صون البراءة!
هناك عالم قاتم، يُعدُّ مرتعاً للمجرمين بالغي الخطورة، والمضطربين نفسياً وأخلاقياً، يسمى «الشبكة المظلمة» أو «دارك ويب»، وداخله تدار أعمال وجرائم تقشعر لها الأبدان، بعضها يستهدف الأطفال بشكل مباشر، ولا يمكن أن تكافحها دولة بمفردها.
لا يقتصر التزام دولة الإمارات بحماية الأطفال من المخاطر التي تهدد أمنهم الجسدي والنفسي والاجتماعي على حدودها الجغرافية فقط، بل يمتد ليشمل المساهمة الفاعلة في الجهود الدولية لمكافحة الجرائم المنظمة التي تستهدفهم.
وتمثل مشاركتها الأخيرة في إنقاذ 165 طفلاً على مستوى عالمي، بالتعاون مع 14 دولة، دليلاً واضحاً على هذا الدور الريادي.
العملية الأمنية التي شاركت فيها وزارة الداخلية الإماراتية، استهدفت شبكات الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت، وأسفرت عن ضبط 188 مشتبهاً فيه، وتفكيك 28 شبكة إجرامية تعمل على استغلال الأطفال، كما أسهمت في تعطيل مئات من الحسابات الإلكترونية التي تستخدم في ارتكاب هذه الجرائم.
وتجسّد هذه العملية التزام الدولة بمكافحة الجرائم العابرة للحدود، خصوصاً تلك المتعلقة بالاتجار في البشر، والاستغلال الجنسي الإلكتروني، الأمر الذي يتوافق مع البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، بشأن بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء والمواد الإباحية، الذي صدّقت عليه الإمارات.
ويتسق مع المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الجرائم الإلكترونية، الذي يوفر الغطاء القانوني لملاحقة الجناة الذين يستخدمون الشبكة المعلوماتية لتهديد الأطفال، ويتيح التعاون الفني والتشريعي العاجل مع الدول الأخرى لتبادل المعلومات وتنسيق الإجراءات، فضلاً عن قانون مكافحة الاتجار في البشر رقم 24 لسنة 2023 الذي يضع الأطفال في مقدمة الفئات المستهدفة بالحماية من الاستغلال والبيع والخطف.
وكل ما سبق يضاف إلى تشريع مهم رائد يحمي الأطفال ويصون براءتهم، هو القانون الاتحادي رقم (3) لسنة 2016 بشأن حقوق الطفل، المعروف باسم «قانون وديمة»، الذي يُجرِّم كل فعل يهدد سلامته البدنية أو النفسية، أو الأخلاقية أو العقلية.
ملف الإمارات في حماية البشر بشكل عام، والأطفال على وجه الخصوص، من الجرائم بالغة الخطورة، مثل الاتجار والاستغلال الجنسي، هو ملف ناصع البياض، تكلله جهود لا تتوقف من فرق عمل بمختلف الجهات والهيئات، وتعززه إرادة صلبة من حكومة جعلت من بلادها واحة آمنة للجميع، ما يجعلنا لا نستغرب أن تكون في مرمى بعض الحاقدين والحاسدين الذين يستكثرون عليها هذا الرخاء والاستقرار والرفاهية.
*محكم ومستشار قانوني
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه