الفراغ.. العدو الصامت

الفراغ القاتل يُعد من أبرز التحديات النفسية التي تواجه الإنسان في حياته اليومية، حيث إن تأثيره يمتد إلى جوانب متعددة من النفس البشرية، إذ يسهم في تعزيز المشاعر السلبية، مثل القلق والاكتئاب، ويؤدي إلى تفاقم المشكلات النفسية.

وفقاً لدراسات نفسية عدة، فإن الفراغ يخلق بيئة خصبة للأفكار السلبية، ما يؤدي إلى تدهور الحالة النفسية.

عند الحديث عن آثار الفراغ، نجد أن الشخص الذي يعاني فراغاً في وقته قد يجد نفسه محاصراً بأفكار مبالغ فيها، ما يُسهم في زيادة مستوى التوتر والقلق.

هذا التوتر يمكن أن يتحول إلى مشاعر يأس وإحباط، ما يؤثر سلباً في الأداء اليومي والعلاقات الاجتماعية.

ووفقاً لبحث أُجري في جامعة هارفارد، تبين أن الأشخاص الذين يشاركون في أنشطة مثمرة يكونون أكثر سعادة وأقل عرضة للاكتئاب، فالفراغ في ميزان العاقل ليس راحةً دائمة، بل فرصة للعمل الصالح، وللعلم، ولخدمة الناس، ولتعمير النفس بالذكر والفكر.

والوقت هو رأسمال الإنسان الحقيقي، فمن أضاعه أضاع عمره، ومن أحسن استثماره عاش ذا أثر.

من جهة أخرى، يُظهر علم النفس الإيجابي أن الانشغال بالعمل أو الهوايات يُساعد على تحسين الصحة النفسية، فإذا أردت الراحة فعليك بالعمل. والانخراط في أنشطة ذات معنى يُعزز من تقدير الذات ويُقلل من مشاعر الفراغ.

الأفراد الذين يُخصصون وقتاً للعبادة أو التطوع أو التعلم يُظهرون مستويات عليا من الرضا عن الحياة.

وكما قال الشاعر:

الوقت أنفس ما عنيت بحفظه

وأراه أسهل ما عليك يضيع

ديننا الحنيف أدرك خطر الفراغ قبل أن تتحدث عنه كتب النفس الحديثة، فجاءت النصوص النبوية تحذّر من إضاعته وتدعو إلى اغتنامه.

قال النبي : «نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ»، أي إن كثيراً من الناس يفرّطون في هاتين النعمتين دون أن يشعروا بقيمتهما حتى يفوت الأوان.

لذلك يُعد الفراغ عدواً خفياً يُهدد الصحة النفسية. ومن الضروري تبني أسلوب حياة مُنتج، واستثمار الوقت في أنشطة تُعزز الصحة النفسية وتُحقق الأهداف الشخصية، والحرص على ممارسة الهوايات التي تصقل الشخصية وتزيد من نشاط العقل كالألعاب الذكية لتكون زادك في وقت فراغك.

* باحث في العلوم الإنسانية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

الأكثر مشاركة