استغلال وتعسف!

ارتكب صديق لي حادثاً بسيطاً بسيارته داخل موقف البناية التي يسكن بها، فسلك الطريق القانوني، وأبلغ الشرطة التي سجلت تقريراً مفاده أن المركبة متضررة من الأمام والخلف بسبب اصطدامها بحائط من اليسار وحاجز خرساني من اليمين.

التقرير وصل إلى شركة التأمين، وسارت الأمور بشكل طبيعي، وتسلمت الوكالة السيارة لإصلاحها، وأجرت تقييماً للأضرار ثم أرسلت النتائج لشركة التأمين التي وافقت على المعاملة على أن يتحمل مالك المركبة النسبة المقررة في العقد كونه المتسبب في الحادث.

ما سبق جميل وممتاز ولا غبار عليه إلى أن تلقى المالك اتصالاً لاحقاً من الوكالة، مفاده أن شركة التأمين غيرت رأيها وقررت إلزامه بسداد ضعف النسبة المطلوبة، لأنها - بقدرة قادر - اعتبرت أن الأضرار نتيجة حادثين وليس حادثاً واحداً!

المالك صدم بالمكالمة، وتحدث دون جدوى إلى خدمة العملاء في شركة التأمين، فأخبره الموظف - بكل لطافة -أن الشركة لديها خبراء قادرون على تقييم الحوادث، وليسوا ملزمين بتقرير الشرطة، واضطر الرجل في النهاية إلى السداد حتى يسترد سيارته!

وفي حالة أخرى، أقامت شركة تأمين دعوى قضائية ضد سائق شاحنة ثقيلة تسبب في وفاة شخص بحادث مروري، طالبت فيها باسترداد مبلغ الدية الذي سددته بالنيابة عنه نحو 219 ألف درهم.

الحجة التي استندت إليها الشركة أن السائق ليس لديه رخصة قيادة هذا النوع من المركبات الثقيلة، وهذا مسوغ قانوني يمنحها هذا الحق وفق وثيقة التأمين، لكنها لم تستطع إثبات ذلك كون السائق يحمل رخصة من دولة خليجية أخرى لا تحدد ما إذا كان يحق له قيادة المركبات الثقيلة من عدمه، ومن ثم رفضت المحكمة الدعوى.

شركات التأمين لا تترك شاردة أو واردة يمكن استغلالها ضد المؤمن له، إذا كان سيكلفها درهماً واحداً، لكن القضاء يقف حاجزاً منيعاً أمام تعسف بعض الشركات أو استغلالها.

ولتفادي الوقوع في فخ هذه الممارسات من الضروري الوعي جيداً بحقوقك القانونية كمستهلك، فلا تترك ثغرة في وثائقك، واعتمد على السند الرقابي، وحال معاملتك بأي نوع من الاستغلال أو التعسف، توجه أولاً إلى منصة «سندك» التابعة للمصرف المركزي، فهي وحدة رقابية تتصدى بحياد لأي ممارسات مضللة أو غير عادلة من قبل شركات التأمين، وبمثابة خط دفاع أول يمكن التحصن به قبل اللجوء إلى القضاء.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

الأكثر مشاركة