«رحم الله أبي»

في كتابه الجديد «علمتني الحياة»، خصّص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فصلاً مؤثراً عنوانه «رحم الله أبي»، يفتح فيه قلبه ليكتب عن والده المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه. هذا الفصل ليس مجرد استذكار عابر، بل هو فعل بر صادق، يترجم حب الابن لأبيه إلى كلمات تحمل الدروس والعبر وتحوّل الذكرى إلى إرث معرفي وروحي للأجيال.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يكتب عن والده بصفاء العاطفة وصدق التجربة، فيقول: «تعلمت من أبي بساطة العيش وضبط النفس، وأن لا أنشغل بالتفاهات، ولا أصدق ضعاف العقول والتافهين، تعلمت منه الوقار من غير تكلف، والتسامح تجاه الجهال من الناس، والتلطف مع الجميع»، هذه الكلمات ليست مجرد وصف لصفات والد عظيم، بل هي وصايا حية، يقدمها سموه للناس منهج حياة، وكأنما يقول: «هذا ما علّمني أبي، فخذوه عني»، وليصبح عملاً من أعمال البر التي أوصى بها الشرع الحنيف. فالحديث الشريف يقول: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له». وفي هذا السياق، يبر سموه بأبيه عبر نشر الخير الذي تركه، وعبر تعليم الناس ما علّمه إياه والده، ليبقى الأجر متصلاً، والذكرى حية.

يذكّرنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن الكلمة الطيبة أعظم إرث، وأن نشر القيم التي غرسها الآباء هو الصدقة الجارية التي لا تنقطع، وهكذا، يصبح «علمتني الحياة» جسراً يصل بين أب علّم وابن يواصل التعليم.

هذا النوع من البر يذكّرنا بأن الوفاء للوالدين لا ينتهي برحيلهم، بل يبدأ من جديد حين نُحسن ذكراهم، وننشر مآثرهم، ونحوّل سيرتهم إلى دروس نافعة.

إنها رسالة مفتوحة لنا جميعاً: أن نبر آباءنا، ليس فقط بالدعاء، ولكن بأن نُحيي سيرتهم الطيبة، وننشر مآثرهم، ونُخلّد الخير الذي تركوه، فهكذا يستمر الأجر، وهكذا يُكتب البر في صفحات الحياة.

* مؤسس سهيل للحلول الذكية

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.

 

الأكثر مشاركة