اعتبر إحالة الضابط المتهم بقتل شيماء الصباغ إلى النيابة تطوراً إيجابياً.. ووصف السيسي بأنه حاكم ذو شعبية

سعد الدين إبراهيم: تأجيل الانتخـابات البرلمانية لن يؤثر في «خريطة الطريق»

صورة

أكد مدير مركز بن خلدون، سعد الدين إبراهيم، أن «المصريين كسروا جدار الخوف، بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو»، وقلل من تأثيرات تأجيل الانتخابات البرلمانية في «خريطة الطريق»، كما ثمن قرار إحالة الضابط المتهم بقتل الناشطة اليسارية شيماء الصباغ إلى النيابة، ورفض في الوقت نفسه اعتبار منظمات المجتمع المدني بأنها تعمل طبقاً لأجندات، بحسب المعنى السلبي للكلمة، داعياً من يملك دليلاً على عمل هذه المنظمات ضد الأمن القومي للبلد إلى أن يظهره للرأي العام.
وقال إبراهيم، في حوار مع «الإمارات اليوم»، إن «المصريين، بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، كسروا جدار الخوف، فلم يعودوا يخشون السلطة، كما أصبحوا أكثر حرصاً على التفكير وإبداء الرأي بالشأن العام».
وأضاف أن «الجميع يتكلمون في السياسة منذ الثورة الأولى، وأن التساؤل المنطقى لديهم، إلى أين تتجه مصر أصبح فعلاً يومياً، وعليه المشهد في تطور مهم».
وقال: «في هذه الأيام، حتى الرهبان اعترضوا أخيراً على قرارات حكومية في إنشاء طريق، على الرغم من أن البابا منذ قرنين مع الدولة دائماً، فهذا دليل على عدم خوف المجتمع، حتى لو كان هذا الرأي يخالف الدولة أو التيار العام، فالمجتمع لديه استعداد للمشاركة، وهذا كان واضحاً جداً أثناء الانتخابات والاستفتاءات، فهي ظواهر صحية تفيد في ترسيخ الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه «لحسن الحظ، فإن ذلك تصادف مع انتخاب رئيس لديه شعبية، وهو الرئيس عبدالفتاح السيسي، واحتفاء معظم العرب بهذا الرجل وبمصر، وهذا كان واضحاً في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ».
وحول تأجيل الانتخابات البرلمانية وتأثيرها في استحقاقات «خريطة الطريق»، أوضح إبراهيم أن «قرار التأجيل صادر من السلطة القضائية ولابد من احترامه، وأن مسألة التأجيل كلها تتعلق بشهور». وقال: «هذا أمر في تقديري لا يؤثر كثيراً في خريطة الطريق، وربما كان فرصة للأحزاب أن تعد نفسها بشكل أفضل لمعركة تنافسية شفافة، وعلينا أن نعمل». وأضاف: «كنا نفضل أن تمضي الأمور بتواريخها، لكن بما أن المحكمة أقرت ضرورة تعديل المواد الخاصة في قانون الانتخابات، فليكن هذا ونستعد لانتخابات حرة نزيهة».
وأشار إلى أننا «كمنظمات حقوقية، مهمومون بحالة التشديد على المجتمع المدني في المراقبة على الانتخابات، فالكلام الذي قالته اللجنة العليا للانتخابات بهذا الصدد، ومنع منظمات من مراقبة الانتخابات، ينطويان على عدم الثقة بالنفس أو على نية مبيتة لتزوير الانتخابات». وأضاف: «نحن كمؤسسة حقوقية راقبنا الانتخابات منذ 30 عاماً، ودخلنا السجن ثلاث مرات، بسبب مراقبة الانتخابات، نمارس هذه العملية من ضمائرنا، وهذا هو الفرق بين الحكومة والمجتمع المدني، هذا قرار خاطئ من الحكومة وغير موفق».
وأكد أن الحوار الوطني في مصر ضروري، وهو عموماً وسيلة متحضرة ومبكرة لحسم الخلافات، وأن الديمقراطية هي الوسيلة المثلى لتجسيد هذه القيم والمعايير الحوارية، وهى الأفضل في خبرة كل شعوب العالم.
وأضاف: «الحل أننا نتحاور بموضوعية، لنصل إلى تسوية وتفاهم، وإن لم نصل إليها فلنذهب إلى التصويت فغياب الحوار هو الذي يعطي التربة الخصبة للتطرف وعمليات غسل المخ، وأزعم أن هذا ما حدث في الـ70 عاماً الأخيرة من تاريخنا من تطرف لم يبدأ إلا مع إغلاق أبواب الحوار السياسي».
وقال: «أنا ابن ثورة 1952، وقد أعطتني الكثير، لكن لابد من الإقرار بأن كل الأفكار المتطرفة، التي حاولت ثورة 52 أن تقاومها بوسائل أمنية ومعتقلات لم تُجدِ، والنتيجة أن أجيالاً نشأت جنحت للعنف والتطرف».
وحول موقف مركز ابن خلدون من قانون التظاهر، وما حدث قي قضية الناشطة شيماء الصباغ وإحالة الضابط المتهم بقتلها إلى النيابة، قال إبراهيم إن «المركز بدأ حقوقياً، وأن 15 ناشطاً ممن عملوا بالمركز دفعوا الثمن، وسجنوا في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، بسبب دفاعهم عن الحق في التعبير، وضد تكبيل التظاهر، وكل الممارسات القمعية الأخرى، فكل مصري من حقه التعبير والمشاركة، وإذا تجاوز القانون يقدم للمحاكمة العادلة، تحت رقابة المجتمع الدولي والمحلي».
وأشار إلى أنه جرت، أخيراً، بعض التجاوزات والانتهاكات، وأن السيسي يقول إن معظم هذه التجاوزات حصلت قبل أن يتولى السلطة، وهذا صحيح، ولو كان حصل خلال وجوده بالسلطة ما كان سيتصرف بالطريقة نفسها. وأضاف: «من الانصاف القول إن التصريح الإعلامي بمثل هذا القول في حد ذاته جيد، فلا يوجد رئيس دولة منذ 50 عاماً مضت قال هذا الكلام، فالمؤسسة الأمنية ليست فوق المساءلة، وكان هناك نقد شديد لها طوال الوقت في السابق ولا ترد، لكنها الآن ترد، وهذا كان واضحاً في إحالة الضابط المتهم بقتل شيماء الصباغ إلى النيابة».
وقلل إبراهيم من أهمية الجدل بشأن صياغة التهمة الموجهة إلى الضابط المتهم بقتل الصباغ، وأنها «ضرب أفضى إلى موت»، وليست «قتلاً بإطلاق رصاص أو خرطوش»، وقال: «يساعد التكييف الحالي ضابط الأمن على الخروج من القضية بالبراءة أو الحكم المخفف، لكن من حق القاضي أن يعيد تكييف الإدانة بما يراه من الشواهد والأدلة، مما يبرر ذلك»، مؤكداً أن القاضي ليس مقيداً باجتهادات النيابة، ويستطيع أن يتجاوزها بحكم أشد. وأوضح إبراهيم أن تقييمه للنظام السياسي، منذ 30 يونيو وحتى اليوم «جيد»، لكن كان يمكن أن يكون تقييمه «جيداً جداً»، لو أن الدولة أشركت الشعب في بعض القرارات المهمة مسبقاً، مثل موضوع قناة السويس، وإعمار سيناء، ومثلث التنمية، ومحور الفرافرة، فهذه مشروعات عملاقة يحتاج تمويلها إلى المليارات، وكان من الأفضل أن يأخذ رأي الشعب فيها.
وفي ما يخص أخطاء المجتمع المدني، قال إبراهيم إن من يركز عليها هم السلطة وصحافيوها، لكنه يعتقد أن «أخطاء المجتمع المدني أقل، بل لا تقاس، بأخطاء الحكومة كماً وكيفاً». ورفض إبراهيم الاتهامات بأن منظمات المجتمع المدني تعمل لأجندة خارجية. وقال: «إن كلمة أجندة تعني جدول أعمال، لكن هناك من يردد كلمة أجندة على أن من يملكها عميل وخائن، ومن لديه دليل على أن المنظمات الحقوقية تحمل أجندة ضد الأمن الوطني لمصر عليه مسؤولية إظهار هذا الدليل، وهذه قاعدة شرعية تسمى (البينة على من ادعى)، ونحن نتحدى من أصغر مخبر في (الداخلية) إلى أكبر مسؤول، فمن يملك شيئاً ضد المجتمع المدني يقدمه». ورأى أن الغاية من تشويه المجتمع المدني هي أن تعمل الحكومة دون انتقادات، وبعد ثورتين كسرنا حاجز الخوف من الحاكم «الذي لم يعد إلهاً يعبد، فهو إنسان يخطئ ويصيب».
وحول دعوات المصالحة مع جماعة «الإخوان» المحظورة قانوناً، قال إبراهيم إن «المصالحة يجب أن تتم على أسس واضحة، تتضمن احترام الآخرين للمواثيق والقوانين الموجودة على الساحة، والتي أقرت من المؤسسات المختصة، وألا يكون لهم أجندة أخرى، أو تعامل مع جهات خارج إطار الدولة المصرية، لكن هناك (التنظيم الدولي للإخوان) ولا يخضع للرقابة، لا من مصر ولا من أي دولة واتساقاً مع مبدأ الشفافية فالشعب المصري لم يعد متعاطفاً مع (الإخوان)، ولم تعد المعركة بين (الإخوان) والسلطة، وإنما بين (الإخوان) والشعب». وطالب إبراهيم السلطة بفتح باب النقاش والتصالح أمام الجميع. وقال: «المطلوب من (الإخوان) أن يصلحوا بينهم وبين الشعب المصري، وإعلان التزامهم بكل ما أجمع عليه الشعب من مبادئ عامة، لخصتها خريطة الطريق».

تويتر