زوجة أصيلة

الحديث عن المعاملات المادية بين الزوجين حساس إلى درجة كبيرة، وبكل واقعية يصعب على الزوجة الرفض إذا طلب زوجها مساعدة مالية، فتمنحه ما يحتاجه من مدخراتها، وربما تتورط في قرض أو ائتمان بنكي لإنقاذه من ضائقة أو سداد دين عنه.

ومن واقع حالات وقضايا طالعتها، قوبل هذا التصرف النبيل من قبل نساء عدة - معظمهن من جنسيات دول عربية - بجحود وإنكار من قبل الأزواج.

ومن هذه الحالات امرأة ذكرت أنها حصلت على قروض وتسهيلات ائتمانية من بنوك عدة، ومنحت زوجها الأموال حتى يتجاوز أزمة مالية، وذلك بعد أن اتفق معها على سداد الأقساط نيابة عنها.

وبعد فترة قصيرة حدثت خلافات أسرية بينهما، وتركها وحيدة أمام مطالبات البنوك التي لاحقتها حين تعثرت.

الزوجة لم تجد سبيلاً سوى اللجوء إلى القضاء، مستندة في دعواها إلى رسائل «واتس أب» متبادلة بينهما، يتعهد فيها الزوج بسداد الأقساط دون أن يقول صراحة أو حتى ضمناً إنه أخذ منها مالاً.

ولأن المحكمة تستند في تكوين قناعتها إلى ما يقدم إليها من وثائق وأدلة، فقد رفضت الدعوى، وأوضحت في حيثياتها أن الزوجة أفادت بأنها حصلت على القروض والبطاقات البنكية باسمها بناء على طلب من زوجها، لكنها لم تثبت ذلك، فضلاً عن أن الرسائل المتبادلة بينهما لا تدل على مديونيته لها، ولا يوجد عقود أو اتفاقات بينهما تدل على أي التزام.

هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها، وتدفعني إلى مقارنة هذا السلوك بثقافة مغايرة دائماً لدى الغرب، إذ لا يمكن لأي من الزوجين التغول على أموال الآخر سواء كان جبراً، أو بسيف الحياء.

وبالمناسبة ينص قانون الأحوال الشخصية على أن المرأة الراشدة حرة في التصرف بأموالها ولا يجوز للزوج التصرف فيها دون رضاها، ولكل منهما ذمة مالية مستقلة، لكن تظل الإشكالية في تنازلها عن ذلك برضاها.

وبكل صدق، ومن واقع حالات عدة كذلك، هناك رجال كثر يتسمون بالأمانة والنخوة، قد يستدينون من غرباء ولا تمتد أياديهم إلى أموال زوجاتهم، وإذا اضطروا إلى ذلك يصونون العهد والمال.

وهؤلاء الرجال أكثر حرصاً من غيرهم على توثيق هذه الحقوق، لأن الرجل لا يكذب أو يجحد أو ينكر حق زوجة ائتمنته على أموالها، لذا «إذا تداينتم بدين فاكتبوه»، حتى لو كنتم أزواجاً.

*محكم ومستشار قانوني

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

الأكثر مشاركة