المصرف المركزي يتصدّر المشهد
في غضون سبعة أيام فحسب من الخبر الذي نشرته «الإمارات اليوم»، حول اعتزام بنوك عاملة في الدولة رفع قيمة الحد الأدنى للرصيد المصرفي من 3000 درهم إلى 5000 درهم، مع ما يستتبعه ذلك من زيادة الرسم الشهري في حال انخفاض الحد الأدنى للرصيد، قرّر المصرف المركزي تعليق الزيادة، وذلك في خطوة أثارت ترحيباً شعبياً واسعاً.
المصرف المركزي أوضح في التعميم المُرسل للبنوك، والذي حصلت «الإمارات اليوم» على نسخة منه، أنه بعد تعليق رفع قيمة الحد الأدنى قرر «دراسة أثر هذه الزيادة في العملاء»، الأمر الذي يعكس دور المؤسسات العصرية، التي تكون رشيقة ومرنة في سياساتها وإجراءاتها، مستمعة لآراء متعامليها بموضوعية، ومقدّرة دور الصحافة في نقل هموم الناس والتحديات التي يواجهونها.
رفع قيمة الحد الأدنى بواقع 2000 درهم يؤثر في ثلاث فئات رئيسة: المتقاعدون، وأصحاب الدخل المحدود، والطلاب، فالمبلغ الذي يراه بعضهم بسيطاً، يُعدّ لآخرين كبيراً، ويؤثر في ميزانياتهم الشهرية، التي كان سيُضاف إليها رسم يصل إلى 105 دراهم في حال انخفاض الحد الأدنى للرصيد المصرفي عن 5000 درهم.
لسنا هنا بصدد المجاملة، لكن حينما تكون هناك ظواهر أو حالات سلبية تضع حملاً على الناس، يكون دور الصحافة أن تتناولها بموضوعية وتوازن، بحيث تصل إلى أصحاب القرار للنظر فيها بما يخدم المصلحة العامة، وكذلك حينما تكون هناك مواقف وقرارات إيجابية، فإنه تجب الإشادة بها، لأنها أيضاً تخدم المصلحة العامة، وتسهّل حياة الناس وترفع من جودتها.
كان بإمكان المصرف المركزي أن يتجاهل، بكل بساطة، ملاحظات المتعاملين، وأن ترفع البنوك الحد الأدنى في مطلع يونيو المقبل، لكن الفارق شاسع بين مؤسسة تعيش في برج عاجي، ولا تنزل إلى الميدان لتلامس تحديّات وهموم الناس، وترفض دور الصحافة البنّاء والاستماع إليها، وأخرى ترى أن الكبرياء صفة غير جديرة بأن تلتصق بالعمل المؤسسي، وأن أساس ومحور عملها وعملياتها هو الناس أولاً وأخيراً، فتعمل طوال الوقت على تسهيل حياتهم.
ردود الفعل الواسعة التي أثارها خبر تعليق المصرف المركزي زيادة الحد الأدنى، تُجسّد المعنى الحقيقي والسليم لمبدأ «الخدمة العامة»، والحكمة في اتخاذ القرارات، ولهذا السبب تحديداً، تصدّر المصرف المركزي المشهد إعلامياً وشعبياً يوم أمس.
لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه