الغسيل (4)
تقول العرب، «إن الوقاية خير من العلاج»، ونرى في دروس التاريخ وعبره صحة ذلك وأهميته، وتتضمن الوقاية التنظيمية من الغسيل أو التضليل البيئي والاجتماعي والحوكمة (ESG) وضع قواعد إفصاح شفافة، وتطبيق معايير واضحة للادعاءات البيئية والاجتماعية، وتطوير وتفعيل آليات مراقبة وتدقيق صارمة، وفرض عقوبات وغرامات رادعة على عدم الامتثال.
وللجهات التنظيمية دور مهم يبدأ بوضع تعريفات للتضليل البيئي والاجتماعي، مروراً بآليات الحوكمة ومعايير دقيقة يتم بناؤها عبر الاطلاع على أفضل الممارسات العالمية والدولية، وكذلك الدروس المستفادة من حالات التضليل التي تم رصدها في دول عدة. وإلزام الشركات أن تكون إفصاحاتها قابلة للتحقق، ومبنية على اختبارات سليمة، معززة بتقارير موحدة حول الحوكمة البيئية والاجتماعية والحوكمة لضمان قابلية المقارنة والشفافية.
ومن أهم المتطلبات التشريعية: وضع تعريفات ومعايير موحدة، إلزامية الشفافية والإفصاح، إنفاذ الادعاءات الصادقة وتجريم ومعاقبة التضليل المتعمد مقروناً بالمراقبة والتدقيق الدقيقين، ولحماية المستثمرين وثقة المستهلك، فإن المساءلة والعقوبات أداة رادعة. ولعل من التحديات، التفاصيل الدقيقة كالسجلات غير الدقيقة للاستثمارات وتضخيم الأرقام وبيان مضاعفتها، بينما الواقع عكس ما ينشر (Double booking).
ومن أمثلة الإجراءات التنظيمية ما طوره الاتحاد الأوروبي كتوجيه الادعاءات البيئية، لضمان موثوقية الادعاءات البيئية وقابليتها للتحقق، كذلك ممارسات هيئة السلوك المالي (FCA) وهيئة معايير الإعلان في بريطانيا النشطة لمواجهة التضليل البيئي. أما في كندا فيستخدم مكتب المنافسة أحكاماً في قانون المنافسة لحظر الادعاءات البيئية المتعلقة بالمنتجات التي لا تُثبت باختبارات كافية.
وهنا تبرز فرصة الإمارات للريادة العالمية، فبجانب مخاطر الغسيل ومساوئه وآثاره السلبية في السمعة المؤسسية، توجد فرصة لاعتماد التطور الإنساني والبشر كمظلة وركيزة أساسية للنمو والتطور. فمركزية الإنسان وجعله محور النمو المستدام ممارسة غير مطبقة عالمياً على أرض الواقع، بينما الإمارات قيادة وتاريخاً جعلته محور التنمية والبناء، وعماد الحاضر والمستقبل.
* مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
مسؤولية ما ينشر في مقالات الرأي تقع على الكاتب وحده ، ولا تتحمل الصحيفة مسؤولية الآراء الواردة فيها.