خطوة نحو بناء المستقبل
اللغة العربية تُعدّ جزءاً أساسياً من الهوية الثقافية والتراث في دولة الإمارات العربية المتحدة، لذا يسهم توفير الفرصة للأطفال - لتنمية مهاراتهم في اللغة العربية في سن مبكرة - في تمكين الأطفال الإماراتيين والناطقين بالعربية من تعلمها بوصفها لغتهم الأم، ويتيح الفرص للأطفال الناطقين بغير العربية لتعلّمها كلغة إضافية، إذ إن اكتساب خبرات مبكرة في تعلم اللغات، ولاسيما اللغة العربية، له دور مهم في تطوير مهاراتهم المعرفية، وتعزيز قدراتهم على حل المشكلات وفهم الثقافات المختلفة، وتعزيز اكتسابهم مهارات أساسية لنموهم وتطورهم.
وحسناً فعلت الجهات التعليمية في الدولة، بإلزام رياض الأطفال في المدارس الخاصة بتخصيص 240 دقيقة أسبوعياً لتعليم اللغة العربية ابتداء من الفصل الدراسي الأول للعام الأكاديمي المقبل، والتي سترتفع لتصل إلى 300 دقيقة أسبوعياً، بدءاً من العام الأكاديمي 2027-2028، ما يوفر تجربة تعليمية متسقة وعالية الجودة لكل طفل، سواء كان من الناطقين بالعربية أو من المتعلمين الجدد لها، وذلك خلال هذه المرحلة التي تُعدّ من أكثر المراحل أهمية في تطور اللغة.
كما تتيح هذه التجربة للطلبة تنمية ثقتهم بلغتهم الأم التي تربطهم مع ثقافتهم ومجتمعهم ومستقبلهم.
ومن المؤكد أن تعزيز اكتساب الأطفال للغتهم الأم، لاسيما لدى الطلبة الإماراتيين، يُمثّل مسؤولية مشتركة تقع على عاتق أولياء الأمور والمؤسسات التعليمية المعنية بالطفولة المبكرة، والمجتمع ككل.
لذا يجب أن نشجع المنزل والحضانة والمدرسة على القيام بدورها في غرس حُب تعلم اللغة العربية في نفوس الأطفال، ومساعدتهم على اعتبار تعلّمها تجربة ممتعة وشائقة.
تمكين الأطفال من تعلم اللغة العربية قبل التحاقهم بالحلقة الأولى، هو ترسيخ للهوية، وتعزيز للانتماء منذ اللحظة الأولى، وهذا يقتضي أن تكون لغة التحدث في البيت هي اللغة الأم (لغتنا العربية)، حيث أظهرت نتائج كثير من الدراسات أهمية تعلم الطفل لغته الأم قبل الشروع في تعلمه اللغة الأجنبية، وأن وضع الأطفال الصغار في برامج الطفولة المبكرة دون دعم من اللغة الأم، له آثار سلبية عليهم.
كما أكدت دراسات أخرى أن تعلم الأطفال لغتهم الأم من شأنه أن يساعدهم في بناء الأساس الأكاديمي الذي سيسهم في نجاحهم الدراسي والمهني في المستقبل. لغتنا العربية هي أحد أهم مكونات الهوية التي تتشكل بها ثقافة المرء وشخصيته.
*محامٍ ورائد أعمال اجتماعية
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه