كبار السن يحتاجون إلى خدمات تناسبهم

إبراهيم شكر الله

جهود جبّارة تُبذل من القطاعين الحكومي والخاص في الدولة لرقمنة الخدمات التي تُقدم للجمهور، كما أن وتيرة الاستفادة من عموم التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي متسارعة، بحيث تصبح الخدمات أكثر فاعلية وسرعة واستباقية، وهذا أمر لا غبار عليه، ويعكسه الواقع الذي نعيشه يومياً، إضافةً إلى المؤشرات العالمية كـ«مؤشر البنية التحتية للاتصالات»، الصادر عن تقرير الأمم المتحدة لمسح الحكومة الإلكترونية 2024، والذي تصدرت فيه الإمارات نتيجةً لتسريع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.

ولكن ما يجب مراعاته أثناء هذا التقدم هو وجود فئة كبار السن الذين يفضّلون في حالات كثيرة الطريقة التقليدية في إنجاز المعاملات، والحصول على الخدمات عن طريق زيارة مقار هذه الجهات، سواء كانت حكومية أو خاصة، والتواصل الفعلي مع موظفيها الذين من المفترض أن يكونوا على أتم الاستعداد لإنجاز معاملاتهم على الفور، بدلاً من أن يطلبوا منهم زيارة الموقع الإلكتروني للجهة أو استخدام تطبيقها الرقمي، ما قد يؤدي إلى تعطيل مصالحهم، نظراً إلى عدم إلمامهم بطريقة استخدامها.

الكثيرون من فئة كبار السن لا يجيدون استخدام الهواتف الذكية – أو الأجهزة الإلكترونية المتطورة بصفة عامة – وتطبيقاتها، بل وربما لا يملكون بريداً إلكترونياً حتى وإن كانوا يستخدمون الخصائص الأساسية في هواتفهم كالاتصال والمراسلة، وفي أحيان أخرى الاتصال فقط، وتالياً تهيئة الموظفين وتوفير جميع ما يلزم لإنجاز معاملات هذه الفئة المهمة من المجتمع في مراكز الخدمة لايزالان مهمّين ولا يتعارضان مع التحول الرقمي الذي يفيد شريحة ضخمة من الجمهور.

في استبيان أجرته «تمارا» - (وهي منصة للتسوق والمدفوعات في دول مجلس التعاون الخليجي) عام 2024، وتضمن مشاركة 1700 عميل أغلبهم من الإمارات والسعودية، للوصول لفهم أكبر حول أنماط وسلوكيات الشراء والقنوات التي يفضلونها - أظهرت النتائج أن 50% من المشاركين يفضلون الشراء عبر الإنترنت، بينما هناك 50% آخرون يفضلون وجود الخيارين: التسوق بالمتجر والتسوق الإلكتروني.

هذا الاستبيان - وهو من شركة خاصة وموجّه لفهم أكبر حول سلوكيات الزبائن - قد ينطبق على القطاع الحكومي أيضاً، ويعطي مؤشراً إلى أن وجود المراكز الخدمية لإنجاز المعاملات لايزال مهماً ويخدم مختلف الفئات العمرية، وتحديداً كبار السن الذين يأتون من جيل مختلف، وربما لم يعد باستطاعتهم مواكبة هذا التحول الرقمي الهائل الذي قد تواجه فئاتٌ عمريةٌ أصغر صعوباتٍ في مواكبته وتعلّمه بصورة تامّة.

صحيح أن أفضل الخدمات وأكثرها تقدماً تلك التي تكون سريعة ودقيقة في إنجازها، ولكنها أيضاً المتنوّعة بقنواتها والملبية لاحتياجات مختلف الفئات العمرية والجنسيات، بحيث لا تكون الاستفادة القصوى لفئات معيّنة دون غيرها، وتالياً يصبح مبدأ خدمة العملاء شاملاً ومُرضياً للجميع.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

 

تويتر