وصفته بأنه هادئ الطباع صاغ سياسة خارجية أكثر استقلالاً

«وول ستريت جورنال»: محمد بن زايد القائد الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط

وصفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بانه «قائد هادئ الطباع صاغ سياسة خارجية أكثر استقلالية، في حين كان شاهداً على التقلب في السياسة الأميركية خلال أربع إدارات»، كما وصفته بأنه "القائد الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط».

ونشرت الصحيفة تقريراً، حول مقاربات الإمارات بقيادة سموه للحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، لاسيما في ظل تنافس القوى العظمى والحرب في أوكرانيا.

وأوضح التقرير أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد والإمارات، ظهرا فائزين من جانب إعادة ترتيب العلاقات الجيوسياسية، وأن استراتيجية التعامل مع الجميع اختبرت العلاقات مع أكبر حليف لدولة الإمارات، وهو الولايات المتحدة، مشيرة إلى الدور القيادي الذي يتولاه صاحب السمو في الشرق الأوسط الجديد الذي وصفته بأنه أقرب إلى روسيا والصين.

وفي مقابلات صحافية نادرة، قال مسؤولون إماراتيون: «إن صاحب السمو رئيس الدولة لا يرى أن علاقة الإمارات الوثيقة بالولايات المتحدة تحول دون العلاقات مع موسكو أو بكين، بل إن مثل هذه العلاقات يمكنها أن تساعد واشنطن».

ونقلت الصحيفة عن الدكتور أنور محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة: «لن نسمح لحالة التنافس بين القوى العظمى أن تقرر لنا توجّهاتنا ومواقفنا».

ولفت التقرير إلى لقاء صاحب السمو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أكتوبر الماضي في سانت بطرسبرغ، حيث لعبت الإمارات دوراً محورياً في عملية تبادل الأسرى التي شملت لاعبة كرة السلة الأميركية بريتني غرينر، مقابل تاجر السلاح الروسي فيكتور بوت.

ووفقاً لمسؤول كبير في إدارة الرئيس جو بايدن، فإن البيت الأبيض كان ينظر إلى صاحب السمو وهو يحقق نجاحاً ملحوظاً في العلاقات مع روسيا والصين خلال السنوات الأخيرة، مضيفاً أن بعض المسؤولين الأميركيين حذروا من تعاون الإمارات بشكل وثيق مع تلك الدول في المسائل العسكرية والاستخباراتية، «لأن هذا قد يؤدي إلى تعرض العلاقات مع الولايات المتحدة للخطر».

وتطرقت الصحيفة إلى حوار بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والمسؤولين الأميركيين حول روسيا والصين، ونقلت عن أحد المسؤولين أن صاحب السمو تحدث مع المسؤولين الأميركيين والأمم المتحدة قبل وبعد زيارته لروسيا، كما اتصل بعد ذلك بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. 

وأفادت الصحيفة أن مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان، أشاد بجهود الإمارات في التخفيف من التصعيد في المنطقة في خطاب ألقاه هذا الشهر تناول فيه سياسة إدارة بايدن في الشرق الأوسط.

وترى الولايات المتحدة الأميركية في دولة الإمارات شريكاً رئيسياً في محاربة الإرهاب واستقرار أسواق الطاقة العالمية، وذلك بفضل الاستثمارات الضخمة التي تمت في الولايات المتحدة.

وعلى مدار العقد الماضي، رسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، الذي وصفه التقرير بالهادئ الطباع، خطّاً سريعاً للتوسّع الاقتصادي والانفتاح والتقدم المُجتمعي، وبناء العلاقات في مناطق الشرق الأوسط، بما في ذلك تقوية العلاقات مع إيران وسوريا. وقال: «في السنوات الأخيرة، استطاع صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ، التغلّب على علاقة متوترة مع الولايات المتحدة الأميركية»، «بسبب قضايا خلافية حول الصين».

وتابع التقرير أن الإمارات شهدت خلال الشهور السبعة الماضية خطوات من بينها تقليل إنتاج النفط بالتنسيق مع موسكو عبر منظمة الدول المصدّرة للبترول، على الرغم من اعتراضات الولايات المتحدة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وإماراتيين، أن صاحب السمو رئيس الدولة، صاغ سياسة خارجية أكثر استقلالية، في حين أنه كان شاهداً على التقلب في السياسة الأميركية خلال أربع إدارات.

ورأت دينا إسفندياري، وهي كبير مستشاري الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة أبحاث في بروكسل، ومؤلفة كتاب عن دولة الإمارات، أن طابع العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات تغير، متابعة: «يقول المسؤولون الإماراتيون إنهم شعروا بعدم اليقين بشأن الالتزام الأميركي منذ الضربات التي وقعت في عام 2019 على حقول النفط السعودية وناقلات النفط في مياه الخليج، والتي تم إلقاء اللوم فيها على إيران، ولم يتم الرد عليها علناً».

وأكد التقرير، أن اقتصاد دولة الإمارات ليس مبنياً على النفط فحسب، بل إن مكانتها كدولة مستقرة في منطقة مضطربة جعلها سوقاً جاذباً للمال والخدمات اللوجستية والسياحة.

ونقل عن مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة السفيرة لانا زكي نسيبة، «أن نموذج دولة الإمارات برمته يعتمد على سلامة وأمن واستقرار الشعب وتدفق البضائع والسلع».

وتقول الصحيفة: «في أبوظبي، توافدت الرسائل بعد هجمات الحوثي من قادة العالم معربين عن رفضهم وتضامنهم مع الإمارات، في الوقت الذي لم يتصل فيه الرئيس بايدن. وبعد أسبوعين، أرسلت الولايات المتحدة مقاتلات جوية ومدمرة موجهة. وعندما زار وفد كبير من القادة الأميركيين، رفض صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد الاجتماع به».

وذكرت أنه بعد أسابيع، لم يتصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، بالرئيس بايدن بشأن أوكرانيا.

ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم أهملوا التهديد الذي شعرت به الإمارات. واستشهد أحد المسؤولين بالاستخدام المتزايد للأسلحة المزودة من الولايات المتحدة للدفاع ضد الهجمات كدليل على التزام واشنطن بالأمن. وفي حديثه مع الرئيس بايدن في يوليو الماضي على هامش قمة إقليمية، أعرب صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، عن استيائه مما يراه «هروباً أميركياً من التزامات الحليف الاستراتيجي في الأمن»، كما ذكّر صاحب السمو، الرئيس بايدن بمشاركة القوات الإماراتية في القتال إلى جانب الولايات المتحدة لمدة 30 عاماً، وفقاً لمصادر مطلعة.

وأضافت تلك المصادر أن صاحب السمو رئيس الدولة، طلب توضيح موقف الولايات المتحدة، فقام الرئيس بايدن بدعوة صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد إلى زيارة واشنطن، حيث من المتوقع أن تتعهد واشنطن بالتعاون مع الإمارات في مجالات الأمن والطاقة والأعمال والتسامح الديني.

وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة د. سلطان الجابر، إن الإمارات ترغب في تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة ولكن ليس على حساب دول أخرى، موضحاً أن الأمر يتعلق بالولايات المتحدة والهند وأوروبا وروسيا والصين وغيرها.

وقال: «بدأ صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد، في توطيد العلاقات مع الصين منذ سنوات، لكن البلدين تقاربا خلال جائحة كورونا، عندما أعلنت الإمارات فتح حدودها بينما أغلقتها الكثير من دول العالم. أنتجت الإمارات أقنعة الوجه باستخدام آلات من مصادرها في الصين، بخلاف اختبارات الحمض النووي بالتعاون مع إحدى شركات الجينات الرائدة في الصين، وأنتجت اللقاحات بالتعاون مع شركة سينوفارم الصينية، التي كانت أكثر استعداداً من الشركات الغربية للتعاون مع الإمارات، وفق ما أفاد به المسؤولون الإماراتيون».

وتتجاوز التجارة بين الإمارات والصين 70 مليار دولار ولا تتعلق بالنفط فحسب، بل تتوسع إلى المجالات المالية والتكنولوجية والتبادل الثقافي. كما تتسق مصالح الإمارات مع مصالح روسيا، حيث رفضت أبوظبي، في فبراير 2022، التصويت على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يدين الحرب الروسية على أوكرانيا، وذلك سعياً لحصد الدعم الروسي من خلال التصويت لصالح قرار آخر يصنف الحوثيين كمنظمة إرهابية.

وألحق امتناع الإمارات عن التصويت، أضراراً بالجهود الأميركية المبكرة لعزل روسيا. وقالت نسيبة: «إن هذا القرار جاء في وقت تستعد فيه الإمارات لرئاسة مجلس الأمن وتسعى للتوسط في الصراع. وفي 2 مارس من العام الماضي، صوّتت دولة الإمارات لصالح قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب روسيا بوقف الحرب».

وأوضح قرقاش أن صاحب السمو «كان صبوراً جداً في بناء هذه العلاقة مع روسيا».

تويتر