«نهاية الأسبوع»: عطلة للراحة أم سباق لإنجاز المهام؟

عائشة محمد سعيد الملا

لقد اختلف مفهوم الراحة بين الأمس واليوم، ففي السابق كانت عطلة نهاية الأسبوع ذات اعتبار لدى العائلة، مساحة للتوقف عن الركض اليومي، كانت تتجلى بالصباحات الهادئة، المائدة التي تجمع جميع أفراد العائلة، لقاءات مع الأقارب، نزهات بلا ضغوط، ولحظات من السكون تُعيد للجسد والعقل توازنهما. كان الناس يجتمعون، والأحاديث تمتد بلا كلل أو ملل، وكانت السكينة تغمر يومين ننتظرهما بشغف.

لكن ذلك المفهوم تغيّر، أصبح كثيرون يجدون نهاية الأسبوع امتداداً لأسبوع العمل، لكن بلائحة مهام مختلفة. تتزاحم الطلبات والواجبات، وتزدحم قائمة المشتريات، وتظهر التزامات اجتماعية أو عائلية لا تنتهي. أما الوقت الذي كان مخصصاً للراحة، فقد تقلّص ليصبح ثانوياً، محشوراً بين المواعيد والمنبهات.

لقد أسهمت التكنولوجيا في طمس الفاصل بين العمل والراحة؛ فالبريد الإلكتروني لا ينتظر صباح الإثنين، والرسائل تستمر في التدفّق بلا توقف، والهواتف لا تتوقف عن إرسال الإشعارات. حتى أوقات الاسترخاء تحوّلت إلى التزام ثابت مع وسائل التواصل الاجتماعي.

المثالية أصبحت تعترينا، فصرنا نهدف إلى الإنتاجية في سائر الأوقات، حتى الأوقات المخصصة للراحة - سوف أستفيد من هذه الدقائق لإنجاز المهمة - أو إجراء بعض المكالمات ورسائل العمل. وبدلاً من أن نستعيد طاقتنا، نجد أنفسنا نصل إلى مساء الأحد أكثر تعباً مما كنا عليه مساء الجمعة.

علينا أن نعي أن الراحة ليست ترفاً، بل ضرورة وجودية، على هذا العالم السريع أن يعيد تعلّم فن التوقّف بهدف التوازن، وعلى عطلة نهاية الأسبوع أن تحتوي على لحظات هدوء، وفرصة للتوقف قليلاً والتأمل، وأن نتعلم «ألا نقوم بشيء» ولو لبضع من الوقت.

الراحة الحقيقية لا تتعلّق فقط بالجسد، بل بالعقل والروح. وربما حان الوقت لنستعيد عطلة نهاية الأسبوع لا كسباق مهام، بل كمساحة للترميم الداخلي، حيث يصبح «اللاشيء» هو أعظم ما يمكننا فعله.

instagram:ayeshamalmulla

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر