على أطراف الإمارة

لم تعد المعيشة في قلب إمارة دبي خياراً وحيداً لمن يبحث عن جودة حياة عالية، فخريطة السكن اليوم تعيد رسم نفسها بهدوء نحو الأطراف.

فمناطق مثل قرية جميرا الدائرية «JVC»، و«واحة دبي للسيليكون»، و«دبي الجنوب»، أصبحت محطّ اهتمام شريحة متزايدة من السكان، بفضل أسعارها المعقولة، وتوازنها بين الحياة المجتمعية والراحة اليومية، وارتباطها بشبكة متكاملة من الطرق والمدارس والمراكز التجارية التي لم تكن متاحة قبل عقد فقط.

هذا التحوّل لا يأتي مصادفة، بل يعكس تحولاً هيكلياً في النسيج العمراني للإمارة، التي تجاوز عدد سكانها مؤخراً مستوى أربعة ملايين نسمة للمرة الأولى، وتواصل النمو بوتيرة عالية.

ومع هذا التوسع، لم يعد الامتداد الحضري مجرد توسع جغرافي، بل تطور في مفهوم الإمارة نفسها، حيث أصبحت الضواحي مراكز حياة متكاملة، تجمع بين المساحات الأوسع، والهدوء، والخدمات الحديثة.

ففي قرية جميرا الدائرية مثلاً، يجد المقيمون توازناً بين الهدوء السكني وقرب الخدمات، بينما تشكل «واحة دبي للسيليكون»، مركزاً للمجتمعات العائلية والمهنيين في مجالات التقنية والتعليم. أما «دبي الجنوب»، التي صُمّمت لتكون «مدينة المستقبل»، فهي تشهد إقبالاً متزايداً بفضل قربها من مطار آل مكتوم الدولي، وموقعها الاستراتيجي على طريق النمو نحو إكسبو سيتي.

ويُظهر هذا التوجه نحو الضواحي نضوج السوق العقاري في دبي، وقدرته على مواكبة أنماط الحياة الجديدة بعد الجائحة، حين أعاد كثيرون تقييم أولوياتهم بحثاً عن مساحات أكبر، وبيئة أكثر هدوءاً.

كذلك يزداد الطلب على هذه المناطق لأسباب عدة، منها انخفاض أسعارها مقارنة بالمناطق التقليدية، والتركيز على المشروعات السكنية الجديدة، وتوفير عوائد إيجارية قوية.

والنتيجة أن «المناطق النامية»، سابقاً، لم تعد كذلك، بل تحولت إلى مراكز نابضة بالحياة اليومية، تمتد فيها الإمارة بروحها الحديثة دون أن تفقد خصوصية كل حي. إنها مرحلة جديدة في تطور دبي العمراني، حيث لم تعد المسافة من المركز مقياساً للجاذبية، بل جودة المعيشة هي المعيار الحقيقي.

*رئيس مجلس إدارة «شركة دبليو كابيتال للوساطة العقارية»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

الأكثر مشاركة