العقار.. «الناقل الأمين للثروة»
يبقى العقار صامداً كإحدى أهم أدوات الاستثمار والادخار الأكثر أماناً لنقل الثروة بين الأجيال، في ظل تغيّرات اقتصادية متسارعة في الوقت الراهن، ويمتد أثره عبر الأجيال «الناقل الأمين للثروة»، كما يصفه كثير من خبراء الاقتصاد والتخطيط المالي.
لنفترض أن شخصاً ما بنى ثروة مالية كبيرة خلال حياته، وعند وفاته قرر أن يُورّث هذه الثروة لأبنائه على شكل سيولة نقدية (كاش)، في هذه الحالة، وعلى الرغم من النية الحسنة، فإن التجربة تُثبت أن الورثة في الأغلب يصرفون هذه الأموال خلال فترة قصيرة، فـ«الكاش» بطبيعته يتآكل، وبين الإنفاق الاستهلاكي والتضخم وفقدان القيمة مع الوقت، قد لا يبقى شيء يُذكر بعد سنوات قليلة.
في المقابل، لو حوّل هذا الشخص جزءاً كبيراً من ثروته إلى أصول عقارية وورَّثها لأبنائه، فإن النتيجة ستكون مختلفة تماماً. العقار لا يُستهلك، بل يُستثمر، ويدرّ دخلاً ثابتاً من خلال الإيجار، ويحافظ على قيمته، بل ربما ترتفع مع مرور الزمن. الأبناء بدورهم لن يملكوا «مالاً» فقط، بل «أداة لإنتاج المال»، وهذا هو الفرق الجوهري.
العقار يمنح الورثة نوعاً من الانضباط المالي، فبدلاً من التصرّف العشوائي في الأموال، يصبحون مسؤولين عن إدارة أصل يُنتج دخلاً دورياً، فيمكنهم الاستفادة من العائد الإيجاري في حياتهم اليومية، أو إعادة استثماره، أو حتى تطوير العقار نفسه لزيادة قيمته، وبذلك يتحول إلى مصدر دخل مستمر، وليس مجرد مبلغ يُستهلك.
وهذا ما يجعل العقار وسيلةً مثاليةً لحماية الثروة، ليس فقط من التبديد، بل من التضخم أيضاً. فعلى مر العقود، أثبتت الأسواق العقارية في كثير من الدول أن قيمة العقار ترتفع مع الوقت، ما يعني أن الثروة لا تُنقل فقط، بل تنمو أيضاً.
ومن الزاوية الاجتماعية، فإن امتلاك العقارات، يمنح الأمان والاستقرار للورثة، سواء من ناحية السكن أو الدخل، كما يُخفّض من احتمالات النزاعات العائلية التي قد تحدث بسبب توزيع السيولة، حيث يمكن تقسيم العقارات أو إدارتها بطريقة تحقق العدالة بين الورثة.
يقولون إن العقار هو «الابن البار»، وأقول: «الأب البار»، فالأول هو الذي يُحسن إلى فرد آخر هو أمه أو أبوه، أما الثاني فهو يُحسن إلى الجميع: أبناء وبنات وزوجة، وإذا طبقنا هذا، نجد أنه يُنمي ثروات المستثمرين، ويحمي المُلّاك، ويخلق الوظائف، ويُغذي الاقتصاد بمليارات الدراهم، هو راعٍ وسند، لا يُنتظر منه البر، بل يُمارسه على نطاق واسع، إذاً فالعقار.. هو الأب البار بحق.
في النهاية، العقار ليس مجرد مبنى أو أرض، بل هو وعاء لحفظ الثروة، وأداة لضمان استمراريتها، ولهذا، نقولها بوضوح «العقار هو الناقل الأمين للثروة»، فإذا كنت تفكر في المستقبل، وحماية ما بنيته من تعبك وجهدك، فلا تبحث بعيداً.. فالعقار هو الطريق.
*رئيس مجلس إدارة «شركة دبليو كابيتال للوساطة العقارية»
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه