التغني بالقرآن الكريم
ما أجمل أن يتلو الصوتُ الحسن كتاب الله تعالى فيطرب الأسماع، وتخشع بسماعه الجوارح، وتلين القلوب بذكر الله تعالى، ذلكم لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى، وحقه أن يُتلى بأحسن الوجوه وأطيب النغمات، كما أراد الله تعالى ذلك فيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به» يعني: ما استمع إلى شيء كاستماعه إلى صوت نبي قرأ الكتاب المنزَّل إليه بصوت رفيع، وفي هذا حض على تحسين الصوت به، وذلك دليل على محبة الله تعالى لهذا الصوت الذي يتلو كتابه - سبحانه - ويتلذذ به ويعظ به نفسه والآخرين، وهو ما كان يحبِّذه النبي عليه الصلاة والسلام حتى قال: «ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن» لأن السامع إذا سمع مثل هذا التغني وحسن الترتيل حصل له من الفهم ما لم يحصل له عند غير تلك التلاوة، وقد كان عليه الصلاة والسلام يحب سماعه بهذا الصوت الشجي، فلما سمعه من أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أعجبه ذلك وأثنى عليه وقال له: «يا أبا موسى لقد أُوتيت مزماراً من مزامير آل داود» والمراد بذلك داود، عليه السلام، فقد كان حسن الصوت، فكان إذا تلا الزبور تُؤوِّب معه الجبال، أي تردد معه، فقال أبو موسى: «أما إني لو علمت بمكانك لحبَّرته لك تحبيراً» يعني لزدت تحسينه وتجويده وترتيله؛ ليُسرّ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يقول: «زينوا القرآن بأصواتكم» وهو صلى الله عليه وسلم كان يحسِّن صوته بالقرآن كما روى عبدالله بن مغفل، رضي الله عنه، قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو على ناقته وهي تسير به وهو يقرأ سورة الفتح، قراءة ليِّنة يقرأ وهو (يرجِّع) أي يردد ويشبع المدَّ في موضعه، حتى يزيده حسناً».
ومن هنا نعلم مدى اهتمام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بجائزته الأحب إلى قلبه «جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم» فقد أراد لها أن تكون جائزة مميزة بنداوة الصوت من الفئة الناشئة الحافظة لكتاب الله تعالى، كما عبر بذلك حينما سمع الطفل عبدالرحمن الحمادي الحسن الصوت، فطربَ به وأثنى عليه الثناء الجميل، وهذا هو التشجيع الحقيقي للناشئة، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، يقدم الشاب الحسَن الصوت لحُسن صوته بين يدي القوم.
*كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.