البيئة المؤسسية والصحة النفسية للموظف

في عالم الأعمال الحديث، لم تعد الصحة النفسية للموظف مجرد قضية شخصية، بل أصبحت محوراً أساسياً في استراتيجيات المؤسسات الناجحة، فالبيئة المؤسسية التي يعمل فيها الموظف تلعب دوراً حاسماً في تشكيل حالته النفسية، ما ينعكس بشكل مباشر على أدائه وإنتاجيته. إن خلق بيئة عمل صحية نفسياً لم يعد ترفاً، بل ضرورة لتحقيق التوازن بين أهداف المؤسسة ورفاهية العاملين فيها.

إن البيئة المؤسسية تشمل مجموعة من العناصر مثل ثقافة العمل، وأسلوب القيادة، والعلاقات بين الزملاء، والسياسات الداخلية، والظروف المادية للعمل، عندما تكون هذه العناصر إيجابية، يشعر الموظف بالأمان النفسي والانتماء، ما يعزز ثقته بنفسه ويحفزه على الإبداع والمبادرة، وعلى النقيض، فإن بيئة العمل السلبية التي تتسم بالتوتر، وغياب التقدير، أو غموض الأدوار، قد تؤدي إلى القلق، والاكتئاب، وحتى الاحتراق الوظيفي.

ولاشك في أن أبرز العوامل التي تعزز الصحة النفسية في بيئة العمل هو وجود قيادة داعمة تتبنى أسلوباً تشاركياً في توليد الأفكار واتخاذ القرار، وتحرص على التواصل المفتوح مع الموظفين بكل مستوياتهم، فعندما يشعر الموظف بأن رأيه مسموع وأنه جزء من منظومة تُقدّر إسهاماته، فإن ذلك يرفع من معنوياته ويقلل من شعوره بالعزلة أو التهميش، كما أن توفير مرونة في ساعات العمل، وإتاحة خيارات العمل عن بعد، وتشجيع الموظفين على أخذ فترات راحة منتظمة، كلها ممارسات تعكس اهتمام المؤسسة بصحة موظفيها النفسية، هذا التوازن لا يحمي الموظف من الإرهاق فحسب، بل يعزز من قدرته على التركيز والإبداع، ما ينعكس إيجاباً على جودة العمل.

إن البيئة المؤسسية ليست مجرد إطار تنظيمي، بل هي منظومة تؤثر في وجدان الموظف وسلوكه المهني، وكلما كانت هذه البيئة أكثر دعماً وتفهماً لاحتياجات الموظف النفسية، كلما كانت المؤسسة أكثر قدرة على تحقيق أهدافها بكفاءة واستدامة، فالاستثمار في الصحة النفسية للموظف هو استثمار في مستقبل المؤسسة نفسها.

* مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

الأكثر مشاركة