بوابة النجوم (2)
نصّ قانون مور (الذي وضعه جوردون مور قبل مشاركته في تأسيس شركة إنتل) على أن عدد الترانزستورات في دائرة متكاملة كثيفة يتضاعف كل عامين تقريباً مع زيادة طفيفة في الكُلفة، وهذا يعني أن قوة المعالجة وكفاءة الرقائق الدقيقة تزداد بشكل كبير مع مرور الوقت، بينما تنخفض كُلفتها مقارنة بقدراتها الرياضية، وهو ليس قانوناً فيزيائياً، بل هو إسقاط لاتجاه تاريخي ومبدأ توجيهي لصناعة أشباه الموصلات، وهو القاعدة الذهبية لصناعة الإلكترونيات منذ نشره عام 1965.
لقد تسارع التطور التقني بشكل كبير حول الحيز اللازم للحاسوب من مبانٍ كاملة إلى أجهزة مصغرة محمولة ومتنقلة، بل حتى تقنيات قابلة للارتداء، وجعل الحواسيب العملاقة، التي كانت أكبر من حجم غرفة، تتحول إلى حواسيب مكتبية عملاقة تعمل بالذكاء الاصطناعي.
كان هذا هو الوضع قبل بضع سنوات فقط، حيث إن تحقيق قوة حاسوب عملاق من الطراز الأول يتطلب استثمارات طائلة ومرافق وموارد هائلة. أما اليوم، وبفضل التطورات السريعة في الذكاء الاصطناعي والأجهزة، فإن مستوى الأداء نفسه يناسب المكتب الشخصي، ولا تقتصر هذه القفزة النوعية على السرعة فحسب، بل تشمل أيضاً سهولة الوصول.
فالمهام التي كانت تتطلب في السابق معدات متخصصة، أصبحت الآن في متناول الأفراد والشركات الصغيرة (من الترجمة الفورية للغات إلى تحليل البيانات المعقدة وغيرهما)، وأصبحت أدوات المستقبل جزءاً من حياتنا اليومية، وباتت مقولة «المستقبل الآن»، أمراً واقعاً.
إن الاستفادة من استثمارات أبوظبي الحالية والدولة ككل في هذه المجالات، درس من دروس تطبيقات القوة الناعمة، وتوجيه الاقتصاد لخدمة الأولويات الوطنية، فتوظيف الاستثمارات، جنباً إلى جنب مع شركات التكنولوجيا والاستثمار العالمية الرائدة لن يقلل المخاطر الاستثمارية فحسب، بل سيعزز مكانة الدولة مقراً دولياً للتقنيات المتقدمة والبحث العلمي.
هل نحن مستعدون لتسخير هذه القوة؟ إن الأدوات التي كانت في السابق حِكراً على المؤسسات النخبوية، وصناعات عسكرية في دول معينة، أصبحت الآن في متناول اليد، وأصبح السؤال كيف سنستخدمها لتشكيل المستقبل؟ وهل ستكون لنا كلمة مؤثرة تصبح قانوناً مماثلاً لقانون مور، لنعيد إسقاط الاتجاه التاريخي ويكون بمثابة مبدأ توجيهي لمستقبل الذكاء الاصطناعي، ليكون باسم المبارك أو بينغ أو البناي أو حتى الشمري؟
وللحديث بقية..
*مستشار إداري وتحول رقمي وخبير تميز مؤسسي معتمد
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه