الاتحاد الآسيوي
لا خلاف على أن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد بذل جهوداً كبيرة في سبيل تطوير الكرة الآسيوية، وحقق خطوات ملموسة على صعيد تحديث المسابقات وتحسين البنية التحتية، فضلًا عن تقديم الدعم لتجاوز التحديات والمعوقات، سعياً لتحقيق الأهداف، والوصول إلى الريادة الكروية، غير أن هذا المسار لم يخلُ من الأصوات الناقدة، التي بدأت تتعالى موجّهةً اتهامات أُسقطت في ملعب النزاهة والاحتكار، ومُسلطةً الضوء كذلك على شبهات وأخطاء متراكمة توارت تحت ستار الغموض، ما أثار الاستفهام عن الشفافية وآليات اتخاذ القرار.
فقد بدا واضحاً أن هناك ميداناً آخر للسجال والصراع، أشبه بمباراة تدور خارج المستطيل الأخضر، لكنه مستطيل يفتقر إلى الحياد، وتعلو فيه نبرة المحاباة، وكأن من بيده القرار يُصفق لطرف على حساب آخر، تاركاً الجماهير في حيرة، تتساءل عمّن يتحكم بعجلة التنظيم والمواجهات وحتى النتائج، وكأن القواعد تُدار وفقاً لمصالح من يمتلك النفوذ والتأثير، لكن يبدو أن هذا الكيان يقف على مفترق طريق.
ثمة من يرى أن التحديات التي يواجهها من تخبطات وغموض المعايير، ستدفع إلى فتح باب المحاسبة ثم الضغط لتغيير البيت من الداخل، إذ إن الاستمرار في هذا المنعطف قد يؤدي إلى مزيد من الانقسامات، وربما يُفضي إلى تفكك الوحدة القارية وظهور تحالفات موازية، ما سيعطل البرامج ويُهدر المكتسبات، ويُنسف سنوات من العمل نحو تحويل القارة إلى قوة كروية فاعلة، مع التسليم بأن المؤسسة قادرة على استعادة الثقة وتعزيزها، إذا ما أغلقت نوافذ الشك، وسلكت خطوة أساسها الشفافية والنزاهة، بما يُضمد سمعتها المجروحة ويعيد لكرتها البريق.
وفي خضم هذه الملابسات، جاءت ردة فعل اتحاد الكرة حازمة، حين رفض استلام الجائزة في موقف حمل دلالات واضحة، وكأنها رسالة بخطوط حمراء تؤكد أن المساواة والمصداقية هما أساس النجاح الحقيقي، مؤكداً كذلك أن العلاقات تُبنى على أسس سليمة، خالية من الشوائب، وبعيداً عن المساومات والمنافع القصيرة. مثلما أنها همسة في أذن من يحاول اختطاف النجاح والعبث بالقيم، بأن جرس الإنذار قد دقّ في ساحة أصبحت فيها المصداقية على المحك، وأضحى مستقبل القارة معلقاً على ميزان الإنصاف والحياد.
لذا يبقى السؤال معلقاً، هل سنشهد إصلاحاً حقيقياً يُصحح من مسار هذا الكيان؟ أم أن المشهد سيظل رهينة تدوير الأزمات وتجميل السطح، فيما تتآكل الثقة من الداخل وتفقد القارة مكانتها كمنظومة كروية قادرة على قيادة اللعبة بثقة وعدالة!
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.