«الرسوم الدراسية» إلى أين؟

عائشة محمد سعيد الملا

في الآونة الأخيرة، وردني من عدد من أولياء الأمور أنهم فوجئوا بارتفاع غير متوقّع في رسوم المدارس الابتدائية، وقد عبّرت إحدى الأمهات عن ذلك، على حدّ وصفها، بعد أن قاموا بالفعل بسداد الدفعة الأولى أو الأقساط أو عربون حجز المقعد، كما يُسمّى. وقد سبب لهم ذلك إرباكاً، وتحديداً في فترة الصيف، إذ لم يعد أمامهم الوقت الكافي للبحث عن مدارس بديلة بأسعار معقولة، فمعظم المدارس يكون قد اكتمل حجز المقاعد فيها بالفعل. كما أن انشغالهم بالعمل يُقيّد خياراتهم، في حين أن كثيراً من الأسر قد بدأت قضاء عطلتها بالسفر، وبمجرد عودتهم يجدون أن مقاعد الأطفال قد شغرت بالكامل، وأن الوقت قد داهمهم.

يُفضّل البعض عدم تغيير المدرسة التي نشأ فيها الطفل، لسببين رئيسين: أولاً، لأنها قريبة من المنزل، ما يوفّر سهولة في التوصيل، وراحة للطفل. وثانياً، لأن الدراسات الأكاديمية تشير إلى أن تغيير المدرسة يخلّف آثاراً سلبية ملموسة، فقد ارتبطت التنقلات الدراسية بانخفاض مستوى التحصيل العلمي، وظهور مشكلات سلوكية، وغيرها.

كما أثبتت إحدى الدراسات أن الطلاب الذين يغيّرون مدارسهم في مرحلة الطفولة المبكرة يسجلون أداءً أقل في مهارات اللغة والرياضيات، مع تأثيرات اجتماعية وعاطفية طويلة الأمد. ولدينا أيضاً عامل نفسي مهم، فالتبديل المستمر يزعزع الاستقرار العاطفي، ويعيق بناء بيئة اجتماعية تتيح التكيّف والنمو المنتظم.

في ظل هذه المعطيات، بات ضغط ارتفاع الرسوم يشكّل عاملاً مقلقاً، ويضع الأسر في مأزق في وقت حرج، فالآباء مجبرون على الدفع واستكمال العام الدراسي في مدرسة أصبحت فجأة غير ميسورة، أو المخاطرة بالإضرار بتعليم واستقرار أطفالهم بالبحث عن بدائل. وفي المقابل، لابد من حلول منهجية: ضبط الرسوم السنوية للمدارس على المدى طويل، وإلغاء أي زيادات مفاجئة خصوصاً بعد دفع أي عربون، وتحديد لائحة أسعار أكثر انتظاماً للطالب المسجل حالياً في المدرسة بمتابعة الجهات المعنية داخل الدولة.

*عضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر