ليس مجرد انتقال عشوائي

حسب أحدث تقرير صادر بعنوان «هجرة الثروات 2025»، نحن أمام لحظة مفصلية في مشهد الثروة العالمي، حيث يشير التقرير إلى أن أكثر من 142 ألف مليونير حول العالم سيُغيّرون مكان إقامتهم خلال العام الجاري، في أكبر حركة انتقال لرؤوس الأموال منذ عقد، بحثاً عن الاستقرار السياسي، والضرائب المنخفضة.

واللافت أكثر فيما جاء به هذا التقرير، هو أن الإمارات تتصدر قائمة الدول الأكثر وجهة واستقطاباً لهؤلاء، متفوقة على الولايات المتحدة، ولا يُعدّ هذا الأمر عجيباً أو غريباً، نظراً إلى المقومات المتكاملة التي تمتلكها دولة الإمارات - لاسيما دبي- لجذب الثروات ورؤوس الأموال وإدارتها.

حسب التقرير، هناك 13 ألف مليونير جديد اختاروا الإمارات في عام 2024، و81 ألفاً و200 مليونير إلى جانب 20 ملياردير يقيمون حالياً في دبي، وهذه ليست مجرد أرقام أو أعداد نعدّها، بل محفظة متنوعة من الثروات، تجعل إمارة دبي أكبر مركز للثروة في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية بشكل عام، ومدينة تنافس كبرى مدن الثروات بأوروبا وأميركا، مثل فلوريدا، وميلانو، ولشبونة، وأثينا، وزوغ في سويسرا.

وأكثر من ذلك، هذه الأرقام ليست مجرد انتقال عشوائي للثروات، بل إنها تُشكّل تحولاً جذرياً في اتجاهات مؤشر الثقة الاقتصادية، فالأثرياء وكبار رجال الأعمال، لا يبحثون عن مدن المال التقليدية، مثل المملكة المتحدة التي من المتوقع أن تخسر 16 ألفاً و500 مليونير هذا العام، والصين التي من المحتمل أن تخسر نحو 7800 مليونير، بل يتطلعون إلى أماكن تكفل لهم الحصول على الأمان، والكفاءة، والفرص المستقبلية، والإمارات تقدم كل ذلك بامتياز، عبر باقة متنوعة من عوامل جذب رؤوس الأموال وتنميتها، وتتمتع باستقرار في عالم مرتبك، يشهد اضطرابات جيوسياسية متزايدة، كما أن لديها بيئة ضريبية جاذبة، وتسهيلات غير مسبوقة للإقامة وتملك العقارات وتأسيس الشركات، إلى جانب قوانين تشريعية تُعدّ الأكثر مرونة في العالم، ورؤية اقتصادية استباقية، تهدف إلى بناء منظومة استثمارية مستدامة، والأهم من ذلك، قوانين خاصة بحماية الشركات والثروات العائلية.

في وقتنا الحالي الذي يشهد اضطرابات سياسية واقتصادية عالمية عدة، الثروات لم تعد تبحث عن أماكن تُحفظ فيها فحسب، بل عن بيئة تنمو فيها بثقة، والأذكياء الذين فهموا هذه القاعدة، تحوّلت أنظارهم مباشرة نحو الإمارات بيئةً متفوقةً في موازنة هذه المعادلة، فأصبحت بذلك هي الخريطة الجديدة، لتعزيز الثروة وليست فقط واحدة من الدول على خريطة العالم لهجرة الثروة إليها.

@ismailalhammadi

Ismail.alhammadi@alruwad.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

الأكثر مشاركة