إذا ما راية رفعت لمجد

تذكر كتب البلاغة بيتين للشماخ بن ضرار المازني رضي الله عنه، يمدح فيهما عُرابة الأوسي رضي الله عنه، الذي اشتهر بالجود والكرم حتى كان يقاس في الجود بعبدالله بن جعفر رضي الله عنهما، كما يقول ابن الأثير في أُسد الغابة، وكان عرابة قد أكرم الشماخ كرماً أرضاه فيه، فمدحه بقوله:

رأيت عُرابة الأوسي يسمو* إلى الخيرات منقطع القرينِ

إذا ما رايةٌ رفعت لمجدٍ * تلقاها عرابة باليمين

ويذكر البلاغيون البيت الثاني للاستشهاد به على التعبير المجازي، حيث عبّـر عن القوة باليمين، ولا غرو أن يكون عرابة الأوسي رضي الله عنه جديراً بهذا الثناء العطر، لكرمه وجوده، فضلاً عن صحبته الشريفة.

غير أنني أستشهد بالبيت الثاني لمعنى آخر، وهو رفع راية المجد، ويد القوة.

أما راية المجد فهي التي سنرفعها في الثالث من نوفمبر تخليداً لذكرى رفع راية الاتحاد يوم إعلانه الميمون عام 1971، الراية التي ترمز إلى سيادة الدولة وعزها، ونهضتها، وصنائعها البيضاء في كل مكان. وكما يقول الشاعر:

بيض صنائعنا* سود وقائعنا

خضر مرابعنا* حمر مواضينا

وأما يد القوة فهي يد القيادة الرشيدة التي رفعتها عند قيام الاتحاد، وترفعها القيادات المتوالية كل عام لتجديد الولاء لحماتها الأولين - رحمهم الله وأثابهم ثواب المكرمين من عباده المؤمنين - وحماتها التالين، حفظهم الله تعالى وأمدّهم بتوفيقه وعونه المكين.

هذه الراية التي سترفع في كل مكان في الدولة العامرة بالخيرات والمسرات، وفي كل سفارة للدولة في القارات السبع، ليعلم الرافع والناظر أنها رمز الحضارة، ورمز القوة، ورمز السعادة، ورمز السماحة، ورمز التعاون، ورمز العطاء، وهي المعاني التي تُعنى بها القيادة الرشيدة، حفظها الله تعالى.

إنها راية يدل مظهرها ومخبرها على معانيها التي ترفرف بها خفاقة في الآفاق، وتقول بلسان حالها، إنها باقية إن شاء الله تعالى على هذه المعاني ما دامت السماوات والأرض، لأنها رفعت على مبدأ العدل والمحبة والتآخي الإنساني، والسماحة الإسلامية، والشهامة العربية، فراية تحمل هذه المعاني حقها أن تكون خفاقة في كل وقت.

ومن أجل ذلك دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جميع المواطنين والمقيمين وكل مؤسسات الدولة إلى رفع هذا العلم الشامخ في اليوم الثالث من نوفمبر، ليكون رفعها تعبيراً عن تلاحم الشعب والتفافه حول علَمه، وتجسيداً لقيم الاتحاد، والانتماء للوطن وقيادته.

أعزّ الله راية المجد والسؤدد، وأدام ظلها الوارف خفّاقاً مدى الدهر.

*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

الأكثر مشاركة