البنوك أولى بهم

منذ أعوام قليلة دخلت شركات الكاش السريع «الفينتك» السوق المحلية عبر تطبيقات متنوعة تتنافس على شريحة كبيرة من العمال والشباب وطلبة الجامعات، الذين لا يمكنهم أخذ تمويلات من البنوك، ووفرت لهم منتجات وخيارات عدة منها الحصول على مبالغ مالية أو شراء سلع وتقسيطها أو تحويلات مالية مجانية أو برسوم مخفضة لبلدانهم.

ورغم حصول هذه الشركات على تراخيص من المصرف المركزي وعملها بشكل قانوني فإن الممارسات على أرض الواقع أظهرت الكثير من السلبيات منها نسب الفوائد المرتفعة والرسوم التي تصل حتى 30% من قيمة المبلغ الذي تمنحه للمتعامل، فضلاً عن تسهيل الإقراض للشباب والطلبة ممن ليس لديهم دخل شهري ثابت بما يحملهم أعباء مادية تفوق قدرتهم على السداد.

أما الأكثر إزعاجاً لهذه الفئة من المقترضين ما يقوم به لاحقاً موظفو التحصيل الذين تتعاقد معهم شركات «الفينتك» من مطاردة المقترضين المتعثرين وتهديدهم والاتصال بأولياء أمور طلبة الجامعات الذين سهلت لهم الحصول على التمويل دون أخذ رأيهم أو اشتراط موافقتهم المسبقة.

لذا أتصور أن من أفضل القرارات التي اتخذها المصرف المركزي مؤخراً هو السماح للبنوك بتمويل شريحة العمال وذوي الدخل المنخفض وفق آليات معينة وضوابط محددة تتماشى مع نشر الشمول المالي وإيصال الخدمات المالية لكافة شرائح المجتمع من جهة، ومن جهة أخرى منح القروض (بتعقل) وبشكل رشيد يلبي احتياجات شريحة الدخل المحدود، وفي نفس الوقت لا يحملهم أعباء وأقساطاً وفوائد ورسوماً تسهم في تعثرهم.

سوق الإمارات مفتوحة ولا توجد موانع لعمل الشركات المالية وشركات «الفينتك» سواء محلية أو أجنبية، طالما حصلت على التراخيص المطلوبة وخضعت لرقابة المصرف المركزي، لكن البنوك لديها أيضاً بنية تكنولوجية متطورة تؤهلها لتقديم ذات الخدمات وبنفس السرعة، مع ما يميزها من معقولية رسومها ونسب الفوائد التي تحصل عليها مقارنة بتلك التطبيقات ومراعاتها للجوانب الاجتماعية، خصوصاً مع طلبة الجامعات والشباب بألا تسهل لهم الاستدانة بلا داعٍ ودون موافقة ولي الأمر.

يبقى أن تخلق البنوك قنوات تواصل وتوعية لهذه الشريحة المهمة وأن تراعي أن رواتبهم منخفضة لا تحتمل رسوماً مرتفعة أو نسب فوائد عالية حتى تكون فعلياً «أولى بهم».

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

الأكثر مشاركة