الأطفال الضحية.. أسواق غزة تشتعل بأسعار ملابس العيد

صورة

في أسواق شارع عمر المختار وسط قطاع غزة، والممتدة من حي الرمال "الجندي المجهول"، مرورا بمنطقة  الساحة، وصولا إلى سوق الشجاعية، تفاوت كبير في أسعار ملابس العيد، وخاصة الأطفال، والتي تشهد جميعها ارتفاعا كبيرا، فاجئ العائلات سواء قبل ازدحام الأسواق، أو خلال الأيام الأخيرة من شهر الصيام.

هذه المشاهد تتكرر داخل سوق الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، والذي يتقدم مراتب أسواق القطاع الشعبية اتساعا، واكتظاظا، وعلى ذات النسق تشهد أسواق الملابس من رفح جنوبا حتى بيت حانون شمالا موجة الارتفاع الحاد في أسعار الملابس.

 وجاء ذلك جراء ارتفاع حجم الضرائب على البضائع المستوردة عبر معبر كرم أبو سالم، المنفذ الوحيد لسكان القطاع، الذي يسمح من خلاله الاحتلال بإدخال المستلزمات والبضائع بكميات مقننة، وبأيام يفرضها هو على مدار ساعات ضئيلة في اليوم الواحد.

أسعار صادمة -
شقت "الإمارات اليوم" طريق سوقي الشيخ رضوان والساحة، حيث مشاهد اكتظاظ أرباب الأسر على المحلات، لاقتناء ملابس العيد، لرسم الفرحة على وجوه أطفالهم، ولكن سرعان ما اتشحت وجوه الأهالي بالسواد، فور اكتشاف أسعار ملابس الأطفال لعيد الفطر المبارك هذا العام.

ويقول إبراهيم المدهون، وهو أب لطفلين،" إنني لم أتوجه إلى سوقي الجندي المجهول والساحة الأعلى سعرا في أسعار الملابس، فتجولت داخل سوق الشيخ رضوان، كونه الأكثر شعبية إلى جانب سوق الشجاعية، ولكن الأسعار كانت صادمة، ولا تختلف كثيرا عن الأسواق السابقة، ونظرا لجولتي في داخل الأسواق فإن ملابس الأطفال هي الأكثر تعرضا لغلاء الأسعار.

ويبين أن أسعار الطقم الواحد للطفل داخل المحال التجارية تتراوح من ١٠٠ إلى ٢٠٠ شيكل، وتزيد وتنقص بحسب جودتها، وهو سعر لا يتناسب مع كثير من العائلات محدودة أو متوسطة الدخل، التي اعتادت على أسعار تتراوح من ٥٠ إلى ٧٠ شيكات، انطلاقا من السعر الأقل والبالغ ٣٠ شيكلا، هذا بالإشارة إلى معدومي الدخل الذين لا يمتلكون قوت يومهم، جراء تدهور أوضاعهم المعيشية، وحالاتهم المادية.

ويمضي المدهون بالقول،"أنا لا أمتلك مصدر دخل ثابت، وأبيع المشروبات الساخنة والسجائر داخل حانوت صغير بجوار منزلي، وأعتمد في مجمل البيع على موظفي السلطة، الذين تنحدر رواتبهم منذ سنوات عدة".

ويضيف،"إن ما أتحصل عليه في اليوم الواحد من شواكل قليلة بالكاد يؤمن إيجار البيت الشهري، ومصاريف الأطفال، ودراستهم، إلى جانب متطلبات الحياة اليومية، ليقسم موسم العيد ظهرنا،  فتشعر بالعجز عن توفير أدنى ما يحتاجه أبنائي الصغار في العيد.

امتعاض شديد -
رأي المدهون يشاطره المواطن الخمسيني خميس المغربي، وهو أب لعشرة أفراد، ولا يقوى على العمل، نتيجة إصابته بأمراض خطيرة ومزمنة عدة، أبرزها في الكليتين والعامود الفقري، وضعف حاد في النظر.

ويقول المغربي بامتعاض شديد،"نحن نعتمد في توفير جميع متطلبات حياتنا اليومية على ما تقدمه وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية كمخصصات شؤون اجتماعية، والتي كانت تصرف مرة كل أربعة شهور".

ويضيف،"إنه منذ عامين صرفت لنا مرتين فقط، الأولى نصف المبلغ المخصص لي والبالغ في مجمله ١٢٥٠ شيكلا، وفي أكتوبر الماضي دفعة ثانية بمبلغ كامل، وبعد صبر دام ستة أشهر تمكن من استلام  دفعة أخرى في الأيام الأخيرة من الشهر الفضيل، والتي ذهبت أدراج الديون المتراكمة، دون التمكن من توفير القليل من احتياجات أبنائي".

يجدر بالذكر أن الغالبية العظمى من أبناء المغربي سواء الكبار أو الصغار تصيبهم عدة أمراض في شبكية العين، وضعف حاد في البصر، إلى جانب الفشل الكلوي.

أسباب كثيرة -
في المقابل يبرر أصحاب المحلات التجارية غلاء أسعار الملابس بارتفاع أسعارها من مصدر استيرادها، وكذلك ارتفاع الضريبة المضافة على إدخالها، إلى جانب القيود التي يفرضها الاحتلال على البضائع التي يسمح بإدخالها إلى غزة المحاصرة عبر معبر "كرم أبو سالم".

ويقول بدر الغوطي الذي يملك متجرا لبيع الملابس،" إن غلاء أسعار الملابس هذا العام يعود إلى ارتفاع أسعار الضرائب إلى حد أكبر من السابق، ومضاعفة رسوم نقلها إلى غزة من البلد المنشأ، إلى جانب غلاء تكلفة المنتجات التركية أو الصينية من ذات البلد".

ويصف التاجر الغوطي إقبال المواطنين على شراء ملابس العيد هذا العام بالضعيفة، لافتا إلى أن موظفي الحكومة تقاضوا رواتبهم في الأيام الأولى من شهر الصيام، وهذا ما أضعف الحركة الشرائية إلى حد مميت.

ويبين أن القدرة الشرائية لسكان غزة تعدمها قسوة تداعيات أزمات الحصار المتفاقمة، وسوء الأوضاع المعيشية، يضاف إلى ذلك أن فئات كبيرة من الناس من منتفعي الشؤون الاجتماعية، الذين تذهب مخصصاتهم غير المنتظمة لسداد شهور طويلة من الديون المتراكمة.

ومن داخل محل الملابس، أدلى الشاب أحمد السالمي برأيه حول أسعار الملابس قائلا،" إنه نتيجة غلاء الأسعار اشتريت طقما واحدا فقط لطفلتي البكر، التي لم يتجاوز عمرها العام الواحد، إذ بلغ ثمنه بعد "المفاصلة" مع البائع ١٤٠ شيكلا، ورغم غلاء السعر لم أبخل به على طفلتي، التي تعد فرحتي الأولى".

تويتر