كيف يتحرك المال في سوق عقارات دبي؟
إذا تتبعنا جيداً مسار كبرى الصفقات العقارية التي تمت في سوق العقارات بدبي منذ بداية عام 2025، سنجد تحركاً استثمارياً غير تقليدي، يعكس نضجاً لافتاً للسوق، إضافة إلى نضج واضح لدى المستثمرين في فهم ديناميكيات السوق واحتياجاتها المستقبلية. هذا التحرك لا يسير في اتجاه واحد، بل يتوزع على مسارين متوازيين: شركات عقارية تراهن على الزمن وفق رؤية طويلة المدى، وموجة تملك فاخرة يقودها الأفراد، بهدف البحث عن تأمين مكان لهم في المستقبل.
شركات التطوير العقاري، وصناديق الاستثمار الاستراتيجي، وحتى كيانات عائلية كبرى بدأت تتجه بشكل متسارع نحو اقتناء أراضٍ خام في مواقع مستقبلية حساسة، هذه الأراضي ليست في قلب دبي الحالي، بل في مناطق واعدة، حيث تتقاطع الخطط الحكومية مع مشروعات البنية التحتية الكبرى، مثل خطوط المترو الجديدة، ومشروعات التوسّع العمراني المدروس، والمدن الذكية قيد التنفيذ. والهدف هنا ليس المضاربة أو إعادة البيع السريع، بل التأسيس لمشروعات مستقبلية تتماشى مع طلب متوقع على بعد 10 سنوات وأكثر من الآن، وتسعى هذه الشركات إلى بناء بيئات عمرانية واستثمارية متكاملة وتشكيل أفق دبي خلال العقد المقبل.
في المسار الثاني، يتحرك الأفراد من داخل الدولة وخارجها بوتيرة عالية نحو شراء العقارات الفاخرة الجاهزة أو على المخطط في مناطق، مثل «نخلة جميرا»، و«نخلة جبل علي»، و«جزر دبي»، و«دبي هاربور»، و«داون تاون»، و«الخليج التجاري» وغيرها من المناطق ذات القيمة العالية، بدافع البحث عن ملاذ آمن ومستقر للعيش في مدينة باتت مرادفاً للجودة والأمان، إلى جانب الاستفادة من عائدات استثمارية قوية في سوق عقارية أثبت مرونتها العالمية، والرغبة في تثبيت موقع قدم في خريطة دبي المستقبلية، سواء للسكن والتأجير أو لإعادة البيع لاحقاً.
بمنظور تحليلي استراتيجي واقعي بناء على ما تظهره البيانات الرسمية للتصرفات العقارية في دبي، نلاحظ أن الشركات تسير وفق رؤية زمنية، وتستثمر في «السنوات المقبلة»، والأفراد يتحركون وفق رؤية مكانية، ويستثمرون في «المواقع الحالية لكن للمستقبل»، والمساران مشروعان، وكلٌ منهما يعكس ثقة متفاوتة ولكن متكاملة في مستقبل دبي عاصمةً اقتصاديةً وعقاريةً عالميةً.
وعليه يمكن القول إن في سوق عقارات دبي لعام 2025، من يخطط لبناء المستقبل، يشتري الأرض، ومن يريد أن يضمن مكانه فيه يشتري وحدة عقارية، فدبي اليوم لم تعد مدينة فقط، بل أصبحت مرادفاً لمفهوم استثمار، أو بالأحرى أصبحت استثماراً بحد ذاته.
@ismailalhammadi
Ismail.alhammadi@alruwad.ae
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه