرة على شرق حلب، يهيئ الأجواء للتوصل لحل سلمي للصراع في سورية. وأضاف أن كل المدنيين ومعظم مقاتلي المعارضة، غادروا الأحياء التي كانت المعارضة تسيطر عليها من المدينة، وأن أكثر من 3400 مقاتل من «المعارضة المعتدلة» سلموا أسلحتهم.

بدوره، حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية، ستافان دي ميستورا، أول من أمس، من أنه دون وقف إطلاق النار، أو وجود اتفاق سياسي، فإن معقل مقاتلي المعارضة في إدلب سيكون عرضة لمواجهة مصير حلب.

وقال دي ميستورا، وهو يقف بجوار وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، إن نحو 50 ألف شخص لايزالون في شرق حلب، ولضمان سير العملية بسلاسة تحتاج الأمم المتحدة للسماح لها بإرسال المزيد من المراقبين للمدينة، لضمان عدم وقوع أعمال انتقامية وتوزيع المساعدات.

وقال دي ميستورا «هناك نحو 50 ألفاً، بينهم 40 ألف مدني سيذهبون إلى غرب حلب. وبالنسبة لهؤلاء نحتاج لأن نكون موجودين لضمان عدم إزعاجهم»، في إشارة لفظائع محتملة قد تكون وقعت في الأيام القليلة الماضية.

وأضاف أن الـ10 آلاف الباقين مؤلفون مما يراوح بين 1500 و5000 مقاتل وأسرهم، وسيتم إجلاؤهم إلى إدلب.

تويتر