نمو القطاع الصناعي بمنظور عقاري في دبي

بيانات دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي حول نمو عدد الرخص الصناعية الجديدة بنسبة 11% خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024، إشارة واضحة إلى المسار التصاعدي الذي تسلكه الإمارة في ملف التصنيع والتحول الصناعي الذكي.

هذا النمو اللافت ليس مجرد مؤشر موسمي عابر، بل يعكس تحولاً هيكلياً عميقاً في بنية الاقتصاد المحلي، حيث تتعزز مكانة دبي كمركز إقليمي للصناعة الحديثة، مدفوعة باستراتيجية دبي الصناعية 2030، التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

وفي الوقت نفسه، يمكن اعتبار هذا النمو تأكيداً على أن دبي لم تعد اليوم وجهة للتجارة والخدمات والتمويل فحسب، بل تتحول تدريجياً إلى قاعدة تصنيع إقليمي تخدم الأسواق الخليجية والآسيوية والإفريقية. في ظل توجه عالمي لإعادة توزيع سلاسل التوريد وتوطين التصنيع، فإن دبي تستفيد من موقعها الجغرافي وشبكة البنية التحتية المتقدمة لتحجز لنفسها مكاناً تنافسياً في خريطة الصناعة العالمية.

من منظور عقاري، هناك ترابط وثيق بين التوسع الصناعي والنشاط العقاري في دبي، وهو ما ينعكس بطرق مباشرة وغير مباشرة على السوق، فمع إصدار المزيد من الرخص الصناعية، يزداد تلقائياً الطلب على المستودعات ومرافق التخزين، والمصانع الجاهزة أو القابلة للتخصيص، والمساحات المكتبية والخدمات اللوجستية المرتبطة بالصناعات، والأراضي الصناعية، ما يدفع إلى نشاط أكبر في تطوير المجمعات الصناعية، ورفع إشغال العقارات في المناطق الصناعية والمتخصصة.

وإلى جانب ذلك، تزداد الحاجة إلى مساكن للعمال والموظفين في المناطق المجاورة للمناطق الصناعية حتى الوحدات السكنية العادية، بسبب ارتفاع عدد العائلات وأسر الموظفين، وتماشياً مع هذا الارتفاع، تزيد الحاجة إلى خدمات مجتمعية، مثل محال التجزئة والعيادات والمواصلات، ما يعزز الطلب على العقارات متعددة الاستخدامات. وبناء على هذه الاحتياجات، تبرز فرص جديدة للمطورين العقاريين لتوسيع محافظهم الاستثمارية، للدخول في شراكات مع مستثمرين صناعيين، لتوفير حلول متكاملة ترفع من جودة سوق العقارات الصناعية في الإمارة، وتنويع المنتجات العقارية بدلاً من التركيز على نوع واحد، للتقليل من تقلبات السوق.

والأمر نفسه ينطبق على الوسطاء العقاريين لتوسيع تغطيتهم للسوق العقارية نحو العقارات الصناعية، بدلاً من التركيز على العقارات السكنية فحسب.

نمو الرخص الصناعية لا يعني أن دبي تتوسع صناعياً فحسب، بل يعني أيضاً أن السوق العقارية أمام فرص جديدة للنمو والتوسع خارج النطاقات التقليدية، والمطور الذكي أو الوسيط العقاري المطلع هو من يرى في هذا النمو إشارات استثمارية لا تُفوّت، خاصة أن البيئة الصناعية في دبي لم تعد مقتصرة على الصناعات التقليدية، بل تشهد انتقالاً نحو قطاعات مبتكرة مثل التصنيع الرقمي، والصناعات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

@ismailalhammadi

Ismail.alhammadi@alruwad.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

الأكثر مشاركة