الأرض ليست المؤشر الأول لبناء عقار في دبي مستقبلاً
الخطط العمرانية في دبي لم تعد تعتمد على مساحات الأراضي المتوافرة، ومستقبلاً لن يعتمد المطورون العقاريون والجهات التنظيمية المكلفة بتنظيم القطاع العقاري في دبي على الامتدادات الجغرافية لتقسيم وتوزيع المشروعات العقارية بالإمارة.
لا داعي للاستغراب، لأن الواقع الذي نعيشه في دبي اليوم والتحولات السريعة التي يشهدها القطاع العقاري في ما يتعلق بدمج واستخدام التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي في مختلف الأنشطة العقارية، هي التي تفرض هذا المبدأ، وهي التي تفرض المعادلة الجديدة لطرح وبناء المشروعات الجديدة، حيث إن الأرض لم تعد المؤشر الأول في رسم الخطط العمرانية، كما هو الحال بالنسبة للمدن التقليدية، بل البيانات هي المؤشر الحقيقي، والرهان الذي ستبنى عليه المجمعات السكنية الجديدة مستقبلاً، وقد بدأ استعمالها في سوق عقارات دبي بالفعل.. كيف ذلك؟أصبحت سوق عقارات دبي تعتمد أكثر على بيانات المبيعات، الإيجارات، الاستفسارات على المنصات العقارية، وحركة المستخدمين عبر الخرائط والتطبيقات التي أصبحت بدورها تكشف عن المناطق الأكثر طلباً، وعن أنواع الوحدات المفضلة (غرفتين؟ فيلا؟)، أو المميزات التي يبحث عنها السكان (إطلالة؟ مرافق؟). وبناء عليه تقوم الجهات المعنية بالقطاع والمطورون بتحديد أماكن «النمو القادم» قبل حدوثه، وتستخدم المعلومات في إعادة تشكيل تصاميم المشروعات الجديدة.
لهذا، لم تعد القرارات العمرانية تعتمد على نسبة المساحات الخالية والمتاحة، بل على نتائج الذكاء الاصطناعي المستخدم وفق آليات متقدمة وطرق مختلفة لرصد حركة الأفراد، وسلوكياتهم، وأنماط حياتهم اليومية، إلى جانب قدرته على قياس عدد السكان المتوقع خلال 10 سنوات، وطبيعة السكن المطلوبة في تلك الفترة.
بمعنى أن دبي اليوم تعتمد على تحليل البيانات الضخمة لفهم سلوك السكان والمستثمرين بشكل دقيق، هذه البيانات هي التي ستحدد أين ستُقام المشروعات المقبلة، وأي المناطق تستحق الارتفاع في الكثافة، وأي الأحياء تحتاج إلى تحسين، ومن ثم يتم توجيه قرارات التطوير العقاري والجذب الاستثماري بناء على حقائق متوصل إليها عبر هذه البيانات وليس توقعات، فتقنيات الذكاء الاصطناعي اليوم تطورت كثيراً، وأصبحت قادرة على تحديد اتجاهات الطلب الحقيقي وليس الافتراضي.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.